أخطاء ومسلمات في تاريخ السودان تتطلب ضرورة المراجعة 3

حملة عبد الله بن سعد عام 31 هـ
ذكرنا في المقال السابق أن المسعودي وضح أن الحرب التي خاضها عبد الله بن سعد عام 31 هـ كانت مع ملكة مريس (نوباديا) التي تقع شمال مملكة مقُرة. وأن ابن حوقل وضح أن تلك الحرب دارت في منطقة أسوان ووصل جيش المسلمين إلى جزيرة ابلاق التي تنتهي عندها ابحار سفن المسلمين المتجهة جنوباً كما ذكر المسعودي. ولم تذكر كتب الفتوح وغيرها من المصادر العربية – باستثناء نص المقريي مدار الجدل – تقدم جيوش المسلمين جنوب هذه المنطقة. ونود هنا التعرف على المنطقة الواقعة بين اسوان ودنقلة لنرى إمكانية أو عدم امكانية توغل جيش عبد الله بن سعد عبرها حتى مدينة دنقلة.
ذكر ابن سليم أسماء بعض مدن مملكة مريس إلى الجنوب من ابلاق حتى آخر حدود المملكة، وقد فصلنا الحديث عنها في الجزء الثاني من كتاب السودان الوعي بالذات وتأصيل الهوية (ص 178 – 200) ونوجز هنا عنها ما يلى. قال ابن سُلَيم (في مصطفى مسعد،المكتبة السودنية ص 92 – 96):
“وبهذه الناحية بجراش مدينة المريس، وقلعة ابريم، وقلعة أخرى دونها، وبها ميناء تعرف بأدواء ينسب إليها لقمان الحكيم وذو النون… وأوّل الجنادل من بلد النوبة قرية تعرف بتقوى، هي ساحل، وإليها تنتهي مراكب النوبة المصعدة من القصر … ومنها إلى المقس الأعلى، ست مراحل …وهي من أرض مريس … والمسلحة بالمقس الأعلى … ومن هذه المسلحة إلى قرية تعرف: بساي، جنادل أيضاً … ثم ناحية سقلودا وتفسيرها السبع ولاة … وواليها من قبل كبيرهم وتحت يده ولاة يتصرّفون، وفيها قلعة تعرف: بأصطنون، وهي أوّل الجنادل الثلاثة … قرية تعرف: بيستو، وهي آخر قرى مريس، وأوّل بلد مقرة”
تناول ابن سليم في هذا النص تسعة مدن ومنطقة إدارية واحدة في مملكة مريس جنوب أسوان، وهي حسب موقعها الجغرافي من الشمال إلى الجنوب كالآتي: القصر وقلعة أبريم وألدو وبجراش وتقوى والمقس الأعلى وصاي ومنطقة سقلوذا وقلعة اصطنون ويستو.
ذكر ابن سليم أن القصر “أول بلد النوبة … بينها وبين بلاق ميل” ووضعها المسعودي على بعد ستة أميال جنوب مدينة أسوان، وبعدها قلعة ابريم. و قلعة ابريم من المدن المهمة شمال الشلال الثاني، فقد أسس فيها الرومان قلعة لحماية حدودهم الجنوبية في مصر. وحافظت على دورها في المنطقة فقد تناولت عدد من المصادر العربية أخبار قلعة ابريم لأنها كان تمثل خط الدفاع الأول أمام قوات المسلمين التي حاولت غزو مملكة مُقُرة. ولم تتمكن كل الغزوات التي بلغ عددها ثمانية حملات حتى الربع الأخير من القرن الثالث عشرالميلادي من تخطى قلعة ابريم جنوباً.(أنظر النويري في مسعد ص 223)
ويلي قلعة ابريم موضع ألدو الذي تردد كثيراً في المصادر العربية، ووردت كتابة الاسم بصور مختلفة مثل: ألدو و دو وأدَوى وعدا، وضبطها النويري (في مسعد ص 218) الدَوّ، ووضح أنه كانت بها قلعة استولت عليها قوات الملك المملوكي الظاهر بيبرس. ويبدو أن الدو كانت خط الدفاع الثاني جنوب قصر إبريم حتى عصر المماليك.
ثم تلي ذلك مدينة بجراش التي كتبت أيضاً بصور مختلفة مثل: بوخراس وبوفراس وبوحراس وباخَرَس. و هي مدينة فرس الواقعة إلى الشمال قليلاً من وادي حلفا، وكانت عاصمةً لمملكة مريس ومن أهم مدن المنطقة الشمالية من الشلال الثاني. وأصبحت بعد اتحاد مملكتي مريس ومقرة مقر حاكم المنطقة الذي عُرِف بصاحب الجبل. ووصف أبو صالح الأرمني (في مسعد ص 130) مدينة بجراش بأنها “مدينة المريس، وهي مدينة عامرة آهلة وبها مقام جوسار اللابس العصابة والقرنين والسوار الذهب”.
وقد اشتهرت مدينة بجراش في المصادر الآثارية باسم دوتاو أو مملكة دوتاو. ووضحت المصادر الآثارية أنها ظلت عاصمة لمملكة مسيحية عثر على أسماء ثمانية من ملوكها وبعض أسماء من أساقفتها حتى نهاية القرن الخامس عشر الميلادي أي قبل نحو عشرين سنة فقط من تاريخ قيام سلطنة سنار الإسلامية.
و يلى ذلك مدينة تقوى في منطقة الشلال الثاني في مكان مدينة وادي حلفا الحالية حيث تنتهي رحلة السفن المبحرة من الشمال إلى الجنوب فلا تستطيع عبور الشلال وبها نقطة جمارك وتفتيش ولا يسمح للأجانب مسلمين أو غير مسلمين عبورها جنوباً – كماذكر ابن سُليم – إلا بتصريح من صاحب الجبل.
وإلى الجنوب من تقوى مدينة المقس الأعلى في مكان عكاشة الحالية. وهي من أهم مراكز مملكة مريس جنوب الشلال الثاني، إذ ترابط فيها قوات المملكة للحماية من إي تهديد يأتي من الشمال، وبها منطقة جمارك شديدة الضبط لا يستطيع أحد عبورها إلا “بإذن من الملك” كما عبر ابن سليم.
وإلى الجنوب من المقس الأعلى مدينة صاي المعروفة بهذا الاسم حتى الآن، وقد كانت مدينة صاي مدينة مهمة في تاريخ المنطقة القديم، وكانت من أهم المراكز التجارية في مملكة كوش – التي عرفت عند المؤرخين بمملكة كرمة- في الألف الثالث قبل الميلاد. ويرى آدمز إنها بناءً على ما نُقٍّب فيها من آثار لا تقل أهمية في المجال التجاري عن مدينة كرمة عاصمة المملكة. وظلت من المدن المهمة بعد سقوط مملكة كرمة ، وظهرت ضمن المستوطنات الصغرى بعد انهيار مملكة مروي.
وإلى الجنوب منها يقع اقليم سقلوذا الواسع، وذكر ابن سليم أن الاسم معناه السبع ولاة، إذ كان تحت إدارة واليه سبعة ولاة مما يدل على كبر وقوة الاقليم. وجنوبيه قلعة اصطفون ويستو آخر حدود مملكة مريس. ثم تبدأ منطقة مقرة التي وصف ابن سليم من مناطقها ناحية بقون الواسعة ثم منطقة سفد بقل التي ذكر أن بها “نحو ثلاثين قرية بالأبنية الحسان والكنائس والديارات…” ثم بعد كل ذلك مدينة دنقلة عاصمة مملكة مقرة.
هذه هي المنطقة الواقعة بين مدينتي أسوان ودنقلة، وذكر ابن سُليم أن المسافة بين المدينتين خمسين مرحلة. فهل توقفت حملة عبد الله بن سعد عام 31 هـ في مدينة ابلاق أم تخطتها جنوباً؟ وهل من الممكن أن تكون الحملة قد قطعت كل هذه المسافة بين اسوان ودنقلة عبر مناطق مأهولة بالسكان و مدن وقلاع محصنة؟ وكيف تم ذلك؟ هل سارت عبر البر أو البحر؟ وكم عدد المعارك التي خاضتها حتى وصلت دنقلة؟ وكيف أمنت خط ظهرها متوغلة في البلاد؟
وقبل كل ذلك هل كان المسلمون مستعدون من حيث العدد والعتاد لمثل تلك الحروب؟ وهل من الممكن أن يسكت ويتجاهل ابن حوقل بقية فتوحات عبد الله بن سعد جنوب مدينة ابلاق لو أن ذلك قد تمّ فعلاً؟ وهل من الممكن أن تسكت كل المصادر عن كل ذلك إذا افترضنا أن الحملة وصلت إلى دنقلة؟
لا أعتقد أن كل المصادر تسكت عن أحداث حملة قد تستغرق على الأقل ثلاثة أشهر في عملياتها، وقد تكون خاضت عشرات المواقع الحربية أمام جنود وصفوهم بالقوة والجرأة والشجاعة حتى عبر ابن عبد الحكم (فتوح مصر ص 122) عنهم بقوله: “فهادنهم عبد الله بن سعد إذ لم يطقهم” ثم هل من المعقول أن يتجشم عبد الله بن سعد كل تلك المسافات ويخوض كل المعارك على الطريق إلى دنقلة ليصالح النوبة على الرقيق بالمُقابل، كما ذكر ابن خرداذبة مثلاً: “صالحهم على ثلاثمائة رأس هذية ليست بجزية ولا خراج. ولهم على المسلمين العوض على الموادعة”
أرى ان عبد الله بن سعد لم يتعد مدينة ابلاق جنوباً إذ لو حدث ذلك لتناقلت المصادر أخبار الزحف والحروب التي من المفترض خوضها مسافة نحو خمسين مرحلة.
ونواصـــل
[email][email protected][/email]
نص معاهدة البقط بحسب رواية المقريزي:
“”” عهد من الأمير عبد الله بن سعد بن أبي السرح لعظيم النوبة ولجميع أهل مملكته ، عهد عقده على الكبير والصغير بين المسلمين ممن جاورهم من أهل صعيد مصر وغيرهم من المسلمين وأهل الذمة .. إنكم معاشر النوبة آمنون بأمان الله وأمان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ألا نحاربكم ولا ننصب لكم حرباً ، وأن لا نغزوكم ما أقمتم على الشرائط التي بيننا وبينكم ، على أن تدخلوا بلدنا مجتازين غير مقيمين فيه ، وعليكم حفظ من نزل بلادكم أو بطرفه من مسلم ، أو معاهد حتى يخرج عنكم ، وأن عليكم رد كل آبق خرج إليكم من المسلمين حتى تردوه إلى أرض الإسلام ولا تستميلوا عليه ولا تمنعوا منه.
وعليكم حفظ المسجد الذي ابتناه المسلمون بفناء مدينتكم ولا تمنعوا منه مصلي ولا تعرضوا لمسلم قصده وجاور فيه إلى أن ينصرف عنه وعليكم كنسه وإسراجه وتكرمته.
وليس على مسلم دفع عدو عرض لكم ولا منعه عنكم من حد أرض علوة إلى أرض أسوان.
فإن أنتم قتلتم مسلماً أو معاهداً أو عرضتم للمسجد الذي ابتناه المسلمون بفناء مدينتكم بهدم ، أو منعتم شيئاً من الثلاثمائة رأس والستين رأساً برئت منكم هذه الهدنة والأمان وعدنا نحن وأنتم على سواء حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين.
علينا بذلك عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، ولنا عليكم بذلك أعظم ما تدينون به من ذمة المسيح وذمة الحواريين وذمة من تعظمونه من أهل دينكم وملتكم .
الله الشاهد بيننا وبينكم على ذلك “”””
يا زول انت ما عندك شغله تغضاها . مشغل لينا مالك بالفارغه والمقدوده . حمله عبد الله صاح او خيال بنستفيت منها شنو.
معركة دنقلا الأولى (تاريخ 642):
– في عهد والي مصر عمرو بن العاص بقيادة ابن خالته عقبة بن نافع الفهري القرشي
– عدد جيش الفتح الاسلامي: 20,000 مقاتل (مصدر مؤرخين اسلاميين)
– عدد جيش النوبة : 2000
*النتيجة: فشل الحملة ومقتل الكثيرين من الجيش مع اصابات 200 مباشرة في الاعين
وتم عمل اتفاقية سلام بين الطرفين في 645م
معركة دنقلا الثانية (تاريخ 652):
– في عهد عبد الله بن سعد بن ابي السرح
عدد جيش الفتح الاسلامي : 5,000 مقاتل (مصدر مؤرخين اسلاميين)
*النتيجة : انتصار قالديروت ملك المقرة وفشل الحملة بعد حصار دنقلا و ورفض ملكها الاستسلام حتى جاء مدد النوبة الوسطى علوة ، وتم عقد اتفاقية ثانية سميت البقط (استمرت حوالي 700 سنة) لايقاف الهجمات على مصر وعدم مهاجمة قوات الفتح الاسلامي للنوبة حتى يتفرغوا لفتوحات شمال افريقيا الاخرى لاسيما عدم التفريط في مناوشات تؤدي الى تقليل اعداد جيش الفتح وتم الاستعانة بالرقيق النوبي في فتوحات شمال افريقيا.
وفي صيف عام 642 أرسل عمرو بن العاص جيشًا إلى الجنوب لمهاجمة وإخضاع النوبة (السودان حاليًّا)، تحت قيادة ابن أخته عقبة بن نافع (622?683)، الذي أصبح فيما بعد أحد أشهر القادة العسكريين العرب الأوائل، ولُقِّب بفاتح أفريقيا (مرنك إفريقية) كما يورد المؤرخ الإنجليزي جيبون. إلا أن النوبيين سرعان ما أحبطوا مناورات العرب؛ لِما تمتعوا به من مهارات متقدمة في الرماية ? التي أدَّت إلى إصابة الكثير من الجنود العرب بالعمى ? وتفوُّق فرسانهم كذلك. وفي اعتراف نادر ? ولو كان جزئيًّا ? بالهزيمة، كتب عقبة إلى عمرو بن العاص يطلب منه الإذن برجوع القوات على الرغم من عدم إخضاع النوبيين بعد. برَّر عقبة طلبه بزعم أن النوبيين لا يمكن دحرهم، وهم يرفضون المواجهة وخوض قتال في أي معارك منظمة، وأضاف عقبة ? ربما في محاولة لتخفيف وقع الأنباء السيئة ? أن البلاد لا تحوي أي غنائم تستحق الاستيلاء عليها.
انظر كيف يبرر المؤرخون العرب هزيمة جيوش الفاتحين في مثاليات عجيبة يندى لها الجبين في ابحاثهم :
“””” عندما دخل المسلمون مصر اهتم الفاتحون بتأمين حدود مصر الجنوبية ،وأكثر من ذلك نشر الإسلام في تلك المنطقة جنوب مصر وفي قلب أرض النوبة وقد يكون تأمين حدود مصر الجنوبية، هدفا واضحا لدي الفاتحين، ولكن كما نعلم فإن تبليغ الدعوة الإسلامية كان هدفا استراتيجيا لدي المسلمين يحملونها لكل مكان يستطيعون الوصول اليه طاعة لله ورسوله والتزاما بأمر الله ورسوله في نشر البلاغ لدعوة الإسلام خاصة في فترة قرون ( 40) الخيرية الثلاثة وعلي الاخص في القرن الأول، قرن الصحابة، حين كانت الحمية لنشر الدين في أعلي درجاتها .
كان المسلمون يطلقون علي النوبة لفظ ” الأساود” إذ أن كل المصادر والمراجع القديمة تصفهم بهذا الاسم وقد اصطدم المسلمون بالنوبة في أول سنوات الفتح لمصر حيث أرسل اليهم عمرو بن العاص جيشا بقيادة عقبة بن نافع الفهري سنة 21هـ ولكن الجيش رجع دون تحقيق شيء ،إذ أن النوبة قابلوه ببأس شديد ورجع كثير من المسلمين بأعين مفقوءه إذ كان النوبة رماة مهرة بالسهام ،يصيبون بها اصابات دقيقة حتي في العيون، ولذلك سماهم المسلمون ” رماة الحدق” .
غير أنه لا مهارة النوبيين ( الأساود) ، ولا شدة بأسهم ، ولا فقر أرضهم وجدبها، كانت لتمنع المسلمين من تحقيق هدفهم في نشر دين الله ، فهي رسالة ولابد من تبليغها مهما كانت الصعاب ،ولعل محاولة المسلمين المستميتة لضم أرض النوبة تنفي نفيا قاطعا الأسباب المادية للفتوحات الإسلامية، لأن النوبة لم يكن بها شيء يقيم حتي أود أهلها الذين يسكنوها ، فكيف يطمع فيها غاز ليتقوي بها؟ .
أذن رغم أن النوبة لم تكن مشجعة للفتح والغزو فقد سار اليها عبدالله بن سعد ابن أبي السرح عندما أصبح واليا لمصر في عهد عثمان رضي الله عنه وتوغل في بلادهم، حتي وصل عاصمتهم دنقلا العجوز ،وقاتلهم قتالا شديداً ولكن القتال لم يكن حاسما لاي من الطرفين، وحقيقة لقد كان النوبة أولي باس شديد وقد نقل المؤرخون عن شيخ حميري حضر المعركة قولة” رمونا(41) حتي ذهبت الأعين، فعددت منها مائة وخمسين عينا مفقوءة ، فقلنا ما لهؤلاء خير من الصلح إن سلبهم لقليل وان نكايتهم لشديدة” . ومن الجانب الآخر فإن جيش عبدالله كان قويا، رمي دنقلا بالمنجنيق واخاف النوبة وفي الحقيقة فإن عبدالله استطاع ان يدوخ مملكة المقرة المسيحية دون أن يقضي علي سلطانها تماما، ولذلك هادنهم وعقد مع ملكلهم “قليدروث” (42) اتفاقية عرفت باسم معاهدة البقط ،وهي اشبه بمعاهدة اقتصادية (43) بين مصر وبلاد النوبة: مصر تمدهم بالحبوب والعدس، والنوبة ترسل الرقيق لمصر فهي في واقع الأمر عبارة عن هدنة أمان أو معاهدة عدم اعتداء وضعت بلاد النوبة في وضع فريد أو مرحلة وسطي(44) بين دار الإسلام ودار الحرب . وقد شكلت هذه الإتفاقية طبيعة العلاقات بين مصر وبلاد النوبة طيلة ست قرون وهي لاشك انجاز أخر يضاف لانجازات عبدالله بن سعد واسهامه في نشر وتأصيل الإسلام في إفريقيا.
وليس الغرض هنا التفصيل في هذه الاتفاقية، ولكن نظرة عجلي لها، تدل علي أهميتها في تحقيق هدف المسلمين في نشر الإسلام في المنطقة ،أو تأمين حدود مصر الجنوبية ، فهي تلزم النوبيين علي الايتعرضوا بسوء للمسلمين العابرين بأرضهم وأن يحافظوا علي المسجد الذي بناه المسلمون في دنقلا العجوز ، وأن يلتزموا التزاما قاطعا بارسال الرقيق المطلوب منهم سنويا وهذه أمور كلها في صالح الدعوة الإسلامية ونشر دين الإسلام .
أما المسجد فأهميته واضحة في نشر وتأصيل الإسلام في كل مكان يكون به مسجد ولأهميته فإن النبي صلي الله عليه وسلم بعد أن بني مسجد قباء في طريقه للمدينة المنورة ، كان أول عمل قام به في مستقر هجرته هو بناء المسجد النبوي الذي أصبح من يومها منارة الهدي ومحور نشاط المسلمين كله دينا ودنيا وعندما حمل صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم دعوة الإسلام للعالم خارج الجزيرة كان بناء المسجد سنة رشيدة متبعة ،وكان أول شيء يبدأون به المسجد فكان المسجد أول من يشيد في المدن الجديدة التي أسسوها فكان المسجد أول بناء شيد في الكوفة وفي البصرة ومسجد عمرو بن العاص في فسطاط مصر ومسجد عقبة في القيروان ومسجد المنصور في بغداد وغير ذلك ، وأما بالنسبة للنوبة ودنقلا العجوزفإن اتفاقية البقط أوصت بضرورة العناية بالمسجد ولاشك ان المسجد يلعب الدور المقدر في نشر الإسلام ، حتي لو اقتصر علي الصلاة وحدها ، حيث أن تكرار الآذان خمس مرات للصلاة لاشك يؤثر في غير المسلمين فيلفت انتباههم لهذا الدين الجديد الوافد اليهم، خاصة وسط أناس علي الفطرة كأهل النوبة ، اضف الي ذلك أن الآذان ( ذلك النداء المقدس) والصلاة الراتبة في المسجد ، تلك الشعيرة المباركة من شأنهما طرد الشيطان ومن ثم ينفتح المجال أمام ذكر الله رويدا رويداً فيعم الخير فلو طرد الشيطان لحل رضاء الله، ولو نظر الله بعين عنايته لأهل تلك المنطقة التي بها المسجد والآذان والصلاة لدخلوا في حظيرة الإسلام ، فرادي او جماعات ، ومن ثم ينتشر الإسلام بين الناس وهذا هو التفسير الإسلامي لنشر الإسلام، فهنالك أشياء غير مرئية تساعد في نشر الإسلام والهداية من الله .
أما المسلمون العابرون ، والذين نصت الاتفاقية علي حمايتهم في حلهم وترحالهم، فدون شك يساعدون في نشر الإسلام وذلك بالقدوة حيث أن صفاتهم واخلاقهم الفاضلة وسمتهم وصلاتهم ، تجذب من حولهم فيتأثرون بهم، ومن ثم تبدأ التقاليد الوثنية تفسح المجال امام تقاليد الإسلام الرشيدة الوافدة فيتسرب الإسلام بالتدريج ويتأسلم المجتمع مع مرور الوقت وربما كانت هذه هي الطريقة التي جعلت الافارقة في كل مكان يدخلون في رحاب الإسلام لأنهم وجدوا القدوة الصالحة من المسلمين سواء كانوا تجار أو دعاة أو رعاة ، فدين الإسلام هو دين الفطرة السليمة وهم أهل فطرة سليمة . أضف لذلك إن المسلمين الذين كانوا يعبرون أرض النوبة في تلك الفترة الاولي كانوا من الصحابة والتابعين ولاشك أن تأثيرهم ابلغ وأشد أثرا ورغم أن المصادر لاتسعفنا بالمعلومات في تلك الفترة الأولي من دخول الإسلام في أرض النوبة، إلا أنه مما لاشك فيه أن جيل الصحابة والتابعين هم خير القرون ولا أحد يدركهم في علمهم وقوة إيمانهم، والقول بان العرب الذين كانوا يدخلون أرض السودان قبل السلطنة الزرقاء وغيرها من الممالك الإسلامية، لم يكونوا علماء بل كانوا بدوا رعاة قول لايتماشي مع الواقع فليس هنالك من هو أعلم من صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم وليس هناك من هو أعظم بركة منهم أو تاثيرا منهم علي الغير والله أعلم.
اما الأرقاء الذين كانوا يؤخذون لمصر من النوبة ففي ظني انهم وأن كانوا ارقاء بأجسادهم فهم احرار بارواحهم ان دخلوا الإسلام ولاشك أنهم في مصر متعرضين لنفحات الإسلام المباركة وربما أسلم اغلبهم ( وان كان ليس هنالك دليل ) ولكن الناس علي دين ملوكهم ، فطالما انهم أرقاء فانهم قابلين لطاعة ساداتهم والدخول في الإسلام ، خاصة وأن معيار العدل والمساواة والحرية الموجودة في الإسلام يشكل قوة جاذبة للدخول في الإسلام لمن كان مستضعفا مثلهم.””
إنتهى الاقتباس
==============
هل لك ان تتخيل عزيزي القارئ ان اكثر ارض بها خزائن من الموارد مثل السودان يقال عنها قليلة الغنائم والسلب وهي التي كانت تمون مصر وروما وتنافس الحبشة في كل الموارد ؟؟؟؟؟؟
وماذا عن صحرا ليبيا والمغرب؟؟؟؟؟؟
ام كانوا يبحثون عن البترول؟؟؟؟؟
ثم يقال لك ان العرب اتصلوا بالنوبة منذ قديم الزمان قبل الاسلام؟؟؟؟ وكيف ذلك وهم لم يعرفوا اسم اي مدينة في النوبة حتى كانوا يكتبونها غلط في غلط؟؟؟؟؟
ثم يقال لك في الاتفاقية كان المسلمين يعطون النوبة العدس والقمح ؟؟؟؟؟؟؟
اعتقد ان النوبة كانوا يضحكون عليهم
وكان النوبة عايشين في الصحرا ولا يزرعون وهم اول من انشاء حضارة زراعية في العالم!!!!
حدثني محمد بن سعد قال: حدثني محمد بن عمر الواقدي عن الوليد بن كثير عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير قال: لما فتح المسلمون مصر بعث عمرو بن العاص إلى القرى التي حولها الخيل ليطأهم.
فبعث عقبة بن نافع الفهري وكان نافع أخا العاص لأمه.
فدخلت خيولهم أرض النوبة كما تدخل صوائف الروم فلقى المسلمون بالنوبة قتالًا شديدًا.
لقد لاقوهم فرشقوهم بالنبل حتى جرح عامتهم.
فانصرفوا بجراحاتٍ كثيرة وحدقٍ مفقوءة فسموا رماة الحدق.
فلم يزالوا على ذلك حتى ولى مصر عبد الله بن سعد بن أبي سرح.
فسألوه الصلح والموادعة فأجابهم إلى ذلك على غير جزيةٍ لكن على هدنة ثلاث مئة رأس في كل سنة وعلى أن يهدى المسلمون إليهم طعامًا بقدر ذلك.
حدثني محمد بن سعد قال: حدثني الواقدي قال: حدثنا إبراهيم بن جعفر عن عمر ابن الحارث عن أبي قبيل حسي بن هاني المعا فرى عن شيخ من حمير قال: شهدت النوبة مرتين في ولاية عمر بن الخطاب فلم أر قومًا أحد في حرب منهم.
لقد رأيت أحدهم يقول للمسلم: أين تحب أن أضع سهمي منك فربما عبث الفتى منا فقال: في مكان كذا.
فلا يخطئه.
كانوا يكثرون الرمي بالنبل فما يكاد يرى من نبلهم في الرض شيء.
فخرجوا إلينا ذات يوم فصافونا ونحن نريد أن نجعلها حملة واحدة بالسيوف فما قدرنا على معالجتهم.
رمونا حتى ذهبت الأعين فعدت مئة وخمسون عينًا مفقوءة.
فقلنا: ما لهؤلاء خير من الصلح إن سلبهم لقليل وإن نكايتهم لشديدة.
فلم يصالحهم عمرو ولم يزل يكالبهم حتى نزع وولى عبد الله بن سعد بن أبي سرح فصالحهم.
قال الواقدي: وبالنوبة ذهبت عين معاوية بن حديج الكندي وكان أعور.
عن يزيد بن أبي حبيب قال: ليس بيننا وبين الأساود عهد ولا ميثاق إنما هي هدنة بيننا وبينهم على أن نعطيهم شيئًا من قمحٍ وعدسٍ ويعطونا رقيقًا فلا بأس بشراء رقيقهم منهم أو من غيرهم.
حدثنا أبو عبيد عن عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد قال إنما الصلح بيننا وبين النوبة على أن لا نقاتلهم ولا يقاتلونا وأن يعطونا رقيقًا ونعطيهم بقدر ذلك طعامًا فإن باعوا نساءهم لم أر بذلك بأسًا أن يشترى.
ومن رواية أبي البخترى وغيره أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح صالح أهل النوبة على أن يهدوا في السنة أربع مئة رأس يخرجونها ويأخذون بها طعاما.
وكان المهدي أمير المؤمنين أمر بإلزام النوبة في كل سنة ثلاث مئة رأس وستين رأسًا وزرافة على أن يعطوا قمحًا وخل خمرٍ وثيابًا وفرشا أو قيمته.
وقد ادعوا حديثًا أنه ليس يجب عليهم البقط لكل سنة وأنهم كانوا طولبوا بذلك في خلافة المهدي فرفعوا إليه أن هذا البقط مما يأخذون من رقيق أعدائهم فإذا لم يجدوا منه شيئًا عادوا على أولادهم فأعطوا منهم فيه بهذه العدة.
فأمر أن يحملوا في ذلك على أن يؤخذ منهم لكل ثلاث سنين بقط سنة.
ولم يوجد لهذه الدعوى ثبت في واوين الحضرة ووجد في الديوان بمصر.
وكان المتوكل على الله أمر بتوجيه رجل يقال له محمد بن عبد الله ويعرف بالقمى إلى المعدن بمصر واليًا عليه وولاه القلزم وطريق الحجاز وبذرقة حاج مصر.
فلما وافى المعدن حمل الميرة في المراكب من القلزم إلى بلاد البجة ووافى ساحلًا يعرف بعيذاب.
فوافته المراكب هناك.
فاستعان بتلك الميرة وتقوتها ومن معه حتى وصل إلى قلعة ملك البجة.
فناهضه.
وكان في عدة يسيرة فخرج إليه البجوى في الدهم على إبل محزمةٍٍ.
فعمد القمى إلى الأجراس فقلدها الخيل.
فلما سمعت الإبل أصواتها نقطعت بالبجوبين في الودية والجبال.
وقتل صاحب البجة.
ثم قام من بعده ابن أخته وكان أبوه أحد ملوك البجويين وطلب الهدنة.
فأبى المتوكل على الله ذلك إلا أن يطأ بساطه.
فقدم سر من رأى فصولح في سنة إحدى وأربعين ومائتين على أداء الإتاوة والبقط ورد مع القمى.
فأهل البجة على الهدنة يؤدون ولا يمنعون المسلمين من العمل في معدن الذهب.
منقول
العهدة على الراوي
معركة دنقلا الأولى (تاريخ 642):
– في عهد والي مصر عمرو بن العاص بقيادة ابن خالته عقبة بن نافع الفهري القرشي
– عدد جيش الفتح الاسلامي: 20,000 مقاتل (مصدر مؤرخين اسلاميين)
– عدد جيش النوبة : 2000
*النتيجة: فشل الحملة ومقتل الكثيرين من الجيش مع اصابات 200 مباشرة في الاعين
وتم عمل اتفاقية سلام بين الطرفين في 645م
معركة دنقلا الثانية (تاريخ 652):
– في عهد عبد الله بن سعد بن ابي السرح
عدد جيش الفتح الاسلامي : 5,000 مقاتل (مصدر مؤرخين اسلاميين)
*النتيجة : انتصار قالديروت ملك المقرة وفشل الحملة بعد حصار دنقلا و ورفض ملكها الاستسلام حتى جاء مدد النوبة الوسطى علوة ، وتم عقد اتفاقية ثانية سميت البقط (استمرت حوالي 700 سنة) لايقاف الهجمات على مصر وعدم مهاجمة قوات الفتح الاسلامي للنوبة حتى يتفرغوا لفتوحات شمال افريقيا الاخرى لاسيما عدم التفريط في مناوشات تؤدي الى تقليل اعداد جيش الفتح وتم الاستعانة بالرقيق النوبي في فتوحات شمال افريقيا.
وفي صيف عام 642 أرسل عمرو بن العاص جيشًا إلى الجنوب لمهاجمة وإخضاع النوبة (السودان حاليًّا)، تحت قيادة ابن أخته عقبة بن نافع (622?683)، الذي أصبح فيما بعد أحد أشهر القادة العسكريين العرب الأوائل، ولُقِّب بفاتح أفريقيا (مرنك إفريقية) كما يورد المؤرخ الإنجليزي جيبون. إلا أن النوبيين سرعان ما أحبطوا مناورات العرب؛ لِما تمتعوا به من مهارات متقدمة في الرماية ? التي أدَّت إلى إصابة الكثير من الجنود العرب بالعمى ? وتفوُّق فرسانهم كذلك. وفي اعتراف نادر ? ولو كان جزئيًّا ? بالهزيمة، كتب عقبة إلى عمرو بن العاص يطلب منه الإذن برجوع القوات على الرغم من عدم إخضاع النوبيين بعد. برَّر عقبة طلبه بزعم أن النوبيين لا يمكن دحرهم، وهم يرفضون المواجهة وخوض قتال في أي معارك منظمة، وأضاف عقبة ? ربما في محاولة لتخفيف وقع الأنباء السيئة ? أن البلاد لا تحوي أي غنائم تستحق الاستيلاء عليها.
انظر كيف يبرر المؤرخون العرب هزيمة جيوش الفاتحين في مثاليات عجيبة يندى لها الجبين في ابحاثهم :
“””” عندما دخل المسلمون مصر اهتم الفاتحون بتأمين حدود مصر الجنوبية ،وأكثر من ذلك نشر الإسلام في تلك المنطقة جنوب مصر وفي قلب أرض النوبة وقد يكون تأمين حدود مصر الجنوبية، هدفا واضحا لدي الفاتحين، ولكن كما نعلم فإن تبليغ الدعوة الإسلامية كان هدفا استراتيجيا لدي المسلمين يحملونها لكل مكان يستطيعون الوصول اليه طاعة لله ورسوله والتزاما بأمر الله ورسوله في نشر البلاغ لدعوة الإسلام خاصة في فترة قرون ( 40) الخيرية الثلاثة وعلي الاخص في القرن الأول، قرن الصحابة، حين كانت الحمية لنشر الدين في أعلي درجاتها .
كان المسلمون يطلقون علي النوبة لفظ ” الأساود” إذ أن كل المصادر والمراجع القديمة تصفهم بهذا الاسم وقد اصطدم المسلمون بالنوبة في أول سنوات الفتح لمصر حيث أرسل اليهم عمرو بن العاص جيشا بقيادة عقبة بن نافع الفهري سنة 21هـ ولكن الجيش رجع دون تحقيق شيء ،إذ أن النوبة قابلوه ببأس شديد ورجع كثير من المسلمين بأعين مفقوءه إذ كان النوبة رماة مهرة بالسهام ،يصيبون بها اصابات دقيقة حتي في العيون، ولذلك سماهم المسلمون ” رماة الحدق” .
غير أنه لا مهارة النوبيين ( الأساود) ، ولا شدة بأسهم ، ولا فقر أرضهم وجدبها، كانت لتمنع المسلمين من تحقيق هدفهم في نشر دين الله ، فهي رسالة ولابد من تبليغها مهما كانت الصعاب ،ولعل محاولة المسلمين المستميتة لضم أرض النوبة تنفي نفيا قاطعا الأسباب المادية للفتوحات الإسلامية، لأن النوبة لم يكن بها شيء يقيم حتي أود أهلها الذين يسكنوها ، فكيف يطمع فيها غاز ليتقوي بها؟ .
أذن رغم أن النوبة لم تكن مشجعة للفتح والغزو فقد سار اليها عبدالله بن سعد ابن أبي السرح عندما أصبح واليا لمصر في عهد عثمان رضي الله عنه وتوغل في بلادهم، حتي وصل عاصمتهم دنقلا العجوز ،وقاتلهم قتالا شديداً ولكن القتال لم يكن حاسما لاي من الطرفين، وحقيقة لقد كان النوبة أولي باس شديد وقد نقل المؤرخون عن شيخ حميري حضر المعركة قولة” رمونا(41) حتي ذهبت الأعين، فعددت منها مائة وخمسين عينا مفقوءة ، فقلنا ما لهؤلاء خير من الصلح إن سلبهم لقليل وان نكايتهم لشديدة” . ومن الجانب الآخر فإن جيش عبدالله كان قويا، رمي دنقلا بالمنجنيق واخاف النوبة وفي الحقيقة فإن عبدالله استطاع ان يدوخ مملكة المقرة المسيحية دون أن يقضي علي سلطانها تماما، ولذلك هادنهم وعقد مع ملكلهم “قليدروث” (42) اتفاقية عرفت باسم معاهدة البقط ،وهي اشبه بمعاهدة اقتصادية (43) بين مصر وبلاد النوبة: مصر تمدهم بالحبوب والعدس، والنوبة ترسل الرقيق لمصر فهي في واقع الأمر عبارة عن هدنة أمان أو معاهدة عدم اعتداء وضعت بلاد النوبة في وضع فريد أو مرحلة وسطي(44) بين دار الإسلام ودار الحرب . وقد شكلت هذه الإتفاقية طبيعة العلاقات بين مصر وبلاد النوبة طيلة ست قرون وهي لاشك انجاز أخر يضاف لانجازات عبدالله بن سعد واسهامه في نشر وتأصيل الإسلام في إفريقيا.
وليس الغرض هنا التفصيل في هذه الاتفاقية، ولكن نظرة عجلي لها، تدل علي أهميتها في تحقيق هدف المسلمين في نشر الإسلام في المنطقة ،أو تأمين حدود مصر الجنوبية ، فهي تلزم النوبيين علي الايتعرضوا بسوء للمسلمين العابرين بأرضهم وأن يحافظوا علي المسجد الذي بناه المسلمون في دنقلا العجوز ، وأن يلتزموا التزاما قاطعا بارسال الرقيق المطلوب منهم سنويا وهذه أمور كلها في صالح الدعوة الإسلامية ونشر دين الإسلام .
أما المسجد فأهميته واضحة في نشر وتأصيل الإسلام في كل مكان يكون به مسجد ولأهميته فإن النبي صلي الله عليه وسلم بعد أن بني مسجد قباء في طريقه للمدينة المنورة ، كان أول عمل قام به في مستقر هجرته هو بناء المسجد النبوي الذي أصبح من يومها منارة الهدي ومحور نشاط المسلمين كله دينا ودنيا وعندما حمل صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم دعوة الإسلام للعالم خارج الجزيرة كان بناء المسجد سنة رشيدة متبعة ،وكان أول شيء يبدأون به المسجد فكان المسجد أول من يشيد في المدن الجديدة التي أسسوها فكان المسجد أول بناء شيد في الكوفة وفي البصرة ومسجد عمرو بن العاص في فسطاط مصر ومسجد عقبة في القيروان ومسجد المنصور في بغداد وغير ذلك ، وأما بالنسبة للنوبة ودنقلا العجوزفإن اتفاقية البقط أوصت بضرورة العناية بالمسجد ولاشك ان المسجد يلعب الدور المقدر في نشر الإسلام ، حتي لو اقتصر علي الصلاة وحدها ، حيث أن تكرار الآذان خمس مرات للصلاة لاشك يؤثر في غير المسلمين فيلفت انتباههم لهذا الدين الجديد الوافد اليهم، خاصة وسط أناس علي الفطرة كأهل النوبة ، اضف الي ذلك أن الآذان ( ذلك النداء المقدس) والصلاة الراتبة في المسجد ، تلك الشعيرة المباركة من شأنهما طرد الشيطان ومن ثم ينفتح المجال أمام ذكر الله رويدا رويداً فيعم الخير فلو طرد الشيطان لحل رضاء الله، ولو نظر الله بعين عنايته لأهل تلك المنطقة التي بها المسجد والآذان والصلاة لدخلوا في حظيرة الإسلام ، فرادي او جماعات ، ومن ثم ينتشر الإسلام بين الناس وهذا هو التفسير الإسلامي لنشر الإسلام، فهنالك أشياء غير مرئية تساعد في نشر الإسلام والهداية من الله .
أما المسلمون العابرون ، والذين نصت الاتفاقية علي حمايتهم في حلهم وترحالهم، فدون شك يساعدون في نشر الإسلام وذلك بالقدوة حيث أن صفاتهم واخلاقهم الفاضلة وسمتهم وصلاتهم ، تجذب من حولهم فيتأثرون بهم، ومن ثم تبدأ التقاليد الوثنية تفسح المجال امام تقاليد الإسلام الرشيدة الوافدة فيتسرب الإسلام بالتدريج ويتأسلم المجتمع مع مرور الوقت وربما كانت هذه هي الطريقة التي جعلت الافارقة في كل مكان يدخلون في رحاب الإسلام لأنهم وجدوا القدوة الصالحة من المسلمين سواء كانوا تجار أو دعاة أو رعاة ، فدين الإسلام هو دين الفطرة السليمة وهم أهل فطرة سليمة . أضف لذلك إن المسلمين الذين كانوا يعبرون أرض النوبة في تلك الفترة الاولي كانوا من الصحابة والتابعين ولاشك أن تأثيرهم ابلغ وأشد أثرا ورغم أن المصادر لاتسعفنا بالمعلومات في تلك الفترة الأولي من دخول الإسلام في أرض النوبة، إلا أنه مما لاشك فيه أن جيل الصحابة والتابعين هم خير القرون ولا أحد يدركهم في علمهم وقوة إيمانهم، والقول بان العرب الذين كانوا يدخلون أرض السودان قبل السلطنة الزرقاء وغيرها من الممالك الإسلامية، لم يكونوا علماء بل كانوا بدوا رعاة قول لايتماشي مع الواقع فليس هنالك من هو أعلم من صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم وليس هناك من هو أعظم بركة منهم أو تاثيرا منهم علي الغير والله أعلم.
اما الأرقاء الذين كانوا يؤخذون لمصر من النوبة ففي ظني انهم وأن كانوا ارقاء بأجسادهم فهم احرار بارواحهم ان دخلوا الإسلام ولاشك أنهم في مصر متعرضين لنفحات الإسلام المباركة وربما أسلم اغلبهم ( وان كان ليس هنالك دليل ) ولكن الناس علي دين ملوكهم ، فطالما انهم أرقاء فانهم قابلين لطاعة ساداتهم والدخول في الإسلام ، خاصة وأن معيار العدل والمساواة والحرية الموجودة في الإسلام يشكل قوة جاذبة للدخول في الإسلام لمن كان مستضعفا مثلهم.””
إنتهى الاقتباس
==============
هل لك ان تتخيل عزيزي القارئ ان اكثر ارض بها خزائن من الموارد مثل السودان يقال عنها قليلة الغنائم والسلب وهي التي كانت تمون مصر وروما وتنافس الحبشة في كل الموارد ؟؟؟؟؟؟
وماذا عن صحرا ليبيا والمغرب؟؟؟؟؟؟
ام كانوا يبحثون عن البترول؟؟؟؟؟
ثم يقال لك ان العرب اتصلوا بالنوبة منذ قديم الزمان قبل الاسلام؟؟؟؟ وكيف ذلك وهم لم يعرفوا اسم اي مدينة في النوبة حتى كانوا يكتبونها غلط في غلط؟؟؟؟؟
ثم يقال لك في الاتفاقية كان المسلمين يعطون النوبة العدس والقمح ؟؟؟؟؟؟؟
اعتقد ان النوبة كانوا يضحكون عليهم
وكان النوبة عايشين في الصحرا ولا يزرعون وهم اول من انشاء حضارة زراعية في العالم!!!!
حدثني محمد بن سعد قال: حدثني محمد بن عمر الواقدي عن الوليد بن كثير عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير قال: لما فتح المسلمون مصر بعث عمرو بن العاص إلى القرى التي حولها الخيل ليطأهم.
فبعث عقبة بن نافع الفهري وكان نافع أخا العاص لأمه.
فدخلت خيولهم أرض النوبة كما تدخل صوائف الروم فلقى المسلمون بالنوبة قتالًا شديدًا.
لقد لاقوهم فرشقوهم بالنبل حتى جرح عامتهم.
فانصرفوا بجراحاتٍ كثيرة وحدقٍ مفقوءة فسموا رماة الحدق.
فلم يزالوا على ذلك حتى ولى مصر عبد الله بن سعد بن أبي سرح.
فسألوه الصلح والموادعة فأجابهم إلى ذلك على غير جزيةٍ لكن على هدنة ثلاث مئة رأس في كل سنة وعلى أن يهدى المسلمون إليهم طعامًا بقدر ذلك.
حدثني محمد بن سعد قال: حدثني الواقدي قال: حدثنا إبراهيم بن جعفر عن عمر ابن الحارث عن أبي قبيل حسي بن هاني المعا فرى عن شيخ من حمير قال: شهدت النوبة مرتين في ولاية عمر بن الخطاب فلم أر قومًا أحد في حرب منهم.
لقد رأيت أحدهم يقول للمسلم: أين تحب أن أضع سهمي منك فربما عبث الفتى منا فقال: في مكان كذا.
فلا يخطئه.
كانوا يكثرون الرمي بالنبل فما يكاد يرى من نبلهم في الرض شيء.
فخرجوا إلينا ذات يوم فصافونا ونحن نريد أن نجعلها حملة واحدة بالسيوف فما قدرنا على معالجتهم.
رمونا حتى ذهبت الأعين فعدت مئة وخمسون عينًا مفقوءة.
فقلنا: ما لهؤلاء خير من الصلح إن سلبهم لقليل وإن نكايتهم لشديدة.
فلم يصالحهم عمرو ولم يزل يكالبهم حتى نزع وولى عبد الله بن سعد بن أبي سرح فصالحهم.
قال الواقدي: وبالنوبة ذهبت عين معاوية بن حديج الكندي وكان أعور.
عن يزيد بن أبي حبيب قال: ليس بيننا وبين الأساود عهد ولا ميثاق إنما هي هدنة بيننا وبينهم على أن نعطيهم شيئًا من قمحٍ وعدسٍ ويعطونا رقيقًا فلا بأس بشراء رقيقهم منهم أو من غيرهم.
حدثنا أبو عبيد عن عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد قال إنما الصلح بيننا وبين النوبة على أن لا نقاتلهم ولا يقاتلونا وأن يعطونا رقيقًا ونعطيهم بقدر ذلك طعامًا فإن باعوا نساءهم لم أر بذلك بأسًا أن يشترى.
ومن رواية أبي البخترى وغيره أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح صالح أهل النوبة على أن يهدوا في السنة أربع مئة رأس يخرجونها ويأخذون بها طعاما.
وكان المهدي أمير المؤمنين أمر بإلزام النوبة في كل سنة ثلاث مئة رأس وستين رأسًا وزرافة على أن يعطوا قمحًا وخل خمرٍ وثيابًا وفرشا أو قيمته.
وقد ادعوا حديثًا أنه ليس يجب عليهم البقط لكل سنة وأنهم كانوا طولبوا بذلك في خلافة المهدي فرفعوا إليه أن هذا البقط مما يأخذون من رقيق أعدائهم فإذا لم يجدوا منه شيئًا عادوا على أولادهم فأعطوا منهم فيه بهذه العدة.
فأمر أن يحملوا في ذلك على أن يؤخذ منهم لكل ثلاث سنين بقط سنة.
ولم يوجد لهذه الدعوى ثبت في واوين الحضرة ووجد في الديوان بمصر.
وكان المتوكل على الله أمر بتوجيه رجل يقال له محمد بن عبد الله ويعرف بالقمى إلى المعدن بمصر واليًا عليه وولاه القلزم وطريق الحجاز وبذرقة حاج مصر.
فلما وافى المعدن حمل الميرة في المراكب من القلزم إلى بلاد البجة ووافى ساحلًا يعرف بعيذاب.
فوافته المراكب هناك.
فاستعان بتلك الميرة وتقوتها ومن معه حتى وصل إلى قلعة ملك البجة.
فناهضه.
وكان في عدة يسيرة فخرج إليه البجوى في الدهم على إبل محزمةٍٍ.
فعمد القمى إلى الأجراس فقلدها الخيل.
فلما سمعت الإبل أصواتها نقطعت بالبجوبين في الودية والجبال.
وقتل صاحب البجة.
ثم قام من بعده ابن أخته وكان أبوه أحد ملوك البجويين وطلب الهدنة.
فأبى المتوكل على الله ذلك إلا أن يطأ بساطه.
فقدم سر من رأى فصولح في سنة إحدى وأربعين ومائتين على أداء الإتاوة والبقط ورد مع القمى.
فأهل البجة على الهدنة يؤدون ولا يمنعون المسلمين من العمل في معدن الذهب.
منقول
العهدة على الراوي