لا سبيل لوقف الحرب إلا بالتفاوض ، ولا سبيل للسلام إلاّ بالتوافق

إبراهيم سليمان
ينسب إلى الرئيس البرازيلي لويس لولا دا سيلفا قوله “يمكن الفوز في الحرب منفردا، لكن السلام ، السلام الدائم ، لا يمكن الفوز به أو ضمانه بدون توافق الجميع. “فالحرب والتي توصف “بالكريهة” قد اندلعت ، وهي كريمة للمواطن المغلوب إلى أمره ، وكنا نظن أننا بمعزلٍ عنها ، وبمنأى عن مخاطرها ، والآن يتوجب على الحادبين على سلامة الأرواح ، والمشفقين على حال ومآل حال البلد ، ممن يتوسمون الشفاعة لدى طرفيّ النزاع ، الفريق عبدالفتاح البرهان والفريق محمد حمدان دقلو ، ألاّ يدخروا جهدا ، في السعي بينهما من أجل الجلوس للتفاوض ، دون مكابرة ، ودون اغترار بما يتمتع بها كل واحدٍ منها من صفات وعتاد.
التاريخ السياسي السوداني شاهد على أنّ كافة النزاعات المسلّحة في السودان ، حُسمت ولو مؤقتا على طاولات المفاوضات ، وليست على ساحات المعارك ، وما نشهدها الآن لن يكون استثناءً ، فمن العقل والحكمة ، أن تبدأ هذه المفاوضات اليوم قبل الغد ، لتقليل الخسائر في الأرواح والممتلكات والبنى التحتية.
لدى كلٍ من طرفي الصراع المسلّح الدائر الآن ، مؤيدين معروفين ، وهنالك رموز مجتمعية معروفة تحظى بالتقدير والاحترام ، عليهم الشروع الفوري في تكوين تكتّل (دعاة وقف الحرب وإحلال السلام) وساطة قومية تضم تمثيل لكافة المكونات السياسية والاجتماعية والأكاديمية .. الخ ، والإصرار على إحضار البرهان وحميدتي إلى طاولة المفاوضات ، بأية صورة.
قتلت مئات الآلاف من الأنفس السودانية في حرب الجنوب ، وفي نهاية المطاف فُصل الإقليم ، وأزهقت أرواح عددا مضاعفا في حرب دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق ، وفشلت كافة الأطراف في الفوز بالنصر الكاسح ، ووجد قادة الحرب وتجارها أنفسهم مجبرين على التفاوض، وتوقيع اتفاقيات سلام أوقفت الحروب ولو مؤقتا ، لتندلع بصورة مباغتة ، بين المكون العسكري في الخامس عشر من أبريل الجاري ، ونجزم أن كل منهما وجد نفسه في ورطة ، غض النظر عن من أطلق الرصاصة الأولى ، وعلى الأرجح ، أنهما يبديان الممانعة ، والتعّنت ، وهما راغبان في التفاوض. وعلى الحادبين التحرك الفوري، وعدم الاستسلام للعقبات المتوقعة.
المنتصر الفردي ، إن لم يوقّع اتفاقا عادلا وملزما ، قد يجد نفسه ، جالسا على كرسي المهزوم ، ويشرب من نفس الكأس ، فالزمن دوّار ، والقوة لا تدوم لأحد ، ويقال أن التاريخ يكتبه المنتصر ، لكن في عالم اليوم ، وفي ظل خضم تعقيدات المشهد الماثل في البلاد ، قد يكون النصر المؤزر ، مثل العنقاء والخل الوفيّ ، لذا من الضروري الحرص على توافق كافة الأطراف الرئيسية، عسكرياً ومدنياً ، وإلاّ ظل السلام مفقودا ، هذا ما توّصل إليه الرئيس البرازيلي المخضرم ، لولا دا سيلفا.
على تكّتل الوسطاء (دعاة وقف الحرب وإحلال السلام) أن يسّرع الخطى ، قبل التدّخل الدولي المباشر في الأزمة السودانية ، لوقف المواجهات ، وترسيم منطقة خضراء في وسط الخرطوم على غرار ما حدث في بغداد ، لا تسمن ولا تغني من جوعٍ ، وعلى الذين يتكئون على الشرعية ، ويوزعون صكوك الوطنية والتخوين ، أن يتذكروا أن حركة طالبان تحكم أفغانستان الآن وهي حركة متمردة ، وعبدالملك الحوثي يسيطر على صنعاء ، وأنّ خليفة حفتر يحكم النصف الشرقي من ليبيا ذلك أن امتلاك الشرعية وحدها ليس كافيا لتحقيق النصر ، رغم أنّ طرفي النزاع ، هما إنقلابيين ، فاقدا الشرعية.
يقول المثل الشعبي “لا تلاوي الحجّاز” .