الحريات الصحفية .. والطعن فى ظل الفيل

عبد المنعم عثمان
بالصدفة ، استمعت الى الندوة التى جاءت بقناة أمدرمان حول الحريات الصحفية . كانت ملاحظتى العامة هى ان مجمل الحديث انصب فى امكانية اصلاح وضع الحريات الصحفية فى اطار النظام القائم ، ان كان ذلك من خلال الاصرار على تطبيق القوانين الموجودة ، وهى كافية حسب الدستور الموجود ، كما يقول الاستاذ عثمان ميرغنى ، او بتعديل القوانين ، كما يقول الاستاذ كمال عمر .
وانا أقول : انه لايستقيم الظل والعود أعوج . فقضية حرية الصحافة مثلها مثل قضايا السودان الاخرى : دارفور والنيل الازرق وجنوب كرفان ? قضية السدود ? قضية الديون ? التضخم والقضايا الاقتصادية الاخري ? الحريات العامة ? النزاعات القبلية ? قضية العلاقة مع جنوب السودان ? العلاقات السودانية الامريكية ? العلاقات مع مصر واثيوبيا خصوصا المسائل الحدودية ..الخ ..الخ . كل هذه القضايا اصبح حلها مستحيلا تحت النظام الحالى . والسبب بسيط وهو: ان هذه المشاكل وبقاءها هى التى تبرر وجود النظام ، أو ان اسلوبه فى ادارة الحكم هو السبب الرئيس فى وجود وبقاء هذه المشاكل .
واذا عدنا الى مسالة حرية الصحافة والحريات بشكل عام ، فاننا نجد ان السبب فى انعدامها فى الواقع هو غياب اسس النظام الديموقراطى الحقيقى ، أو ” غير المدغمس ” بتعبيرات الرئيس . اساس النظام الديموقراطى ، كما يعلم الكل نظريا ، هو فصل السلطات بشكل حقيقى بمايجعل السلطات الثلاث : التشريعية والتنفيذية والقضائية مستقلة تماما بشئونها ، بحيث لا يكون لاى منها وسيلة للتاثير على الاخرى . فماذا نجد فى الواقع السودانى ؟
اذا اخذنا مثالا حيا توضيحيا فربما يكون هو ماحدث بين السلطة التنفيذية والتشريعية فى موضوع ميزانية العام 2016 : عرضت الميزانية على البرلمان فاعترض على زيادة اسعار بعض الاساسيات التى كانت الحكومة تقول بان تلك الميزانية ستكون خالية منها . ووعد الوزير بمراجعة الامر ولكن الرئيس اصر على ان تمضى الميزانية كما هى ، وقد كان !
” نلاحظ هنا تناقض المواقف حتى داخل الجهاز التنفيذى بين الوزير والرئيس !”
مثال آخر : قانون مكافحة الفساد، الذى كان رأى البرلمان ان يضمن رفع الحصانة عن من يتهم ، ولكن الرئيس رأى ان هذا غير مناسب (!) فماكان من البرلمان الا ان رضخ لرغبة الرئيس .
فاذا اخذنا بعض النماذج من العلاقة بين السلطتين التنفيذية والقضائية فاننا نجد الكثير من التعديات التنفيذية على القضائية وليس اقلها ماحدث فى قضية صحيفة الاستاذ عثمان ميرغنى ، حيث التزمت السلطة التنفيذية شكليا بحكم المحكمة الدستورية ، ولكنها عادت لاغلاق الصحيفة من جديد .ثم هناك القضايا التى تحول من محكمة موضوع الى محكمة موضوع أخرى لان نوع الحكم الذى صدر من الاولى لايرضى التنفيذية . وهناك ايضا المبرر العام الذى اشارت اليه الندوة : الامن القومى ، وهو ?كماقالوا- ذومفهوم واسع وغير محدد ، فكما انه من الممكن ان يكون المهدد له هو الحديث عن اسرار القوات المسلحة ، فهو من الممكن ? وبنفس القدر ? ان يكون المهدد هو الحديث عن مزرعة دواجن رئيس لجنة الانتخابات !!
لذلك رفضت قوى الاجماع -عن حق -الوعود التى تطلقها الحكومة عن كفالة الحريات فى الحوار الوطنى ، أو كفالة حق المحاورين من الحركات المسلحة فى المجئ للسودان ثم العودة بكل حرية . طالبت قوى الاجماع ، فى موقف صحيح ، ان تعدل القوانين التى تكفل الحرية ، دون الحوجة الى تدخل الرئيس أو غيره . ذلك لن يحدث الا اذا تم فصل السلطات بشكل حقيقى كما يحدث حتى فى اسرائيل ، التى يمكن ان يقدم فيها رئيس الدولة وهو فى الحكم أو خارجه الى المحاكمة ، ثم يصدر الحكم وينفذ من غير امكانية التدخل من اى جهة كانت !
ومالنا نضطر للذهاب الى اسرائيل ،ولدينا فى تارخ المسلمين مايدل على تحقق استقلال القضاء فى الفترات المضيئة من ذلك التاريخ ، فكلنا يعلم قصة قضية على بن ابى طالب واليهودى . حدث ذلك بدستور مكتوب فى القلوب ، فاصبحنا اليوم فى الدولة ” الاسلامية ” نكتب دستورا جميلا ثم ندوس عليه بالاقدام العسكرية !
ولعله يكون من المفيد ان نتذكر هنا ان عدم احترام القضاء قد حدث ايضا فى عهد ديموقراطى ، وذلك عندما رفض المهدى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية فى القضية المشهورة لطرد نواب الحزب الشيوعى من البرلمان . وذلك لان مسار تاريخ السودان قد تغير ، فى اعتقادى ، بهذا الحدث . فليس انقلاب مايو الا نتيجة له ، ومن ثم كل الاحداث التى تناسلت عنه ، بدء بما حدث فى الجزيرة أبا ، ثم انقلاب يوليو ، مرورا بالغزو المرتزق، كما سماه نميرى …الخ ..الخ وحتى كارثة الانقاذ التى قضت على كل ماانجز مما كان سيؤسس لنظام ديموقراطى حقيقى اساسه فصل السلطات .
وأخيرا ، فانه لم يعد سرا ان كل السلطة اصبحت فى يد البشير ، وكذلك لم يعد سرا انه يستخدم هذه السلطة فقط للحفاظ على النظام وذلك حماية لنفسه من خطر المحكمة الجنائية وللحفاظ على ثروات تابعيه . فهل ينتظر احد ان يكون للقانون والقضاء والتشريع اى دور فى ادارة الدولة السودانية تحت هذا النظام !؟
[email][email protected][/email]
الله لا،،،بارك فيك عامل عيونك
زي القعونجه العافصه لستك ،،،كج
كجيت السودان .
قبّح الله وجهك – من يوم دخلت على السودان ما شفنا منك خير – أقرأ في المقال وأتحاشى النظر إلى هذا الوجه القبيح الشؤم…
الله لا،،،بارك فيك عامل عيونك
زي القعونجه العافصه لستك ،،،كج
كجيت السودان .
قبّح الله وجهك – من يوم دخلت على السودان ما شفنا منك خير – أقرأ في المقال وأتحاشى النظر إلى هذا الوجه القبيح الشؤم…