أصنام النفوس

قبل فترة من الزمن تباهى مسؤول كبير في الحزب الحاكم بعضوية حزبه الذي ذكر أنها تبلغ ملايين عديدة، وبعده قال رئيس النادي الرياضي الكبير أنهم أكبر قوة اقتصادية (ضاربة) في السودان(لم يوضح إن كانت صيغة الجمع تعني النادي أم رئيس النادي)،ولو أرادوا شراء ميسي(قائد منتخب الارجنتين لكرة القدم ولاعب نادي برشلونة الاسباني) لشروه.مسؤول الإتحاد الطلابي قال تعليقا على ما تداولته الأخبار أن الدولة أو حزبها الحاكم قد خصص مبلغا كبيرا لشراء سيارات (كورولا) جديدة لقياداته الطلابية، قال تدليلا على قدرتهم المالية، أن كل عضو في اتحادهم لو دفع جنيها واحدا لاشتروا طائرة إير بص بأكملها.
ولا تعنيني جدلية صحة أو خطل ماذكره هؤلاء ، ولكني أود الوقوف عند ظاهرة تضخيم الذات نفسها، التي أفرزت هذه النماذج من التصريحات. تضخيم الذات ظاهرة مرضية يعرفها علماء النفس بأنها المبالغة في تقويم الذات وتصوير النفس بأنها أفضل الناس،وهي ظاهرة تلازم المجتمعات البشرية بدرجات متفاوتة من الغلو لأسباب عديدة. ويرى عالم نفسي أن بعض الناس يطغى عليهم الأدب واللباقة، فيمتنعون عن البوح صدقاً وحقيقة بما يعتقدونه عن أنفسهم، وآخرون غير أكفاء ويفتقدون إلى مهارات تقييم قدراتهم بدقة، يتحصنون بتلك التوهمات الذاتية. ويقول العالم الأمريكي هورسويل أن الأشخاص الأكثر كفاءة أقل تضخيماً لذواتهم.
تضخيم الذات الذي هو في جوهره رد فعل طبيعي للفشل، تشويه للعقلانية، وإلغاء للآخرين وتفرد بامتلاك الصواب.ويقول الكاتب الخليجي عصام الطائي:” ان مشكلة البشرية هي كثير من الأصنام، واكبر صنم هو صنم النفس، لذلك كان أهل العرفان يقولون: ( ان أم الأصنام هو صنم نفسك )، فلا بد من كل شخص أو حزب أو دولة أو حضارة أن تحطم ذلك الصنم، وهو صنم النفس الذي يسبب تضخيم الذات لئلا يحصل الظلم والطغيان والعدوان على الآخرين.”
ويقول الداعية الدكتور عمر عبدالكافي إن تضخيم الذات ينبع من مرض (الأنا)،وأسبابه عدم تزكية النفوس والخلل التربوي،والنفوذ المطلق،وكثرة المادحين،وأعراضه الإفراط في الإعجاب بالذات، والتعالي على الناس، والمن على الناس،والإستغراق في أحلام اليقظة ،وعدم قبول النصح.
فلا عضوية الحزب الحاكم،أو أي حزب آخر، بلغت أو ستبلغ هذه الملايين، ولا ذلك النادي ولا ناد غيره في جمهورية السودان يستطيع شراء ليونيل ميسي وجلبه لأم درمان (ولو بعد خرف)، حتى لو توفر له مال بيل جيتس، ولا هؤلاء الشباب بوسعهم شراء طائرة الاير بص التي عجزت عن شرائها طيبة الذكر الخطوط الجوية السودانية،والأمر في حقيقته متلازمة من متلازمات التضخيم غير الحميد للذات،الذي يصادر عقول المتلقين.
قبل الختام:
(أعط نفسك حقها.. فلا تبخسها ولا تضخّمها.. فالأول انكسار والثاني انهزام.)
(عبدالله علقم)
[email][email protected][/email]
ربما هذا اثر ارث جيني قديم (ومقشوش غش بائعة اللبن في مطلع رواية عرس الزين) مصدره الشاعر القائل:
《ونحن الحاكمون اذا اطعنا ونحن العازمون اذا عصينا》
《ونحن التاركون لما سخطنا ونحن الاخذون لما رضينا》
』
《وقد علم القبائل من معد اذا قبب بابطحها بنينا》
《بانا المطعمون اذا قدرنا وانا المهلكون اذا ابتلينا》
《وانا المانعون لما اردنا وانا النازلون بحيث شئنا》
《وانا التاركون اذا سخطنا وانا الاخذون اذا رضينا》
《وانا العاصمون اذا اطعنا وانا العازمون اذا عصينا》
《ونشرب ان وردنا الماء صفوأ ويشرب غيرنا كدرا وطينا》
』
《ملانا البر حتي ضاق عنا وظهر البحر نملؤه سفينا》
《اذا بلغ الفطام لنا صبي تخر له الجبابر ساجدينا》
وليس ثمة ذرة اثر لجينه واحدة من الشاعر القائل:
《يخبرك من شهد الوقيعة انني
اغشي الوغي واعف عند المغنم》
يقول العالم الأمريكي هورسويل أن الأشخاص الأكثر كفاءة أقل تضخيماً لذواتهم.
أعط نفسك حقها.. فلا تبخسها ولا تضخّمها.. فالأول انكسار والثاني انهزام.
اديهــــــــــــــــــــــــــم ايوه خليك كده
لاضير أن يشترى بابابشير بوينج 747 لكل طالب مؤتمرى ولكن بعد أن يأكل الشعب ويلبس من ما يزرع ….وبعد أن وأن ….قاتلهم الله أنًى يؤفكون….
نعم السوداني لو ما ضخم نفسو ما سودانب