مقالات سياسية

الحریة والتغییر {دیمقراطیة اللوبیھات والورش}

محمد صالح / فیینا

آفة العمل السیاسي السوداني منذ عقود ھي الاحتكار، احتكار فئة معینة في أي مؤسسة مجتمع مدني لصنع السیاسات والقرارات، واستخدام عضویتھا وحتى الفاعلین منھم مجرد كمبارس (بالسوداني: بیتموا بیھم الشغل).

في لحظة فارقة من عمر السودان تسنمت الحریة والتغییر مسئولیة الفترة الانتقالیة، مع اتساع عضویتھا من الأحزاب والمؤسسات والنقابات، إلا أن الفئة التي احتكرت كل شيء لا تتجاوز المئة شخص (ممكن أعدھم لیكم واحد واحد)، ھذه الفئة لم تلتفت لأي صوت ناھیك عن أصوات الكتلة الحرجة في ذلك الوقت، إنما تعمدوا أن یتجاھلوا حتى أصوات قیادات في كیاناتھم المختلفة، وقد كانوا لھم من الناصحین شفقة ورحمة، إلا أن سطوة السلطة في ذلك الحین وصولجان الأضواء عمیاء بصیرتھم، فاستمروا في إختطاف القرار وصنعه خارج أطره السیاسیة والقانونیة، ركنوا إلى (الشلة) والصحبة، وتجاھلوا المؤسسیة، حتى ابتلعھم حوت الانقلاب وابتلع معھم وطن كاد أن ینھض، وأحلام جیل صنع ثورة واقتلع دكتاتوریة كانت قد أعجزتھم، لقصر قاماتھم عن ادارك معاني الدیمقراطیة التي یتشدقون بھا لیل نھار. في ذلك الوقت كتبنا عن نقص القادرین عن التمام، بذلنا لھم النصح سراً وجھراً ولات حین مناص.

• ھل تعلموا الدرس؟! اندلعت الحرب وظننا بأن القوم قد یستفیقوا، ولكن ھیھات، فھاھم یستمرون في ممارسة ذات النسق من صناعة الوھم وبیعھ على أنھ رأي جمعي یعبر عن مصلحة الوطن! مازالوا یمارسون نفس أسالیبھم في العمل السیاسي الذي كان حریاً بھ أن ینقذ ما یمكن إنقاذه من الوطن، ویوقف الحرب والدماء أو كما تدعي، فھي أي الحریة والتغییر لدیھا قدرة ھائلة على صنع أجسام وھمیة تحمل أسماء ضخمة تتحایل بھا على واقع یؤكد بأنھا أصبحت لاتمثل الثورة وإن حاولت، وأنھا تفقد ما اكتسبتھ من كسب عرق الثوار من رصید سیاسي ینفذ یوماً بعد یوم، لكنھا لا تتعلم!
بل تواصل في نفس النھج الذي أوصلنا إلى ما نحن فیھ من تھلكة: لا ترید تحمل مسئولیتھا والتخلي عن نھجھا في ممارسة السیاسة في الظلام وخلف الأبواب المغلقة، ولا تثق في شعبھا ولا حتى في عضویة كیاناتھا الُمشِكلة لھا!

• ھل نحتاج أمثلة؟! كل متابع للسیاسة في السودان یعرف أن المشاریع التي تتصارع في المشھد الآن كثیرة ومتداخلة، فنتساءل: ماذا یفعل الساسة الذین یقع على عاتقھم إیجاد حلول تتسم (بالوطنیة) في المقام الأول، مع العقلانیة ومراعاة التمثیل – تمثیل لأوسع قدر ممكن من المكونات الاجتماعیة السودانیة – للخروج من مأساة الحرب إلى مأزق السیاسة؟ لكننا نجد أن اللوبي مشغول بممارسة ھوایتھ في صناعة كیانات ذات أسماء ضخمة، یدیرھا عبر وكلاء أقل ما یقال عنھم أنھم أدوات في ید الحریة والتغییر ُتمرر عبرھم أجندتھا، وأعني ھنا على سبیل المثال: ما ُسمي بالجبھة المدنیة لإیقاف الحرب }واستعادة الدیمقراطیة{، وأي دیمقراطیة فقدنا حتى نستردھا!! ھذه الجبھة التي تم إنشاءھا بتمریر فكرتھا وانطلاقتھا عبر إحدى تنسیقیات لجان المقاومة، لتكون ھذه التنسیقیة ھي الواجھة لتمریر الأجندة التي لا یستطیعون تمریرھا عبر الحریة والتغییر، وحتى یكون ھذا الجسم ھو بوابة الحریة والتغییر الجدیدة لمواصلة الاستھبال السیاسي.

(من ورشة بیروت التي رعتھا ماكس بلانك وشارك فیھا من شارك، مروراً بجدة ونیروبي وحتى المؤتمر التشاوري الجنجویدي في توغو، ولیس انتھا ًء بالورشة التي یتم الإعداد لھا والمزمع انعقادھا أواخر ھذا الأسبوع بأدیس ابابا)، تواصل الحریة والتغییر نفس ھوایتھا بممارسة العمل السیاسي في الظلام وخلف الأبواب المغلقة. من یمول ھذه الورش؟ من یختار المشاركین فیھا؟ وكیف یتم الاختیار؟ من لدیھ القدرة اللوجستیة على إخراج المشاركین في ھذه الورش من داخل الخرطوم، وإیصالھم حیث تعقد ھذه الورش؟ معاییر المشاركین؟ والأھم من ذلك ما الھدف المرجوا من خلفھا؟ جوھر الدیمقراطیة ھو الشفافیة والمحاسبیة، والحریة والتغییر لاتتمتع بالشفافیة، ولا تخضع إلى أي نوع من المراقبة والمحاسبة، فبالرغم من تكرار مطالبنا بالإفراج عن محاضر اجتماعتھم التي انعقدت خلال الثورة وبعدھا، ُتماطل الحریة والتغییر وشركاءھا، ثم تتحایل علینا الآن بنفس الأسالیب القدیمة لتقودنا مرة أخرى إلى نفس المصیر! فما تصنعھ الآن داخل الجبھة المدنیة واستغلالھا لبعض أعضاء لجان المقاومة لن تكون نتائجھ أكثر إنجازاً مما أحدثتھ سابقاً!

• إلى المسافرین إلى أدیس!! إن كان سفركم من أجل مكتسبات الورش من نثریات دولاریة وغیرھا فذلك شأنكم (علیكم یسھل وعلینا یمھل)، أما إذا كنتم تبحثون عن مخرج من مأزق الحرب (فلقد تركتموه خلفكم)!
لن یستقیم الظل والعود أعوج. وإني لكم من الناصحین.

[email protected]

‫3 تعليقات

  1. يا شيخ فيصل كلامك دة لو في ظروف صحية يا اخوي، اما بلد زي السودان كلامك دة ما ليهو طريق. ناس الحرية و التغيير ديل مهما دايرين تحملوهم مسؤولية أفعال المجرمين الحقيقين في البلد دي او اعتقدت انهم كان في مقدورهم فعل كذا و كذا تكون وأهم لانو في البر عوام. الحرية و التغيير جات غشان تشتغل في حقل ألغام و رجل الشارع العادي ما في مقدوره يستوعب ملابسات زي و و عيه ضعيف مهما حاولنا ندعي انو شعبنا كذا و كذا . ليه الكيزان دايما قادرين يؤثروا في الشارع مرة باسم الجهاد و مرة باسم الكرامة ! المفاهيم ضعيفة لدى المواطن العادي عشان كدة منافقين زي الكيزان قادرين يتلاعبوا بعواطف الشعب الطيب و جاي انت يا فيصل بكل تجربتك و سنين العمر ما عارف تقول شنو قدام التهلكة الانحنا فيها دي

    1. ليس هناك من يعادى الحرية والتغيير ويحاول تحميلها كل ما يحدث من انتكاسات لثورة عملاقة كانوا هم رأس الرمح فيها ليس سوى الفلول اعداء الثورة ويتبعهم بغباء لا يحسدون عليه الشيوعيون وحزب البعث المنقسم علي نفسه وهؤلاء سيدفعون ثمن ما جروه علي الوطن بوقوفهم في الجانب الخطأ وهاهي الحرب المجنونة هي اولي ثمار تفكيكهم لوحدة قوى الثورة ولات ساعة مندم

  2. الاخ كاتب المقال، هل تعتقد أن الوقت مناسب للعتاب والمحاسبه؟ ولو انى لا أرى فيما ذهبت اليه من هجوم على قحت اى عتاب بل افتراءات صاغها الكيزان وأخرجها البرهان على مسرح الكذب والتلفيق فى مشاهد تراجيديه مفضوحه . وللأسف تبناها من أمثالك من تبناها وصدقها من صدقها من ابناء الشعب السودانى رغم أن سيناريوهات المشاهد كلها كانت عباره عن تكرار لأزمات مفتعله قدهما البشير على مسرح السلطه وقدهما نميري وبعده سوار الذهب وقبله عبود. لو كان هناك لوم واحد على قحت فهو قبولهم بمشاركه العسكر فى الفتره الانتقاليه ولن اخوض فى تفاصيل هذه الخطوه ف كواليس السياسه بها ما بها مما يخفى على الكثير من الناس. مقابل هذه الخطوه غير المدروسه من قحت كانت هناك عشرات الكوارث التى اتى بها البرهان ومن خلفه شرذمه من تجار الدين كلها كانت تهدف لامر واحد وهو ايهام الشعب بأن الحكم المدنى (عبد الله حمدوك وقحت) فشل فى حفظ الامن ( جرائم تسعه طويله المفتعله من المخابرات العسكريه) وفشل فى النهوض بالاقتصاد (قفل الشرق المفتعل من فلول النظام السابق بقياده ترك) الانقلابات العسكريه ثم معاداتهم الواضحه للجنه التمكين ورفضهم تكوين المجلس التشريعى والمحكمه العليا وغيرها الكثير من الأحداث التى كانت ترمى الى التمهيد لانقلاب الكيزان ولا أدل من ذلك سوى رفض البرهان تسليم السلطه للمدنيين عند انتهاء فتره العسكر فى السيادى ورفضه التوقيع على الأطارى
    سؤالى لك لماذا لا تسمى الأشياء بمسمياتها؟ بدل الهجوم غير المبرر على قحت كان من باب أولى ان تدخر هذا الجهد لتعريه من كان السبب الأول فى قطع الطريق على قحت وحمدوك لمواصله جهودهم فى تنفيذ شعارات ثوره ديسمبر. كان من باب أولى أن توجه قلمك بالنقد لفلول النظام البائد الذين اعلنوا توجهاتهم ومخططاتهم الراميه للعوده الى سده الحكم ولو أحترق كل السودان بمن فيه.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..