فاطمة السمحة

سهير عبدالرحيم

في نهارية قائظة جاءت تلتحف ثوب العفاف والنقاء والحب، كانت تمشي الهوينا بتؤدة واطمئنان ثم لا تلبث أن تقفز فوق الجداول مثل مهرة فقدت فارسها فصارت تركض بطلاقة وحرية دون أن يثني عزمها لجام.

جاءت بصحبة عدسة الزميل سعيد عباس، وسعيد يملك ناصية التصوير كما يملك عين لا تخطئ مقاسات عدستها صورة الأميرة (فاطمة خوجلي ).

وقد كانت أميرة بالفعل في كامل بهائها وألقها وحضورها الطاغي، وعندما لم يكن لي سابق معرفة بها فقد قدمها لي سعيد قائلاً (فاطمة سمعت عن مرضك وإنك بقيتي كويسة وقالت لازم تجي تقول ليك حمد لله على السلامة) .

مددت إليها يدي مصافحة وأنا أدعوها لتشاركنا الاحتفال بشفائي والذي كان يضم بعض الأهل والأصدقاء .

فاطمة التي لم التق بها قبلاً جلست من فورها على السجادة وبدأت في توزيع الطعاما والفاكهة على الأطباق بحنكة ومهارة وخبرة تشبه ابنة الريف وترف ذوقي يحاكي أناقة الأميرات .

وكأنها ست البيت أو صاحبة الدعوة .

هكذا وبدون مقدمات دخلت قلبي وعقلي وفرضت وجودها بقوة وسط الحاضرين، كانت تشرف على الضيوف على طراز الحبوبات وطقوس خبيرات الولائم .

بدأ بعدها المغني يغني فكانت هادئة ورزينة وحالمة لم تغادر مقعدها أبدًا ولم تمارس شيئاً من الاستعراض الأنثوي في ظل وجود ذكوري كبير من أصحاب الجيوب المنتفخة.

كان ذلك لقائي الأول بالصحفية الراحلة فاطمة خوجلي أعقبته بلقاءات كثر كان آخرها وهي على فراش الموت بمستشفى شرق النيل، حينها أحسست بندم عميق أنها تفارق الحياة قبل أن أبثها حبي وتقديري وودي، إنها في نومتها تلك وفي القلب أشواق وحنين وفي العقل عرفان وتقدير .

وكما تسللت يومها بهدوء إلى قلبي تسللت بعدها بهدوء وهي تعكف طرحتها وتودع الحياة بنفس الأمل والرضا والصبر .

لقد أحببتك وأنت الحاضرة دائماً وأبدًا في دواخلنا بطيبتك وعفويتك وبراءتك وصدقك وأريحيتك وحضورك الطاغي الذي يقول هآنذا.

لشد ماعجبت في وفاتك لإطارات السيارة التي لم تعرف كيف تضل الطريق إلى فاطمة، ولو كان لتلك الإطارات الخيار لاختارت الانكسار والهزيمة وطعم الفشل قبل الوصول إلى جسدك المعافى بحب الخير.

إني على يقين أن الطريق الإسفلتي قد بكاك ومحطات الانتظار ولهفة القراء وكل وعود اللقيا والأمل عند الشماسة وأصحاب المظالم ومن بقيت أوراقه وروحه في درجك.

نسأل الله لك الرحمة والمغفرة وأن يحشرك فسيح جناته مع الصديقين والشهداء ويجعل عوض شبابك الجنة وقبرك روضة تأنس وحشتنا وتخبرنا إنك باقية في عقولنا وقلوبنا وأن طال الألم.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يابُنيتي هل معارفكم كلهم من أصحاب الجيوب المنتفخة ولا هم من خاصة أصدقائك الذين ينتهزون حتى فرصة المرض الصغير بحضورهم الطاغي كما قلتي، أليس من بين هذا الحضور الذكوري ثلة من الغبش؟

  2. في ناس من كتر ما هم طيبين بنقول عليهم انهم ما ناس دنيا وبالطبع هي والاستاذة نادية كن كذلك .. الله يرحمهم ويغفر لهم ويتحنن عليهم بكرمه ولطفه ويوسع عليهم قبورهم ويضئ لهم فيها من نور الجنان .

  3. بدل أن تتصدقي علي المساكين والفقراء تقيمين حفل عندما تعافيتي من المرض!! أنتي من أثرياء الانقاذ ولكن تمثلين علي أنك مهتمة بالفقراء !!

  4. أستاذة سهير / أوجعتى قلوبنا بهذا المقال ولا نملك إلا أن نسأل الله سبحانه وتعالى للفقيدة الرحمة ولك أيتها الوفية ولأهل الفقيدة الصبر الجميل وإنا لله وإنا اليه راجعون .. وأحببت أن أشارك بهذا الجزء حتى يتعرف القارئ على هذه العلم ..
    قال السماني حسن الفاضل خال الصحفية الراحلة فاطمة خوجلي عن التفاصيل الحزينة للرحيل المفاجئ للصحفية والإعلامية فاطمة خوجلى علي خلفية وقوع الحادث الأليم بمنطقة بحري وقال: ابنة أختي بدأت عملها الصحفي بصحيفة (الدار) بمساعدة الأستاذ مبارك البلال و كتبت من خلال الصحيفة عدد من الأعمدة التي تم نشر البعض منها قبل و بعد وفاتها و من ثم تحولت لصحيفة الرأي العام وأضاف : فاطمة كانت قريبة مني منذ أيام الجامعة حيث درست هندسة كيمياء بجامعه السودان وكانت نابغة كعادتها دائماً وبعد تخرجها جاءتها فرص للعمل بالمملكة العربية السعودية إلا أنها رفضتها لحبها الشديد للصحافة ونحن كأسرة كنا لا نعلم بان فاطمة رسمت لنفسها خط سير خاص بها فيما زار والد الراحلة فاطمة خوجلي قبرها برغم المرض الذي أقعده عن الحرك.
    وأردف : ظلت أسرة الراحلة فاطمة خوجلي تقيم بالمملكة العربية السعودية حوالي 30 عاما مابين المدينة ومكة المكرمة الا ان الراحلة رفضت الإقامة بالسعودية لحبها الشديد لهذا الوطن والعمل الصحفي بينما اكد المخرج ميرغني انه بصدد إنتاج فيلم وثائقي للراحلة فاطمة خوجلي يحمل عنوان عاشقة الصحافة ويتناول مسيرتها بالصحافة وفق إفادات أسرتها ورؤوساء التحرير.

  5. لها الرحمة والمغفرة
    وربنا يتقبلها هي وصديقتها
    نادية عثمان مختار

    ربنا اعطي وربنا اخد
    ولا نقول الا ما يرضي الله
    والبركة فيك يا سهير
    واحسن الله العزاء
    وحاشاك من الالم والفراق

  6. سيدتي لو كنت رئيس التحرير للصحيفة التي تعملين بها لمنعت نشر هذا التفاخر بقدراتك المالية ووولائمك الي يؤمها ذوي الجيوب الفخيمة تبا لاقلام تضيع الوقت في اشياء لا تفيد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..