قوات الدعم السريع : لاعب جديد فى المشهد السياسى

عبد الله رزق

ثمة مايشبه حالة فراغ فى السلطة ، ناتج عن مرض الرئيس، تملأه الشائعات والقلق، والترقب ، اثر نشر قوات الدعم السريع فى محيط العاصمة ورفع استعداد الشرطة للحد الاقصى. فى الوقت الذى وصلت فيه مساعى الخروج من الازمة عبر بوابة الحوار الوطنى الى طريق مسدود باعتقال السيد الصادق المهدى، ابرز القوى المراهنة على الحوار والتقارب مع النظام. ماأثار قلق المجتمع الدولى ، ممثلا فى الاتحاد الافريقى ، والذى راهن بدوره، على الحوار الوطنى ، كطريق لخروج السودان من ازماته، بمافى ذلك حرب المنطقتين ، التى يعمل الاتحاد ، عبر وسيطه ثابو مبيكى ، على تسويتها عن طريق التفاوض بين طرفى الحرب.

وفى سياق هذا التراجع والارتداد عن مسار الخروج من الازمة ، هدد وزير الاعلام باغلاق المزيد من الصحف، بعد ايقاف صحيفة الصيحة، فى مؤشر واضح نحو انعطاف للتضييق على الحريات.

ويبدو امر ايقاف الصحيفة مثيرا للتساؤل . فهى لم تتطرق الى القوات المسلحة او الدعم السريع او غير ذلك مما يصطلح على تسميته بالخطوط الحمراء. فقد نشرت الصحيفة اتهامات موثقة بتجاوزات فى بعض الاراضى، واعطت الفرصة للشخص المعنى للرد، وفق مايقرره القانون، ومع ذلك فقد استخدم حقه القانونى ، فى مقاضاة الصحيفة. وقد بدات اجراءات قانونية بالفعل، الامر الذى يفرض انتظار ماتنتهى اليه. وماقد تقرره المحكمة.

اما استباق هذه الاجراءات القضائية بوقف الصحيفة فليس له مايبرره، غيركونه مسعى لايقاف نشر المزيد من الفساد الموثق. .

ويتضامن ايقاف صحيفة الصيحة مع اعتقال الصادق المهدى فى تكوين معالم الازمة فى مرحلتها الراهنة، واهم عناوينها الردة عن الحوار الوطنى ووعود الحريات، واعتقال البلاد فى مربع الازمة. ولاينعزل ذلك عن فرضية الصراع الداخلى بين مراكز القوى ، والذى ربما كان غياب الرئيس عن مطبخ صناعة القرار حافزا لاستعاره، فى شكل فضح متبادل للفساد.

فى وقت سابق وفى ظروف مماثلة ، شغل القائمون على الامر ? وفى غياب الرئيس أثر وعكة صحية أيضا- الرأى العام بالكشف عن محاولة انقلابية فاشلة يتزعمها العميد ود ابراهيم ، واضيف اليه لاحقا، الفريق صلاح قوش، مدير جهاز الامن والمخابرات السابق.

غير ان هذه المره، شهدت نشر قوات الدعم السريع ، التابعة لجهاز الامن والمخابرات الوطنى ، وبالتالى، قطع الطريق امام احتمال ظهور ود ابراهيم جديد او قوش آخر، ضمن محاولة محملة للانقلاب على السلطة.

ان استدعاء هذه القوات من مناطق العمليات فى جنوب كردفان ودارفور ، ونشرها فى العاصمة لايخلو من دلالة . فهو مؤشر الى تغير فى طبيعة الصراع الاساسى وميدانه. وبافتراض وجود صراع بين الصقور والحمائم ، فى داخل النظام ، بدلالة الاضطراب فى الموقف من كثير من القضايا، وعلى رأسها قضية الحوار الوطنى ، فان استدعاء القوات يهدف الى ترجيح كفة احد طرفى الصراع على الاخر. وبالنتيجة ، الزج بهذه القوات فى حلبة الصراع السياسى حول السلطة، كلاعب جديد فى الميدان.

منذ اتفاقية نيفاشا، وابوجا واسمرا والقاهرة والدوحة ، وغيرها من الاتفاقات التى تم عقدها مع العديد من الحركات المتمردة ، فان تلك الاتفاقات ،لم تُحدث تغييرا جوهريا فى بنية السلطة السياسية ، المنبثقة من انقلاب 30 يونيو 1989، كنظام عسكرى ، ظل يعتمد كليا على القوة العسكرية ،ويرهن تطوره على مكانيزمات ، مرتبطه بجوهره كنظام شمولى، خاصة فيما يتعلق بركيزته الاساسية . فالحركات المسلحة ، ومليشياتها ، لم تشكل غير ملحقات عسكرية ? سياسية ، بلا أثر ملموس ،واتخذت اهم التغييرات فى صفوفه طابع الانقلاب او الحركات التصحيحية ، حسب التعبير الشائع فى وصف الانقلابات المضادة .ابرز تلك التغييرات الاطاحة بالدكتور الترابى ، مهندس الانقلاب نفسه.

وقد تم التخلص لاحقا ، وبنقلة واحدة، مما عرف بالمجموعة الامنية ، بقيادة على عثمان، التى اشرفت على الانقلاب وتأسيس حكم الانقاذ، بالتحالف مع العسكريين ، فى مواجهة الجناح المدنى ، الذى كان يجتمع حول الدكتور حسن الترابى .

وأدت التطورات ، اللاحقة ـفى مسيرة النظام منذ ايامه الاولى، الى اضعاف الحزب، الجبهة الاسلامية القومية ، الذى دبر الانقلاب ، وتذويبه فى النظام فى سياق صراع ، انتهى بتغلب العسكريين على المدنيين، وسيطرتهم التامة على الوضع.

يعتبر حضور قوات الدعم السريع ، فى مركز الاحداث السياسية ، عنصرا جديدا، فى الصراع السياسى ،فهو مؤشر الى ان الصراع قد بلغ مستوى ، يهدد بالانفجار، وان الاوضاع توشك ان تفلت. لايتعلق الامر بنمو المعارضة الشعبية فى الشارع ، او المسلحة فى دارفور وجنوبى كردفان والنيل الازرق ، بقدرما يتعلق بتنامى الصراع داخل النظام ، مع تزايد الازمة العامة وتفاقمها. فانهيار النظام من داخله ، يبقى احد الاحتمالات، التى تصطف الى جانب خيارات الانتفاضة، وغيرها من الرهانات السياسية.

فقد أكدت المحاولة الانقلابية ، المتهم فيها العميد محمد ابراهيم عبدالجليل ، المشهور بود ابراهيم ، وكذلك اقالة الفريق صلاح قوش ، والقبض عليه وتقديمه للمحاكمة فى اتهامات مماثلة، الى جانب انشقاق دكتور غازى صلاح الدين العتبانى ، ان ثمة تآكلا قد حدث فى ولاء الركائز الاساسية للنظام، العسكرية والامنية والسياسية، او انها لم تعد ? من جانب النظام ? محلا للثقة. وتأتى القوة الجديدة ، فى اطار اعادة ترتيب شاملة لتلك الركائز، ممايعطى للقوات، دورا جديدا فى الوضع السياسى، وتطوراته اللاحقة

تعليق واحد

  1. كلام جميل وتحليل منطقى ,لكن الظاهر ان نافع على نافع الميكافيلى الجاهل الذى ادخل اساليب التعذيب اللااخلاقية ومؤسس بيوت الاشباح قاتل ابناء المدارس فى مظاهرات سبتمبر بواسطةقوات الجنجويدوعندما انتشر الفسادوعم كافةمرافق الدولةوطال كافة رموز النظام واحتقن الموقف السياسى وبلغ تذمر الشعب واحساسه بالضيم والظلم مداه جاء نافع ليثبت لنا انه لم يكن مبعدا وانما كان متحرفا لقتال وجاء بجنجويده وبدا باعتقال الصادق المهدى ليعلم الجميع ان لا كبير على القانون وليذكر الشعب السودانى ماساة سبتمبر وانه لن يتوانى فى تكرارهاوهذا يؤكدان هذه هى القوة الت قتلت ابناءنا وبناتناالعزل لا لسبب سوى انهم تظاهروا احتجاجا على الغلاء وعدم القدرة على مقابلة ابسط مقومات الحياةوهى نفس القوة التى يفترى بها نافع على القوات المسلحة ويستفذها بها ناسيا او متناسيا ان القوات المسحةظلت تحارب لاكثر من ستين سنةلم تفرط فى شبر من ارض الوطن الذى مذقتوه شر ممزق. لق ا ستاثر انصار النظام واهليهم بكافةموارد الدولةوقد انكشف المستور وظهر الفساد فى البر والبحر وتهاوت بسببه صروح كانت شامخة قبل مجيئ الجبهة الاسلامية:الخطوط الجوية السودانية ,مشروع الجزيرة ,الخطوط البحرية السودانية,السكك الحديدية, وانهار الاقتصا د فى دولة تذخر بامكانات اقتصادبةهائلة وتعتبر سلة غذاء العالم.

  2. اسباب دخول قوات الدعم السريع :
    1- في حالة غياب الرئيس ( أثناء العملية الجراحية) الحكاية فيها تخدير.أكيد الحكاية حتجوط.
    2- كان متوقع بعد اعتقال السيد الصادق المهدي أن تتحرك مليشيات الأنصار- وبرضو الحكاية حتجوط
    صاح والا ماغلط..

  3. الحوار ثم الحوار لا مخرج للسودان من الازمات مالم يتم الاتفاق على صيغة محددة لحكم البلاد هذا كلام رجل عايش كل حكومات السودان من ديمقراطياتها الى عسكرياتها

  4. قوات المرتزقة (الجنجويد) لم تدخل الآ ن كطرف جديد في المعادلة .. هي دخلت المعادلة الكبيرة (ومش الصغيرة في الهامش) من يوم إستجلاب فلوها من مالي إلى دارفور بعد هزيمتها من الفرنسيين.

    و(مفكرينا) لم يدركوا مآلات تلك الخطوة الواضحة التي كانت تعني ببساطة تكوين ملاذ أخير من القوة للنظام (ضد الكل) .. لم يدركوا ذلك إلا عندما دخلت تلك القوات الخرطوم !!

    المرتزقة الجنجويد أثخنوا في السودانيين البرياء في جنوب كردفان وشماله ودارفور الكبرى كالوحوش الضارية .. برضو (مفكرينا) لم يدركوا وظيفتها الكلية ودخولهم طرفاً في المعادلة إلا عندما دخلوا الخرطوم!!

    بالله دى يسموها شنو ؟؟ بلادة؟ .. سذاجة؟ .. قنابير كبيرة ؟ .. قرف؟؟

    بئس المفكرين..

  5. قوات الدعم السريع سيكون لها دور حاسم في كل الصراعات سواء كانت داخل المنظومة الحاكمة أو الجبهات المعارضة شئنا ام أبينا . السؤال الملح دائما ما هو موقف القوات المسلحة (الجيش السوداني)من الذي يحدث مؤخرا ببلادنا الأرملة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..