مقالات وآراء سياسية

بين كفواتنا وكفاءاتنا

عبدالدين سلامه

كفواتنا أضحت في كفاءاتنا ، والطغم التي تسلقت الكراسي علي اختلافها منذ الاستقلال أثبتت ذلك ، فمعظم الأكاديميين والمثقفاتية الذين تولوا المناصب لم يورثونا سوي الذل والهوان ، ولم تفدنا أكاديميتهم في شيء بعكس أنصاف وأرباع بل وغير المتعلمين الذين أثبتوا كفاءتهم ، فالإدارات الأهلية في خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي أثبتت كفاءة كبيرة في حكم البلاد وحفظ الأمن والمحافظة علي الرخاء ، وأثبتت أن الكفاءة تحتاج لتعريف دقيق في بلادنا ، لأن الكفاءة عندنا ارتبطت بالتحصيل العلمي وتصنيف القارة أو البلاد التي درس بها الشخص والمناصب التي تقلدها ، وقد تمخضت التجارب السودانية قديما عن المثل القائل ( القلم مابزيل بلم ) ، وهاهي كفوات ثورتنا تثبت ذلك بوضوح ، فالرسول صل الله عليه وسلم وكافة الأنبياء قبله من لدن أبونا ادم لم يدرسوا في اكسفورد ولا عملوا بمنظمات عالمية ، والإمام المهدي رغم اختلافنا حول مهديته ، لم ينل قسطا من التعليم الأكاديمي ، ولا الشيخ زايد الذي بني أفضل حضارات العصر الحديث وصنع مدرسة بنائية متكاملة درس في أوروبا ، ولا الملك سعود الذي أوجد السعودية بشكلها الحالي أنجبته كلية عسكرية ، ولا بقية العظماء الذين بني عليهم متعلمونا رسالاتهم العلمية كابن سينا والفارابي وابن رشد وغيرهم ، كانوا يقاسون بمانقيس به كلمة الكفاءة ، فالكفاءة مسألة فطرية والقيادة ترتبط بالحكمة والرؤية وبعد النظر لا بالتحصيل الأكاديمي ، لأن القدرات القيادية يفطرها الله في الإنسان و تصقلها الممارسة .
التحصيل الأكاديمي دون شك ضرورة لابد منها لتقدّم المجتمعات ، ولكنها ليست شرطا لاعتلاء كراسي السلطة ، فالطبيب ليس بالضرورة أن يصلح وزيرا للصحة ، ولكنه سيكون أفيد لو تم حصره في التطبيب ، والإقتصادي يصلح في مجال تخصصه أكثر من صلاحه في اعتلاء منصب ، ومن هنا يجب أن تبدأ ثورتنا التصحيحية ، لأن القيادة تحتاج الرؤية الثاقبة وقوة الشخصية والحكمة وصفات ليس بالضرورة أن يكون من بينها التحصيل الأكاديمي ، لأن الحاكم يحيط نفسه بمستشارين لسدّ الفجوة الأكاديمية التي يتطلبها الحكم .
الثورة التصحيحية يجب أن تتيح المجال للجميع ، فلا يعقل أن يتم السماح لفرد باحتلال المنصب الثاني في الدولة رغم عدم تحصيله العلمي وتمنع وثيقتهم الدستورية الاخرين من الترشح في انتخابات غير معروف إن كانت ستتم ، بشروط التحصيل العلمي ، وليس من العقل أن يتم خط تلك الوثيقة المعيبة بشروط تمنع من يجد فرصته في الحكومة الانتقالية من الترشح في الانتخابات القادمة ، ثم تعود لتثتثني الحركات وبعض كاتبي الوثيقة من الحكام عن ذلك بالرغم من مطّها الفترة الانتقالية لحركات المحاصصة ، وليس في الأمر هجوما علي نائب رئيس الدولة فكثيرون هم أولئك الذين ظلمتهم الظروف ولم يتمكنوا من التحصيل العلمي ولكن الله حباهم بكثير من صفات القيادة ، وكثيرون نالوا قسطا من التعليم ولكنهم لايصلحوا للحكم ككفواتنا الحالية ، وماوصله حال البلاد من تردّي يثبت ذلك .
معظم الدول الناجحة في عصرنا الحالي ارتقت لأنها منحت الشباب فرصة الحكم وشبابنا هم من صنعوا هذه الثورة ونجاحنا يحتاجون منحهم الفرصة فقد تم تجريب كبار السن منذ الإستقلال ولم نجد منهم غير الأفعال السالبة التي ظلت تشدنا للقاع ، وعلي كل ساستنا التعقل وافساح المجال للشباب مع الإحتفاظ بأبوتهم وتوجيههم لهم قبل أن يخرج أولئك الشباب عن صبرهم ويلقوا بهم في سلة نفايات التاريخ قسرا ، فالشباب أثبتوا بالتجربة وعيا قياديا بانتهاجهم السلمية رغم عنف النظام السابق ، وأثبتوا احترامهم وتوقيرهم لكهول حكم اليوم بصبرهم عليهم رغم فسادهم وجورهم عليهم ، ولكن الصبر تحكمه حدود
وقد بلّغت

 

عبدالدين سلامه
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..