حرية الرأي والقدوة الحسنة

*كتب عثمان ميرغني في عموده المقروء بالزميلة التيار “حديث المدينة” تحت عنوان”حالة تسامي حرية الرأي” عن معاهدة صلح الحديبية التي وقعها المسلمون مع كفار قريش، وهو يتناول مسألة تربوية مهمة بشان حشو أذهان الناشئة بالنصوص وحفظها دون التعمق في معانيها ودلالاتها القيمية والأخلاقية.
* أورد عثمان ميرغني تداعيات التوقيع على المعاهدة التي قضت بتعليق دخول المسلمين إلى مكة للعام التالي، وكيف أن الرسول الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم طلب من المسلمين أن ينحروا ويحلقوا تمهيداً لعودتهم.
* الغريب في الأمر عدم إستجابة المسلمين لهذا التوجيه حتى بعد أن كرره أكثر من مرة، حينها أحس الرسول بالحزن ودخل على زوجه أم سلمة ليسألها : ما شأن الناس ؟!! فقالت له ام سلمة : لقد دخلهم ما رأيت .. في إشارة مهذبة منها للقول بانهم عبروا عن رأيهم في المعاهدة، ولم تكتف بذلك وإنما نصحته أيضاً
*لن نتوقف عند هذا المشهد الإنساني الديني التربوي المحشود بالمعاني السامية التي تجسد موقف الإسلام من المرأة ومكانتها التي عززها ديننا الحنيف، لنواصل إعادة قراءة “حديث المدينة” عن تداعيات التوقيع على معاهدة الصلح بين المسلمين وكفار قريش، وكيف أن أم سلمة نصحت زوجها الرسول الكريم قائلة : إعمد إلى هديك فانحره واحلق، فان فعلت فعل الناس.
* إستجاب رسول الهدى لنصيحة زوجه وأتى بهديه ونحره ثم جلس فحلق، فماذا كانت النتيجة.. قام الناس فنحروا ثم حلقوا، هكذا انتهت القصة التأريخية، لكن ما زالت معانيها ودروسها الدينية والأخلاقية والتربوية باقية وهادية ومرشدة لنا.
*أوضح عثمان ميرغني ان هذا المشهد لايعبر عن عصيان للرسول – حاشا لله – وإنما يعبر عن حرية الرأي والتعبير التي كفلها الإسلام، حتى في أمر العقيدة .. من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر .
*خلص عثمان ميرغني إلى نتيجة مفادها أن الرسول الكريم عندما نحر وحلق تحول الأمر إلى إجراء مؤسسي، ولم يشر للمعنى الأعمق الذي جسده الفعل” القدوة”، أي ان على القائد أو الزعيم أوالإمام أن يكون القدوة في الفعل الذي يريد من الناس أن يتبعوه فيه.
*هذه القصة بكل دلالاتها الدينية والاخلاقية والإدارية تقدم لنا درساً في القدوة الحسنة التي ينبغي أن تيدأ بالنفس، لأن الله سبحانه وتعالى لايغير ما بقوم حتى يغيوا ما بانفسعهم، و ان على الزعيم أو القائد أن يكون في مقدمة الفعل الإيجابي.. إبتداء من أعلى المواقع إلى ادناها.
*هذه القصة التأريخية مشحونة بالدروس ، الدرس الاول الذي نتعلمه منها هو إحترام الرأي الاخر وعدم تسفيهه، والدرس الثاني أن على القائد أن يقدم القدوة الحسنة بالفعل لتنزيله على أرض الواقع، إضافة للدرس التربوي الذي نحتاجه أيضاً في إصلاح مناهجنا التعليمية هو ان نعلم الناشئة القيم والمعاني والسلوك القويم بدلاً من حشو أذهانههم بالنصوص الصماء.