( الروائية زينب بليل ) طلالة على إحدى أهم الروائيات السودانيات

لعل من نافلة القول التنبيه الى أن غير روائيات العقود الثلاثة الأخيرة مثل (ليلى أبو العلا) و غيرها من روائيات تركن أثراً في مشهد فن السرد السوداني ، ليس ثمة ما يمكن أن نشير إليهن بالبنان سوى (ملكة الدار محمد) و بثنية خضر مكي) و ربما (نفيسة الشرقاوي) ( لتجربتها المتأخرة في كتابة الرواية ) و تأتي (زينب بليل) على رأسهن لتميزها و قدرتها الفائقة في قوة السرد الناعمة التي تأخذك أخذاً الى بؤرة الحدث كأنها تونسك أو على الأصح تحجيك
{ ما يشبه سيرة ذاتية }
الروائية (زينب بليل) نسيج وحدها في كل شئ ، لا تشبه غيرها في نشأتها ، و لا في مسيرتها الدراسية . و لا في ميلادها الثاني كروائية ، ليس ثمة شئ معد مسبقاً ، حتى عشقها لقراءة الكتب لم ترفده مكتبة الأب أو الأم فكلاهما كانا أميياً ، فقط هذا العشق للإختلاء بكتاب أورثته لها زميلة المرحلة المتوسطة (سعاد) التي كانت همزة الوصل بينها و هذا الجليس الونيس ، و هذا العشق لم يعينها في الحصول على درجة مقبول في مادة الإنشاء و لعل عدم رغبتها في مواصلة الدراسة في مدرسة مدني الوسطى ، سببه فشلها بالحصول على درجة المرور في مادة الإنشاء ….
كل هذا و غيره باعد بينها و الميلاد الثاني لها كمبدعة ، الى أن طلب منها أخوها ، – حينما شكت له فشلها في الحصول على درجة النجاح في مادة الإنشاء – أن تصف له القطية التي وُلدت و شبت عن الطوق بين أرجائها . و بعدها تخطت عتبة الولوج الى عوالم الدهشة و و الإهام و الخيال و الإبهام بإلتحاقها بمعهد الموسيقى و المسرح لتفوز مسرحيتها “المحاكمة” ضربة الفرشاة الأولى في فضاء لوحة (زينب بليل) الإبداعية المتفردة ، بالجائزة الأولى ؛؛؛؛؛؛
[ منجزاتها الإبداعية ] ما يميز أعمال الروائية (زينب بليل) عن أعمال الروائيات الأُخريات أنها مازجت بين مفردات معيشتها في قطية بسيطة في ضواحي مدينة “سنجة” وسط الغنيمات و الدجاجات و كلب حارس و قطط ولودة و أحاجي ود النمير و الشاطر حسن و الأميرة ذات الهمة و حياة مواطن الإغتراب المترفة و التوغل عميقاً في أغوار النفس المتنازعة بين الخير و الشر و اللون الرمادي !!!؟؟…
و لعل د. (عائشة موسى السعيد) أختزلت توصيف الروائية (زينب بليل) في خير الكلام ما قل و دل :- ( صلبة بلا قسوة ) ( طيبة بلا سذاجة ) ( صابرة بلا خنوع ) ( لينة بلا ضعف ) ( جميلة بلا رتوش ) !!!؟….
هذه هي الشخصية الإنسانية للروائية (زينب بليل) ، تمتح دوماً من ينابيع القيم و الأعراف و الأخلاق و الأصالة السودانية ؛؛؛؛؛؛؛
فأنت ليس في حاجة ، لطويل وقت لينسرب الى وجدانك هذا الإحساس المتدفق في عذوبة ، فتستشعر أنك تقف أمام العطاء الجزل بلا أخذ !!؟..
رواياتها تفصيل دقيق لواقع مضفور بالأخيلة و الأساطير و الأحاجي و مفردات بيئة غارقة في المحلية ، بدءً برواية (الإختيار) التي وجدت عنتاً من قبل الناشيرين ، حتى صافحت أحرفها أعين القراء لصبرها بلا خنوع ، رغماً عن رفضها من عدة جهات بحجج واهية ، لا تمت للإبداع بصلة !!!….
و أعقب رواية (الإختيار) رواية (كش ملك)
كلا الروايتين يمتحان من ذات المعين و إن إختلافا في الموضوع و الشخوص …..
اللازمان و اللامكان يرسمان إطاراً للهجنة بين الأنواع الأدبية و الكتابة عبر النوعية ( قد ظل راعيها الجلوس الجلوس ) ( و الأم ما ظلت تعوس تعوس ) ( و يدها تفتش عن ملاليم الفلوس ) ( و المال يمشي الهوينا )
( بين جلباب النحوس من التيوس المجوس )
تتمازج الأجناس الأدبية و يطغي أبو الفنون على الفن السابع و يغيب السرد وسط كثافة الوصف و تصدح موسيقى الشعر على رتابة النثر و يتسيد الحوار المشهدي بالعامية المفصحة على بؤرة الحدث و تتكشف قدرة الروائية (زينب بليل) في الحكي الناعم كأنها شهزاد تروض شهر يراها الجامح ( في مدينة تغمس أرجلها في مياه النيل الأرزق و تتكئ على غابة كثيفة من السنط و السدر و الهجليج … )
( في قطية تحيط بها سبع شجرات نيم و ليمونة و جوافة و قشطة و باباية واحدة … )
هكذا تتوضح معالم كل شئ من خلال الوصف التفصيلي الذي يغني أحياناً عن السرد !!!؟…
و تأتي بعد روايتي “الإختيار” و “كش ملك” رواية “نبات الصبار” و مسرحيتي “نكون أو لا نكون” و “المحاكمة”
* * *
ماذا أقول عن الروائية (زينب بليل) ؟ …
يبدو أنني لن أستطع أن أوفي بالقدر اليسير مما تستحق ، بحكم غيابي المتطاول عن قراءة الملفات الثقافية و حضور المنتديات الأدبية …
فقط أيام جائزة (الطيب صالح) العالمية للإبداع الكتابي ، أتاحت سانحة اللقاء بها لأول مرة و التعرف على إحدى أهم رموز الروائيات السودانيات و لا سينما حينما دعتنا مع لفيف من المبدعين و المثقفين للإحتفاء بالشاعر (عبد الله شابو) الذي إختارته جائزة (الطيب صالح) شخصية هذا العام في دورتها الخامسة … في منزلها المزرعة ( لو لم أكن كاتبة لكنت مزارعية ) الكائن بضاحية “سوبا” حيث كان هناك د. (عائشة موسى السعيد) و البروف و الناقد و القاص (محمد المهدي بشرى) و الأمين العام لجائزة الطيب صالح و الناقد (مجذوب عيدروس) و الشاعر و الدبلوماسي (عمر عبد الماجد) و البروف (عمر شاع الدين) والصحفي (محمد الجيلاني) و القاص و الروائي (فيصل مصطفى) و قرينته و زوجة العيدروس
في رحاب منزلها العامر أزددت قرباً من خصالها المنقطعة النظير!!!؟؟…
ثمة إنسانة بمعنى الكلمة تتفجر سودانوية !!!؟…

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. شكرا لك استاذ على تعريفنا بالكاتبة زينب بليل. محزن الا يكون معظم اجيالنا الجديدة قد سمعوا بهذا الاسم ناهيك ان يكونوا قراوا لها شئيا.

  2. نحن أستاذ جلال نحاول
    قصارى جهدنا أن نردم
    الهوى التي تفصل بين
    جيلنا و الأجيال الشابة
    لك خالص مودتي

  3. شكرا لك استاذ على تعريفنا بالكاتبة زينب بليل. محزن الا يكون معظم اجيالنا الجديدة قد سمعوا بهذا الاسم ناهيك ان يكونوا قراوا لها شئيا.

  4. نحن أستاذ جلال نحاول
    قصارى جهدنا أن نردم
    الهوى التي تفصل بين
    جيلنا و الأجيال الشابة
    لك خالص مودتي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..