قصة آبار ولورا

هويدا حسين أحمد….

مثل كل سنه تدق الساعة الحادية عشر وخمسين دقيقة وهي ترتقب بصمت النافذة يتساقط منها الثلوج وخلفها موقد النار يحرق الخشب ماتبقى من الذكريات، ككل سنة تحتفل بعيد الميلاد المجيد في صمت وهي تزين بنفسها شجرة الميلاد بل و ترتل بكل شوق تلك الأهازيج ..
.
تلك هي (لورا ) التي تخفي أمراضاً نفسيةً كثيرة سببتها لها الحرب وموت أهلها لتهرب في ذلك القارب الصغير هي وطفل صغير تبنته بعد وفاته والدته التي كانت صديقتها..
وتمر الأيام وتنسى ذلك الوهم الذي عصف بها ولكنها لم تنسى كذلك ذلك الألم الذي سببته الحرب لها بقتل من تحب أمامها ….
كانت بداية تشرين حينما التقت لورا بيوسف في مطعم صغير وسط المدينة فهي تقضي معظم وقتها فيه و الذي تمتلكه صديقتها وهذا ما لفت نظر يوسف الذي كان يعمل رسام بالمنطقة المجاورة لهذا المطعم .. أسبوع ويوسف يراقب لورا و عادتها التي لم تقطعها في الجلوس على مقعد امام النافذة وذلك الكمان الذي لم يفارقها ،
مرات عده يرآها و يحاول التحدث إليها ولكن شئ غريب كان يمنعه من التحدث لها ..وحتى إلقاء السلام ، فكانت لورا تخاف من أي رجل ملتحي ونظرتها التي كانت تفضح ما خفى قلبها مما فعله مسلحين ملتحين بمنطقتهم الهادئه من قتل ودمار وسبي نساء ..فلم يخرج من تلك المدينة الهادئة سوى (لورا وصديقاتها ليليان )
مرت سنوات وسنوات ولم يهدأ قلب لورا ولم ينسى ماحدث وبرغم أنها تعيش بسلام مع صديقتها الإ أن آثار الحرب تركت خدش عميق في جدار الذاكره والتي تحاول ترميمه بهذا الكمان الذي كان آخر شي حملته من غرفتها التي كانت تطل على الدير ……وما كان شيئا يهدئها حينما تأتي لها نوبة الخوف والهلع سوي الصلاة والأهازيج التي كانت تخرج من الدير المجاور للمطعم والذي يذكرها بأجمل أيام حياتها وهذا الكمان وحتى ذلك اليوم الذي قدم يوسف لأول مرة إلى المطعم حاملاً معه لوحه وأدوات الرسم كان ينظر للورا وكأنه يراها لأول مرة محاولا إكمال باقي تفاصيل رسمته والذي بدأها من عن بعد .. وما إن لاحظت (لورا ) يوسف يحدق بها تارة وينظر للوحة تارة آخرى حتى رجعت لها الحالة.. لتسقط على الأرض وتصرخ وتتصرف بغرابة. .هلع كل من في المطعم حتى يوسف، منهم من خرج من المطعم ومنهم من كان ينظر إليها من عن بعد ويتألم لأجلها، الإ يوسف الذي ركض عليها وأسرع في حملها محاولا مساعدتها .. كانت تصرخ بأعلى صوت لها لا تقتلني لا ارجوك .. أنصدم يوسف بما قالت بل وتوقف به الزمن على هذه الكلمة .. وتلاشى كل شيء في لحظة حتي الكلام ليعم الهدوء … خرج يوسف مسرعا حتى اصطدم بليليان ….وبذلك كله لم يعتذر ولم ينطق كلمة واحده،،،
وقفت ليليان أمام لورا محاولة التحدث إليها فهي الوحيدة التي تثق بها حتى إستطاعة في إخراجها من أزمتها …. حاولت ليليان معرفة سبب ماحدث لصديقها ولماذا رجعت لهاتلك النوبة بعد مدة طويلة من الزمن فشرحت لها الأخيرة ما حدث وكيف أنها خافت من تحديق الملتحي لها …وبعد ثلاثة أيام رجع يوسف للمطعم ليطمئن على لورا و فعلآ وجدها في ركن المطعم تعزف بنغمات حزينة الكمان بل وتسرح معها لترحل بعيدا إلى السماء حيث تقابل الأحباب هنالك ،لم تكن لورا وحدها من تعاني بل كانت معاناة يوسف أكبر حينما فقد طفليه وزوجته إثر الحرب الأهلية التي حدثت وما إن رأته مرة أخرى حتى توقفت عن العزف وتغيرت ملامحها فبدأ يوسف بتهدأتها …. (أهدئ سأرحل ولم تريني مرة أخرى ولكن بعد أخذ هذه اللوحة ) فترك اللوحة ورحل ..إستعادة أنفاسها من جديد وأكملت العزف ،،، لم تلاحظ لورا اللوحة التي تركها يوسف الإ بعدما أكملت عزفها ،،، صدمتها كانت أكبر حينما رأت الصورة التي كادت أن تنطق من روعتها … أحبتها كثيرا فهي التي غابت عنها شخصيتها الجميله .. إقتحمتها اللوحة وأعادت تلك الدمعة الرمادية إلى نظرة وردية تعانق الأمل وما تبقى من العمر … خرجت مسرعة لتلحق بصاحب الرسمة ولكنها لم تجده .. وبرغم أنه كان قريب منها يراقبها بصمت ليعرف مدى شعورها حينما تعانق شخصيتها الجديدة المرسومة،،،
مرت الأيام سريعا واختفى يوسف بل وحطت الساعات رحالها من جديد لتشغله عن المطعم ومن فيه ..
شهران مروا ومازلت تنتظر عودته تلاحق أسفار أطياف تمر خلال المرسم بل وتسأل الكل عنه فمنهم من قال أنه قتل ومنهم من قال أنه تطوع ولا شئ سوى الإنتظار الذي يدمي القلوب ….. تمنت لورا مقابلة يوسف ولكن دون جدوى الشهران أصبحن سنه وطويت لورا صفحته ….
أستعدت لورا كعادتها للذهاب إلى المطعم ولكن أصوات الدير بالقرب من المطعم أستوقفتها حتى دخلت للتعبد فيه ومامن دخلت لورا حتى سمعت طلقات الرصاص التي كادت أن تنساها وأشخاص يصرخون لم يخطر ببالها بأنه من الممكن بأن يكون كل ما يحدث في المطعم وما إن توقف إطلاق الرصاص حتى خرجوا جميع من في الدير ومن بينهم هي لتشاهد الجثث لم تصرخ لورا بل ولم تنصدم مما شاهدته وكأن صلوتها في الدير الهمتها الصبر والسلوان.. المتناثرة في المكان وطفلها الرضيع حي يلعبها بشعرها تارة ويخرج ثديها تارة أخرى ،،، أخذت لورا ابن صديقتها حاولت تتماسك لأجله فلم يتبقى له غيرها ،،،، خرجت لورا من المطعم مسرعة ومع الضجيج الذي ملأ المكان لعودة المسلحين مرة أخرى هربت إلى الدير من جديد ولكنه حتى الدير لم يسلم منهم ولم يكن امان ،،،، وبعد اسبوع كامل من الحادث قرر ماتبقى من أهالي المدينة الهروب من دوي القنابل وأصوات الرصاص، ،، والمسلحين الذين حولوا المدينة باأكملها إلى مدينة أشباح .. خرجت لورا وابن صديقتها ومجموعة من الأصدقاء المتبقين في قارب صغير لتبدأ رحلة المعاناة لأوروبا. .
كان الجو ماطر وكأن السماء تبكي لفراقهم وحتى الياسمين المتناثرة باتت تبث رائحة غريبة كأنه أصبح يقطر دم ،،
ركبت القارب حاملة معها الطفل واللوحة والكمان ولا شيء أخر يربطها بالمدينة سوى روحا كفراشة ربيع تحوم حول أرواح الأحبة كانت تبكي على كل شئ وكان الرضيع يمسح دموعها بحنان كأنه كان مكملا لها ،،، سمعت صوت في أخر القارب وكأن هذا الصوت ما سمعته من قبل كان يوسف يقرأ القرآن بصوت عال مما أحس الجميع بقليل من الاطمئنان والسكينة ،، ركضت عليه بكل شوق فهو الذكرى الجميلة من أيام المطعم والمدينة الهادئة ،، وقفت أمامه تسمعه وتبكي حتى أكمل باقي السورة وختمها بصدق الله العظيم ،،،جلست بالقرب منه تبكي كما الأطفال وهي تحمل الرضيع في يديها ويبكي معها ،، حاول يوسف كعادته أن يخرجها مما هي فيه فكل من في القارب أصبح جريح مشرد كما الطيور التي غادرت مواطنها ،،
كان يوسف هو المسؤول عن لورا والصغير الذي أسماه( آبار ) حتى وصلوا إلى قبرص وبعد وصولهما هنالك أستقبل يوسف صديق قديم له لكنه رفض تماما إستقبال لورا ولكن يوسف بذلك لم يتركهما رفض بشده إستقبال صديقه ….
مرت الأيام كعادتها لا شئ يرحم في الغربى سوى تمسك يوسف بلورا وعدم تخليه عنها ،، كان كل شئ يوحي بالقهر والوجع فالفراق والبرد والجو الماطرة والطفل الذي في يد لورا يجعل القلب يذبل من الحزن، حتى جاء اليوم وعزفت لورا كمانها
كان يوسف هو المسؤول عن لورا والصغير الذي أسماه( آبار ) حتى وصلوا إلى قبرص وبعد وصولهما هنالك أستقبل يوسف صديق قديم له لكنه رفض تماما إستقبال لورا ولكن يوسف بذلك لم يتركهما رفض بشده إستقبال صديقه ….
مرت الأيام كعادتها لا شئ يرحم في الغربى سوى تمسك يوسف بلورا وعدم تخليه عنها ،، كان كل شئ يوحي بالقهر والوجع فالفراق والبرد والجو الماطرة والطفل الذي في يد لورا يجعل القلب يذبل من الحزن، حتى جاء اليوم وعزفت لورا كمانها وأمامها يوسف يرسم ويحرك يديه مع الاهتزازت التي تخرج من الكمان ،،، كان مزيج رائع مقطع موسيقي ولوحة مذهلة .. دهشة المارة جعلتهم يخرجوا كل مافي جيوبهم من مال ومنهم من رمى لهم معطف ومنهم من رمى ورود ومنهم من وضع طعام ليكون بداية مشروع ناجح بين الأثنين ،،،،، أحبت لورا يوسف كثيراً وبعد سنتين من مجيئهما قبرص قرر يوسف الزواج منها ، وبرغم أختلاف ديانتهم الإ أن الله وفقهما في حياتهما … والأجمل ما في الأمر وجود آبار بينهماكانت حياتهما العائلية جميلة وهادئة إستطاعة لورا التماسك فيها والصبر حتى عمل يوسف محاسب في مصنع للحلويات ولورا معلمة موسيقى في إحدى المدراس ومرت السنوات وكبر آبار أصبح عمره ستة عشر عاما ،كان آبار خلوق مثقف درس الموسيقى والتحق بفرقة موسيقية تجول رحاب العالم و أما يوسف فتزوج بامرأة أخرى وأنجبت منه ثلاث بنات ولكنه لم ينسى لورا بل كانت أيضا زوجته وحبه فكان يجئ إليها في كل ليلة ويعود إلى منزل زوجته الآخرى وحتى بنات يوسف كن يعشقن لورا ولكن هنالك أشياء .. تتلاشى مع الزمن بل وبعدها الوقت عنها ….
وبعد ثلاثة سنوات تغير كل شئ لم يصبح البيت المليئ بأقلام التلوين هنا وهناك كما كان وصوت آبار الذي أدركته الحياة ولم ترحمه الايام أصبح شهر معها وشهور بعيد عنها لترجع لورا وحيدة برغم الزيارات التي تكون مرة واحدة في الأسبوع..، ليأتي العيد وتطفئ شمعة الميلاد من جديد لكنه وحيدة لا أحد يسمع تراتيل كمانها التي تعانق الحزن وتهرب من الذات إلى قلب الذكريات سوى الطيور
تنتظر قدوم يوسف الذي مر أسبوع ولم يأتي وآبار الذي مر أكثر من سنه ولم تسمع عنه خبر ،،،لتعيش على ذكرى انسان بعثره الحرب والوحدة وفراق الأحبه،،،،
انتهى

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..