مقالات سياسية

عن مستقبل الوطن

ربما يكون اسقاط النظام اكبر همنا
لكن يجب ان لا يكون مبلغ علمنا

لا امل الحديث عن ان هبات شعبنا الباسل تجهضها الاستعدادات البيئسة التي ننتظر بها ثورة الشعب، علي المستوي السياسي و المهني بل و الاكاديمي. و اشهر الامثلة هنا ان قياداتنا السياسية لم تستطع ان تصل لاجماع علي ادانة قوانين سبتمبر و الغائها بعد انتفاضة اذهلت العالم، و كما ان ذاك الجيل الذي نفخر به من القضاء الجالس و الواقف لم يقدموا ورقة تعين السياسيين علي الغاء هذه القوانين الشائهة. و لست في حاجة الي الاشارة انني لا اقصد قوانين الشريعة السمحاء بل تلك القوانين التي فصلت لارهاب و ترويع الناس، و سميت بالقوانين الشرعية زورا و بهتانا.

في بلاد الدنيا التي تمارس فيها الديمقراطية ممارسة حقة، المؤسسات السياسية، اي الاحزاب، و المهنية، اي النقابات وجمعيات المهنيين، في مكاتب ادارتها مكاتب خاصة بالبحث و التخطيط، و اخري للتدريب هدفها اعداد قيادات المستقبل السياسية و المهنية. اما علي المستوي الاكاديمي فالجامعات كلها تخصص جزءا مقدرا من ميزانية البحوث لقضايا المجتمع و مستقبل الاجيال و الوطن. و هكذا تقدم المشورة العلمية للسلطات التشريعية و التنفيذية. بل و تقدم انجع الحلول العلمية لمشكلات المجتمع، علي اساس من البحوث العلمية الدقيقة.

لا اعتقد ان هنالك من يختلف معي في ان القيادة السياسية و المهنية و الاكاديمية في بلادنا ، بعد عقدين من الآن، ستكون من ابنائنا الذين تخرجوا من الجامعات خلال الاعوام العشر السابقة ، و اولئك الذين لا زالوا في مقاعد الدراسة. و السؤال هنا هل اعددناهم للتحديات الكبيرة التي تنتظرهم؟ و هذا الاعداد من المفترض ان تقوم بها المدارس و المعاهد و الجامعات التي درسوا فيها في المقام الاول، ثم تقوم المنظمات السياسية و المهنية بدورها في اعداد نخبة منهم للقيادة السياسية و المهنية. هل نحن مطمئنون و راضون بما قامت به مؤسسات التعليم المختلفة؟ هل لاحزابنا و مؤسساتنا المهنية اي دور في تربية و تدريب جيل الغد؟ انا شخصيا لست براض عن ما تقدمه مؤسسات التعليم، بل اعتقد ان بعض هذه المؤسسات عوقت عددا كبيرا من هذا الجيل، بالتركيز علي تلقين العلم الاكاديمي و تجاهل المناشط التربوية التي تعد الشباب لمجابهة صعوبات الحياة و التعقيدات التي صاحبت السياسة في عهود الشموليات. كما انني لا اري للمؤسسات السياسية و المهنية اي دور في هذا الشان.

و ما العمل ؟ هل نترك جيل الغد معوقا ، تنقصه المعلومات الاكاديمية، و التدريب العملي، و المهارات اللازمة لعصر الالفية الثانية؟ ليس من العقل او العدل ان نطلب من جيل لم نؤهله لمسؤولياته ان يتولي القيادة في هذا البلد. ما العمل؟؟ سؤال موجه للعلماء و الخبراء في تدريب الموارد البشرية ، و للاكاديميين في الجامعات ليصفوا العلاج لهذا الامر للقيادة السياسية ، و هذه بالطبع ليست الحكومة وحدها بل كل الفعاليات السياسية التي تتطلع لصناعة غد مشرق لهذا الوطن.

و الامر الآخر ان المشكلات الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية و الاخلاقية التي افرزتها سنوات الحكم الشمولي متعددة و معقدة ، و لا يمكن علاجها بالاجتهاد الشخصي، او بالنوايا الحسنة. هذه مشكلات معقدة تحتاج لدراسات علمية تقترح طريقة التعامل مع مثل هذه المشكلات. ليس هذا فحسب بل هنالك المشاكل القانونية المتصلة بممتلكات الشعب التي انتقلت ملكيتها لافراد او حكومات اجنبية. الا يجوز ان يدرس رجال القانون الطرق الكفيلة باسترداد هذه الممتلكات؟

حول هذه المواضيع اريد ان اكتب سلسلة من المقالات تتناول هذه المشكلات، و ذلك من اجل تبادل الرأي و دعوة المختصين للعمل في هذا المجال، بجانب العمل الدؤوب لاسقاط النظام.

اسال الله العلي القدير ان يحفظ هذا البلد، و ان يوفق جيل الغد في الاستعداد للمسؤوليات التي تنتظرهم، انك سميع مجيب.
و آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام علي اشرف الخلق و المرسلين.

حسين الزبير
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..