أخبار السودان

ياهو … النتن .. مهما يكن ..!

درج أهل السودان حينما كانت السرقة إستثناءاً نادراً في ذلك الزمان على عمل زفة معتبرة لمن يقبض في السوق مثلاً متلبسا بجرم اللصوصية .. فيتبعه الناس الى مركز الشرطة وهم يهتفون.. ياهو ياهو ياهو .. وصاحبنا منكس الرأس مستسلما للصفعات و اللكزات و هو يلعن في سره وبين رجفة الهلع و أنكماشة الخجل ذلك اليوم الذي جعله حراميا !
الآن السرقة أصبحت هي القاعدة العريضة فتبدأ من أعلى قمة الذين يفترض أنهم الجهة التي تحاكم من يقترب من حقوق الغير خاصة العامة منها ..و عامة الناس باتوا في كل المجالس و الأسافير في زفة الإستنكار العام وهم يهتفون .. ياهم .. ياهم ياهم وليس ياهو لواحد فقط .. وإنما لمن لا يخجلون من فعائلهم التي يتباهون بها ويمدون لسانهم لكل هذه الزفة التي ملاء هديرها أفاق الزمان وبراحات المكان !
أمس خرج الإسرائيليون في زفة علنية وهم يقتادون رئيس وزرائهم بنيامين نتياهو .. ويهتفون خلفه ياهو ياهو الى أن دلف الى قسم التحقيق في أحد مقار الشرطة التي يراسها بحكم منصبه .. فلم ينتصب له أحد من عساكرها ليحيه ولم يهرع والي تل أبيب أو وزير العدل التابع له ليضمنه .. بل جلس كأي مواطن عادي للإجابة على أسئلة المحقق على خلفية تهمة تناقلتها جهات ما بأنه تلقى رشىً أو هدايا من رجال أعمال ولتتأكد الجهات التي تحقق معه إن كان تلقاها مقابل خدمات ردها الرجل الى مقدميها مستغلا منصبه كرئيس للوزراء !
لا نمجد بالطبع نزاهة الإسرائيلين أو سمو أخلاقهم الإنسانية على إطلاقهم كبشر أو كساسة وحكام فهم مهما يكن متعجرفون و محتلين وقتلة كصهاينة بالدرجة الأولى .. لكن لا يمكن أن ننكر أنهم يعلموننا كعرب يحكمنا من لم نختارهم بحر إرادتنا على خلاف حكامهم وفي كل يوم درسا في إحترامهم كحكام منتخبون دستورياً ويمتثلون للقانون الذي تضعه دولتهم فيتساوى رئيس الوزراء أو رئيس الدولة أو الوزير مع أصغر عامل أو خفير ..ويسلم دقنه لجهات التحقيق متواضعا متى ما طُلب منه الحضور الى مركز الشرطة .. ولا يستبق كلمة القانون فيصرح بأنه مستهدف أو أن موامرة تحاك ضده أو يصف من إتهموه بالعمالة أو الخيانة الوطنية .. مثلما رمى محمد حاتم سليمان رفاق الأمس الذين جرجروه الى سوح العدالة في غمرة تباين المصالح الذاتية بينهم ولم ينطق بكلمة واحدة يشكر فيها عدالة سلطته المدجنة التي برأءته قبل أن يدلف الى قاعاتها وبتأثير مباشر من أعلى جهة حينما عُهد اليه بالتقديم الرئاسي في حفل المخرجات وكأنه يتحدى قضاته وهو يصرخ من أعلى المنصة .. من يجروء على إدانتي .. وساعتها أصبح قاضيه كمن أُلقي به في اليم مكتوفا وقالوا له إياك إياك أن تبتبل بالماء ..!
ولكن ومع ذلك فمن تبرئه عدالة الإنقاذ المعوجة الميزان من لصوصها .. لن يسلم من زفة التاريخ التي تهتف في مسامعه الى أن تقوم الساعة … ياهو ياهو ياهو .. وليته كان مثل نتن ياهو !

تعليق واحد

  1. لكن ما بالغت يا اخ برقاوي …نتن ياهو شنو الببتقارنو مع حمودي…ياخي دا عفى عن وزير العدل ذاتو…وتجي تقول لي نتنياهو

  2. الأخ المغوار الأستاذ محمد عبدالله البرقاوي
    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    أحييك أخي و أنت تمتشق سيف الكلمة تجالد به رموز النظام و أجمل ما يميز مقالاتك الموضوعية و اللغة الرصينة فأجدني أتوزع بين أدب و قضيةو لا نفرغ من مقال حتى ننتظر في شغف ما تجود به و تبدع فيه.

    و أنت أدرى فالذي يريد من رموز النظام أخلاقا و أمانة فهو كطالب إعتدال عنق الناقة أو استقامة ذيل الكلب .. هي الإستحالة بعينها و الأدهى أنهم قننوا لجرائمهم الواسعة و أمنوا العقوبة من حيث عطلوا دور القضاء و جردوا القضاة من كل شيئ خلا ما يمس الغلابة و الكادحين

    هم عصابة تواثقوا على أن يفشي بعضهم بعضا و أن يحمي الكل ظهر الكل و ذلك لأن كشف واحد منهم كشف للكل و قد قال بذلك سيئ السمعة نافع حين قال ( الخارج من حزبنا هالك ) و هو تصريح مباشر أنهم قاتلوه و في قائمتهم خيارات من أساليب الإهلاك الذي أشار إليه و هذا ما يفسر صمت مشايخهم و من يؤمون المساجد من أمثال الكاروري و عصام تجدهم منتفخي الأوداج يثورون لكن عندما يتعلق الأمر بسلطانهم يغضون الطرف و يمسكون اللسان.

    حسنا فعلت عندما أوردت قصة نتياهو فهذه الدولة البغيضة التي نكرهها و لا تملك في دينها ما نملك من تشريع لم تمسه يد التحريف .. نجدهم يقيمون العدل و لو على رئيس وزراءهم لا تنفعه الحصانة و لا المنصب و لذلك نجد أنهم ابتنوا لأنفسهم دولة قوية لم تبلغ من العمر سبعين سنة و لم يفعلوا إلا لأنهم أقاموها على المؤسسية الغائبة عندنا تماما.

    سدد الله رميك و حفظك لنا تشحذ الهمم و تعري خفافيش الظلام و الظلم بتسليط الضوء عليهم

    أختك شريفة شرف الدين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..