مخاطبات الأسواق والمواقف الشعبية .. المغزى والدلالة

ظل الحدث السياسي والحراك الثوري الأكثر وضوحا (بعد الفشل الذريع الذي منيت به عملية التمديد لدكتاتور الخرطوم ونظامه في إبريل المنصرم والمسماة زورا وبهتانا انتخابات) هو السجال الذي لا زال يجري بين ناشطي وأماجد حزب المؤتمر السوداني وأجهزة أمن النظام من ثنائية الاعتقالات والمخاطبات الجماهيرية في المواقف والأسواق الشعبية. فما أن يتم اعتقال أو استدعاء منسوبين أو قيادات أو كوادر لهذا الحزب (بسبب هكذا مخاطبات غالبا) حتى تندلع مخاطبات فجائية كثيفة في مواقف وأسواق منتقاة بطول العاصمة وعرضها وكأني بالأماجد يقولون للسلطة المعتدية على حقهم وحقنا جميعا في التنظيم والتعبير أن التخويف ليس حلا لك ولا كابحا لنا.
تكاد تكون الفكرة في حد ذاتها إبداعا ثوريا سودانيا خالصا عرفت بها حملة قرفنا إبان الحملة التمديدية (الانتخابية زورا وبهتانا) السابقة في 2010 وتلقفتها بعد ذلك قوى شبابية وسياسية مختلفة مما أحدث ? بالاشتراك مع انشطة وعوامل ومحفزات أخرى طبعا – تراكما كان له أثر كبير في تحريك الأحداث وتصعيدها في الأعوام 2011 و 2012 و 2013 و 2014 لينقل المشهد من السلبية شبه التامة إلى ما يشبه النشاط اللاعنفي اليومي وصولا لذروة قصوى في سبتمبر 2013 حيث انتظمت البلاد طولا وعرضا انتفاضة تفوق في زخمها اكتوبر وابريل لمدة 10 أيام تقريبا ولم يكن بينها وبين سحق النظام نهائيا إلا انعدام قوى منظمة مستقلة عن الطغمة الحاكمة الفاسدة ? مسلحة منضبطة أو غير ذلك ? تملأ الفراغ الذي نشأ عن استلام الثوار لشوارع البلاد .
الجديد الآن في التجربة الحالية لأماجد وماجدات المؤتمر السوداني أن هذه المخاطبات الفجائية تكشف بقصد أو بدونه توازن القوة الجديد الذي أنتجته سبتمبر 2013 والتفوق -الممكن على الأقل – للثوار والناشطين على النظام وسلطته واجهزته من النواحي الإرادوية (لو جاز التعبير) والعملية جميعها. فلم يكن يحدث فيما سبق أن تصمم قوة سياسية على هذا التحدي السافر فضلا عن أن تتمكن من تنفيذه. وهذا وحده مؤشر كاف على أن ما تلى سبتمبر لا يشبه ? على الإطلاق ? ما سبقها لو أحسن الناس قراءته والبناء عليه.
الجديد أيضا أن الأشاوس قد رفعوا قيمة ومعنى “التضامن” في الفعل الثوري اليومي درجات ومنحوه مغزى عملياً مضيفا فاعتقال ناشط أو محاكمته أو جلده صار يكلف النظام أكثر من ذي قبل وفق المعايير الجديدة هذه. وكان معنى وقيمة التضامن في أمس الحوجة لهكذا تحريك ولما هو أكثر منه بحسب ما لا تنكره بصيرة المراقب المشفق على مسيرة الحراك الثوري اليومي المتصاعد.
بالنسبة للمواطنات العاديات والمواطنين المنسربين في الطرقات فإن مشاهدة هذه اللافتات القماشية الأنيقة وسماع هذه الحناجر الصادحة بهمومهم بصدق هي منال عزيز يتحقق دون شك وما تقوله التعديلات ? العزيزة بدورها – في ميزان القوة المقروءة هنا تعد بمزيد من الفعاليات التي من شأنها جبر خاطر المواطن المقهور المكسور وإعادة تمليكه لأهم الأسلحة وأمضاها في معركة التغيير التي لن تتوقف .. ألا وهو سلاح الأمل
هذا لا يعني على الإطلاق أن الطريق قصيرة إلى ردم الهوة الاصطناعية بين النخب الفاعلة والناشطة وبين عموم المواطنين المعنيين بالأهداف والنتائج النهائية لكل هذا الحراك والذين لا وسيلة ولا غاية سواهم لإنجاز التغيير وللمحافظة عليه بذات الوقت . لكنه يعني على الأقل أن هذه الطريق “في طريقها للطي ” بالمثابرة والاجتهاد وفتح مغاليق الممكنات الماثل كله في هذا الحراك.
ثمة مستفادات عديدة من الدروس الثورية السابقة أهمها في تقدير الذي يكتب هذا هو أن القوى الوطنية والمدنية والسياسية المنظمة تحتاج للارتقاء لمستوى النبض الثوري لرجل الشارع العادي وليس ? كما كان الافتراض في السابق ? العكس . فقد رأينا أن الصعود في كل مرة كانت تتجشمه القوى الأقل تنظيما وأن الاحباط يأتي من قبل القوى الأكثر تنظيما والتي كان يعول عليها تأطير هذا الصعود والوصول به إلى فجر سوداني يدحر هذه العتمة الخانقة إلى الأبد
يابحيري عارف الانقاذ دى مستمرة ليه؟ لانو اى واحد فينا عمل نفسو زعيم وعتوز يوجه ويحلل للشعب والجماهيلر
الجمتهير دى منو اذا كان كل واحد عامل قيادى