مقالات وآراء

لُعْبَة مَكْشُوْفَة: الحركة الإسلامية وخاصية البيات الصيفي: (٢-٣)

بيتر نقور رانق أشيرين

موسم الهجرة إلى الجنوب:
قبيل إنتهاء الفترة الانتقالية المؤسسة بحكم إتفاقية نيفاشا لحل قضايا السودان و التي عمرها ست سنوات، دخلت الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني في دوامة اجتماعات مكثفة، مرهقة و مهمومة لتحديد مستقبل السودان ومصيره، وخاصة في البند الذي يعطي شعب جنوب السودان الحق في تقرير مصيره عبر استفتاء شعب عام يختار فيه الشعب ما بين الوحدة والانفصال، و حول ماذا لو صوت الجنوبيون على خيار الانفصال.

و بعد جهد جهيد توصلت الحركة الإسلامية و المؤتمر الوطني الى نتيجة مفادها أن يذهب الجنوب غير مأسوفا عليه. و انتظروا نتيجة الإستفتاء كتحصيل حاصل بعد أن ثبتوا موقفهم من النتيجة. وأعتقد المؤتمر الوطني أن ذهاب الجنوب بما حمل سيتيح لهم فرصة التفرد بالسلطة في السودان الشمالي دون معارضة شرسة و معتبرة، كما سيمكنهم ذهاب الجنوب من نشر أفكارهم الإسلامو سياسية بسلاسة حتى يصير السودان نموذجا و مضربا للمثل لحكم إسلامي مثالي في العالم. لم يدرك المؤتمر الوطني و هو يضع خطته هذه،أن القدر يحدق بهم من زاوية ما. وبعد وقت ليس بكثير فوجئ المؤتمر الوطني وإذ بقدر ماثل أمامهم اجبرهم ذلك القدر على ترك السلطة و الجاه، و زج بمعظمهم في السجون، و ذهب عنهم بعيدا الجنوب و السلطة معا.

مصير الإسلاميين الجنوبيين بعد الانفصال:
تنقسم الحركة الإسلامية و المؤتمر الوطني الجنوبيين الاسلاميين إلى ثلاثة أقسام:
١.سلاطين المؤتمر الوطني: هؤلاء ليسوا حركة إسلامية بالفكر و البرنامج، و لكنهم قادة لمجتمعاتهم يستخدمهم المؤتمر الوطني في التعبئة الجهادية و التشويش لكسب بعض المواقف. وهم يعتبرون أنفسهم مسلمين من أجل الحصول على لقمة العيش، و المؤتمر الوطني يعلم ذلك جيدا. هؤلاء السلاطين تم طردهم من قبل المؤتمر الوطني من الخرطوم بعد نتيجة الإستفتاء مباشرة، لأنهم ليسوا بالمسلمين و لا حركة إسلامية حتى.

٢-كوادر الحركة الإسلامية من الجنوبيين: يشكلون الفئة المتعلمة والمستنيرة من الشيبة والشبان الذين إنضموا و بايعوا الحركة الإسلامية عند إتيانها إلى السلطة عن طريق الإنقلاب في ليلة ٣٠ يوليو ١٩٨٩م.
عملت هذه المجموعة وبصورة وثيقة مع المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية بكل طاعة، وإخلاص، والتزام، حيث اشتركت هذه المجموعة مع الإسلاميين في التعبئة الجهادية ضد اشقاءهم في الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان، بل وقد قاد البعض منهم كتائب جهادية إلى الجنوب، وكانوا يتوالون بكل الاريحية على قيادة حزب المؤتمر الوطني قطاع الجنوب. هذه المجموعة مازالت الحركة الإسلامية تتمسك بها وتضعهم في عين الاعتبار، كما يتمتعون باحترام فائق وتقدير وسط جماهير الحركة الإسلامية في السودان. (اللبيب بالإشارة يفهم، لماذا الاحتفاظ بهم بعد الانفصال).

٣-المليشيات : و يعتبرون اليد اليمنى للحركة الإسلامية في السودان، و خاصة أثناء حربها الجهادية ضد الجنوبيين، فكانوا بمثابة حماة البترول، و عبرهم استطاعت الحركة الإسلامية إستخراج النفط في غرب نوير ولاية الوحدة و شمال أعالي النيل. لعبت هذه المليشيات دورا سلبيا في زعزعة الأمن و الاستقرار في كل من ولاية الوحدة، ولاية شمال بحرالغزال، ولاية غرب بحرالغزال، و ولاية واراب، في تسعينيات القرن المنصرم. هؤلاء تم استيعاب البعض منهم في الجيش الشعبي لتحرير السودان وفق بند الترتيبات الأمنية لاتفاقية نيفاشا، وتاه البعض منهم في غبار الزمان العنيد. و أحتفظ المؤتمر الوطني ببعض الآخر لشئ في نفس يعقوب.

موسم الهجرة إلى الجنوب:
كما ذكرنا سالفا بأن السلاطين قد تم طردهم من الخرطوم، الآن عادوا إلى أسرهم في مناطقهم. وتم استيعاب معظم الميليشيات حسب بند الترتيبات الأمنية لاتفاقية نيفاشا.
أين سياسيو المؤتمر الوطني اذن؟
اما سياسيو المؤتمر الوطني قطاع الجنوب، فقد انقسموا إلى مجموعتين:
أ- المجموعة الأولى: هي مجموعة فكرية برامجية ما زالت تتمسك بأطروحات الحركة الإسلامية وتؤمن بفكرها ومبادئها. وهؤلاء اعتكفوا في دار حزب المؤتمر الوطني بالجنوب، ولم تنضم لأي من الأحزاب يسارا أو يمينا.
ب- المجموعة الثانية (مجموعة السلطة والجاه):
ركبت هذه المجموعة على ظهر دابة تسمى بصلة القرابة، ثم استقلت هذه الصلة بمهارة فائقة جدا، طورت من خلالها علاقات أسرية متينة في محاولة جادة لبلوغ غاياتها. ثم اختارت المجموعة سبل وأساليب مناسبة ومقبولة لنوع ما لدي قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان، فاستطاعت ذلك وتم اختراق الحركة الشعبية من قمتها، وحصل (جكوك) الحركة الإسلامية في ج السودان على ما كانوا يسعون إليه.

ثم بعد ذلك توغلت المجموعة إلى العمق حيث المطبخ والقرار السياسي. فعملت على إزاحة المناضلين والمحاربين القدامى من مركز اتخاذ القرار، وبمساعدة من أهل البيت، بيت الحركة الشعبية وبمساعدتهم فقط، استطاعت مجموعة الحركة الإسلامية من إزاحة هؤلاء المناضلين، ليضاف هي الأخرى إلى إنجاز الاختراق. ومن هنا جاءتهم الشعور بالارتياح، حيث استلموا كل البيت ودخلوا المطبخ السياسي في البلد، وبدأوا يحددوا ما يمكن طبخه وما لا يمكن.
وفي خطورة أخرى لا تقل عن الثانية شأنا، إني أرى أيديهم ممدودة ومشدودة نحو الثروة ومصادر الثروة في البلاد، ليستولوا عليها هي الأخرى، وما زال قومي هجودا نياما، لا آذان صاغية ولا بال يتحسس بقدوم خطر محتوم وقد دنا.

لماذا الخوف من هؤلاء:
هؤلاء هُم حركة إسلامية وأغلبيتهم لا يدينون بالإسلام، ويفترض أن تكون حركة إسلامية فبالضرورة أن تكون مسلما، لماذا لأن هذه الحركة حركة عقائدية سياسية ترمي في أهدافها إلى إعادة تأسيس دولة الخلافة وب
الأحرى إحياء دولة الرسول بمكة تسري فيها قوانين الشريعة الإسلامية والتي مراجعها القرآن والسنة.
وأتحداكم أن يعلم ٨٠% من هؤلاء معنى دولة الخلافة التي ينشدونها بمن فيهم كبيرهم. فما الفائدة إذاً من انضمام هؤلاء ومبايعتهم للحركة الإسلامية. وهنا يأتي الخوف من جماعة، لا تفهم في السياسة إلا السلطة من غير مشروع او فكر او مبدأ، جماعة لا تهمهم تقدم الدولة أو بقاءها خلفا، مجموعة تبايع السلطة وملذاتها ولا تبالي بجوع الآخر لطالما موائدهم مليئة بكل ما طاب وما يشتهيه أنفسهم.

مجموعة لا تؤمن بالثوابت بل الثابت عندهم هي السلطة، والسلطة عندهم نهب موارد الشعب، ومعارضتهم تعتبر معارضة لله عزٌ وجل. مجموعة من أجل السلطة إما ترق منهم دماء أو ترق منا دماء أو ترق كل الدماء.
فكيف ترجون منا أن نكن لهؤلاء احترامنا العفيف.

‫3 تعليقات

  1. لا يا اخي هؤلاء منكم وإليكم وعليكم التعامل معهم بالنفس الديمقراطي الرشيد ولا تكونوا مثل جماعتنا الذين سرقوا الثورة وقسموا الشعب إلى ثوري وغير ثوري فلم يستطيعوا ان يتقدموا شبرا واحدا بهذه السذاجه السياسية.

    1. انت كوز جاهل … زول بحلل فى ناس بلده وهو فاهم المشكلة وبطرح فى الحلول … انت تقول ليه لا لا ….

    2. ههههههه برز الكوز يوماً في شعار الواعظينا ،،، فمشى في الأرض يهذي ويسب الماكرين ،،، ويقول الحمد لله إله العالمينا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..