بشار ضيف القناة الفرنسية حدث ولاحرج؟!.. العرب في الإعلام الفرنسي.. كالسود في الإعلام الأمريكي!

أسمى العطاونة:

لم يعد في الإمكان أن نحتمل أكاذيب أخرى يتحفنا بها الإعلام الفرنسي، سواء كان ذلك على الصعيد المحلي أم العالمي. فبعد حالة الملل التي تنتاب المشاهد من موجز الأخبار على قناة «تي. إف. أن» في الساعة الواحدة ظهرا مع موسيو المقدم والصحافي جان بيير بيرنو، متحدثا عن صراع ديوك في قرية مجهولة من القرى الفرنسية، أم عن قطة دهستها سيارة في جبل مجهول من الجبال الفرنسية، أم عن أجمل بيضة لونت في عيد الفصح، لم يعد بالإمكان توقع المزيد أو المفيد من التحف الصحافية.
هذه هي الأخبار التي تهم الفرنسيين، سواء في منتصف النهار أم في آخر الليل. أخبار لا تجدي ولا تنفع، حتى وإن تنقلنا بزر جهاز التحكم فإننا لن نرى تغييرا سوى في تحريك الشفاه من مذيع لآخر. أصبحت أخبار القبض على الإرهابيين المسلمين حديث الساعة تماما كأخبار القتل والحبس، التي تمارسها الشرطة الأمريكية تجاه مواطنيها من السود. كم كان بارعا المخرج الأمريكي مايكل مور حين تحدث عن مقته لوسائل الإعلام الأمريكية وكيفية تحريضها على الكره وزرع ثقافة الخوف في قلوب الأمريكان لتلهيهم عن المشاكل الرئيسية كالفقر والبطالة والفروقات الإجتماعية بين الطبقات في المجتمع الأمريكي بين أغنياء يعالجون وفقراء يموتون رغم شقائهم. وكم كان مور بارعا حين سلط الضوء على أحداث العنف المتزايدة بسبب الظلم الواقع على الطبقة الفقيرة في أمريكا، سواء من التغطية الإعلامية أم من السياسة الخارجية والداخلية الأمريكية. لقد كان جريئا في نقده لمجتمعه، إعلامه الفاسد، وحكومته. لقد تضامن مع العراقيين والأفغان ومع المسلمين والسود في أمريكا، ووقف في وجه الأكاذيب السياسية وطالبهم بإرسال أولادهم في الحرب على العراق بدلا من إرسال الفقراء العاطلين عن العمل والذين تعدهم الحكومة بتوفير المال لعائلاتهم مقابل التحقاهم بالجيش في العراق وأفغانستان. ربما كان مور محاربا كدون كي خوتيه أمام طواحين، ولكن المشاهد لأفلامه يرى فيها مسحة الأمل، في عقول أمريكية تفكر ولا تتبع ما يبصقه الإعلام من أكاذيب.
أنا لا أتحدث عن محطات صغيرة بل عن محطات كـ»سي. أن. أن» و»فوكس نيوز» وغيرها من المحطات الأمريكية العملاقة. محطات لا يهمها إلا إراقة المزيد من الدماء لصنع الخبر ولا يهمها التحقق من صحة أخبارها أو دقتها أو التعمق بها. كم أمقت جملة «نحن نصنع الخبر» فهي تذكرني بمدى صحتها حين تلفظها المحطات كإعلان ترويجي لها. أجل أنتم تصنعون الأخبار بدلا من نقلها على حقيقتها. وكم يظهر هذا جليا في أفلام أمريكية مستقلة عرضت مؤخرا كفيلم «المتسلل ليلا»، والذي يرينا كيف تتم صناعة الأخبار وتقديم الـ»سكوب»، ولو كان على حساب قتل أعز الناس إليك كصحافي، فما يهم هو السبق الصحافي والمال الوفير في آخر الشهر، هكذا إذا أصبحت الأخبار ومراكزها الإخبارية الفخمة، أماكن لنشر القتل والحرب والدمار!!

«براميل الأسد» منافسة إعلامية إنكليزية فرنسية
مجال التنافس الفرنسي والإنكليزي لا يعتبر حديث الساعة فقط بل يعود لقرون عديدة، دارت بين الشعبين، كالحروب المميتة كـ»حرب المئة يوم». المنافسة الشرسة بينهما لا تقتصر على المجال الرياضي أم على المسبات الإجتماعية كمسبة «الضفادع» في وصف الفرنسيين أو مسبة «أغبياء محبوسون على جزيرة منذ قرون وتحكمهم ملكة في عصر التكنولوجيا» أو «آكلو البينز» في وصف الإنكليز، كل هذه المسبات لا تعبر اليوم إلا عن تنافس دائم بين شعبين ينحدران من ماض وتاريخ تنازعت فيه القوتان على عدد المقتنيات، سواء كان من بلاد أو مستعمرات قديما.
لم ينته التنافس وما زال محفورا في قلوب الفرنسيين، لكي يصل اليوم إلى الجانب السياسي، وتحديدا الإعلامي، حيث قامت القناة الفرنسية الثانية بتقليد قناة «بي.بي. سي» ودعت الديكتاتور بشار الأسد لمقابلة لم تعد بالحصرية. الأسئلة هي نفسها تقريبا والحوار مل من تكرار نفسه بين إعلام يعلم تماما الحقيقة ويقف صامتا ويحاول اقتناء الخبر والسبق الصحافي دون جدوى وبين سفاح يكذب على شعبه وينفي وجود البراميل من جديد!!
أرادت القناة الفرنسية الثانية التغيير قليلا من الملل الإخباري الذي تعيده من أخبار متكررة عن مسلمين أشرار وعن طقس مشمس يدعى فيه الفرنسيون للبس النظارات الشمسية لحماية عيونهم ودهن أجسادهم البيضاء بكريم حماية من سرطان الجلد. لا أبالغ في حديثي ووصفي فهنا يهتم الناس بالطقس أكثر من اهتمامهم بجثث لمهاجرين غير شرعيين تلقى يوميا في البحر المتوسط!
يعيد المذيع الحديث عن النشرة الجوية مع تعليقاته وتحذيراته للفرنسيين خلال ذهابهم وإيابهم لقضاء الإجازات المدرسية، ولكي يضيف القليل من «البهار» على طبخته يقدم لنا الصحافي الفرنسي المشهور، نجم النشرة المسائية على القناة الثانية دافيد بوجادس وجه بشار في مقابلة حصرية!!
الجو مشمس وحار، ولكنها حرارة أقل من حرق البراميل غير المعترف بها من قبل بشار لا على التلفزيون الإنكليزي أو الفرنسي! أربع سنوات من القتل والدمار في بلده، يأتينا الأسد ليتحفنا من جديد على شاشات غربية تتلهف لدعوته، ليخبرنا بأن الشعب كذاب وأن البراميل مجرد إدعاء وبأن لنظامه أسلحة متخصصة، وأشكر الله أنه لم يذكر «الطناجر»، فلقد احتفظ بها كـ»سكوب» للتلفزيون الإنكليزي!
لم السؤال وتكراره، ألا تكفي أدلة الأمم المتحدة، ألا تكفي صور الجثث المتفحمة؟! ألا يصدمهم رد بشار بأن جيشه لا يستعمل إلا الأسلحة التقليدية المتعارف عليها. عن أي أسلحة يتحدث؟ وكيف لهم كإعلاميين بأن يتسارعوا لاهثين لإجراء المقابلات مع المجرم بدلا من التضامن مع الضحية؟!
لم يتغير خطاب السفاح في المقابلة وبقي كما هو الإنسان البريء الذي يواجه خيانة البرابرة والوحشيين من السوريين المسلحين بصدره العاري، أولئك الذين أطلقوا الرصاص على الشرطة وكذبوا على العالم بسلميتهم!! إن تكرار بشار الأسد لكلامه وتصريحاته وتكذيبه لشعبه لا يمكن وصفه إلا بالخطاب المفرغ من محتواه، الكلمات هي ذاتها، والأكاذيب هي ذاتها، تماما كنشرات الأخبار، لم يعد استدعاؤه سبقا صحافيا من صحافة وإعلام مشوه، فماذا سنتوقع من حكومة فرنسية تدعي «العدل» وحماية «حقوق الإنسان» وفي ذات الوقت تقف صامتة وعاجزة عن نجدة شعب يتيم؟!

لوبين والسجاد الأحمر في نيويورك
لوبين مسرورة جدا، هي إمرأة سعيدة يبتسم الحظ لها، إمرأة شقراء وجميلة لا تحب المسلمين ولا العرب، لا تضحك لنكات جمال ديبوز ولا يعجبها العجب. تعشق الموت والدمار، في قلبها يكمن الكره والحقد، ترعرعت في جوه منذ نعومة أظفارها. تفتخر بغرف الغاز التي أحرق فيها اليهود، تدعى كضيفة شرف في «جالا» لنازيين سابقين. تتخذ من المهاجرين «ضرتها» ولقمة تلوكها مرارا وتكرارا لتقذف بها إلى مسامعنا وتعود فتمضغها. تدعي كرهها لوالدها وتحاول تجميل قبحه وعينه الزجاجية كعين قرصان شرير «كابتن هوك» في حكاية بيتر بان، يهاجم حلم الأطفال اليتامى بالتحليق والطيران. نراه أبا نازيا ذا عين زجاحية يرهب عائلته على المائدة.
في عائلة لوبين يتناقل فيروس الحقد والكراهية، يتكاثر ويتوالد، ليبتلعه جيل بعد آخر، فبعد الأب تأتي الإبنة لتحمل شعلة «فرنسا الزرقاء»، مشيرة إلى دم النبلاء الأزرق ذوي العيون الزرقاء والشعر الأشقر، لتأتي خليفتها من بعدها «ماريون لوبين» أجل عائلة لوبين كالأرانب، تتوالد بكثرة. يزينها الإعلام فنراها فتاة جميلة ولكن ليتها لا «تتحدث»، ونتمنى في قلوبنا «ماذا لو تفشى وباء الخرس في عائلة لوبين»؟!
تخيلت يوما أننا ربما سنسمع قصة لابنة عاصية للوبين انشقت عن العائلة المريضة هذه وتزوجت برجل أسود. أو عن حفيد مخفي للوبين من أصول عربية ومسلمة وربما يكون حاليا جهاديا في «داعش»، فالتطرف يولد التطرف! لوبين يحتفى بها اليوم بالإنكليزية الأمريكية، لتكون من بين المئة الذين صنفوا ليكونوا الأكثر تأثيرا في العالم من قبل مجلة «تايم» الأمريكية! لوبين سعيدة للغاية وتفتخر بثوب «السواريه» الفاخر! وخاصة بعد الضجة الإعلامية التي أحدثتها بسبب شجارها الدائم مع أبوها مؤخرا وطلبها له بالانسحاب من الحزب. والضجة التي أحدثها لوبين الأب حين حاول ضرب ابنته بحفيدته الشابة «ماريون»! والحفيدة «تختبئ خلف جدها» والجد يضرب بعصاه ابنته ليحمي حفيدته» لينقسم الحزب ويضعف وننتهي منه إلى الأبد ويعيش المهاجرون في سلام دائم!

كاتبة فلسطينية تقيم في باريس

أسمى العطاونة:

القدس العربي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..