في جزيرة أبا دعونا نحلم بعد “تحريرها” (6)أحلامنا ليس لها حدود أيها الأحباب

د/ بشير محمد آدم – مدير جامعة الإمام المهدي السابق
بعد اكتمال مرحلة تمليك الأراضي الزراعية وتسليم كل مزارع لحيازته مقابل دفع رسوم طالبنا الوالي أن تكون رمزية، يقترح بعض الأخوان على الملاك تجميع أنفسهم كل بحسب المساحة التي يمتلكها في جمعية تعاونية متعددة الإغراض، ينتخب لها مكتب تنفيذي من الملاك وهيئة إستشارية من المختصين في المجال، يقدمون النصح والإرشاد ودراسات الجدوى والأفكار التي يرون أنها تفيد ملاك المشروع بصفة خاصة وأهالي الجزيرة أبا بصفة عامة، ولا يشترط إمتلاكهم لأراضي زراعية وعضويتهم في الجسم الذي ينشأ. أهم شيء أن يكون العمل طوعي بدون مقابل في البدايات إلا من بعض النثريات المتعلقة بالسفر أو بضيافة الإجتماعات. دعونا نحلم بوضعية جديدة وبمستقبل واعد للجزيرة أبا في مقبل السنوات تجعل منها منطقة جاذبة من الدرجة الأولى. دعونا نحلم بإعادة سيرتها الأولى من الإلفة والمودة والمحبة والتعاون على فعل الخير في تجرد ونكران ذات.
لا أحد من أبناء الجزيرة أبا في الداخل أو الخارج ومن أي موقع كان يرفض رد التحية بأحسن منها لأهله ولوطنه الصغير الذي ولد وتربى فيها وتعلم في مؤسساتها التعليمية. البلاد يبنيها ويعمرها بنوها، فشدوا من سواعد الجد والمثابرة. لأهلنا ولجزيرتنا علينا يد سلفت ودين مستحق وجاء وقت سداده كما لهم علينا فضل كبير في ما وصلنا إليه من مواقع مرموقة لبعضنا وذلك بفضل تضحيتهم وتصميمهم على توفير الظروف المساعدة لنا لمواصلة التعليم رغم ضيق ذات. تفتخر الجزيرة أبا بمنافستها لكبرى مدن الولاية في عدد الخريجين من مؤسسات التعليم المختلفة وحملة الدرجات العليا في التخصصات المختلفة الذين يحتلون مواقع قيادية في المؤسسات الدولية والإقليمية وفي بلاد المهجر فلهم التجلة والتقدير ومليون تعظيم سلام.
ظروف إقتصادية واجتماعية وربما ظروف أخرى إضافة إلى محدودية الدخل الناتج عن عدم وجود مصانع أو مشاريع إنتاجية أو استثمارية أو أي وسيلة لكسب المعيشة جعل الحياة في الجزيرة أبا صعبة وطاردة، الأمر الذي جعل لمن لا سبيل لهم لمفارقتها الهجرة يومياً إلى كوستي وربك منذ الفجر الباكر للعمل هناك والعودة بعد صلاة العشاء في أحياناً كثيرة مما تسبب في ضعف العلاقات الإجتماعية حتى في داخل الأسرة، إضافة للإرهاق الجسدي والصرف اليومي على بنود غير منظورة.
بعد وربما قبل استلام شهادات البحث للأراضي الزراعية يمكن إنشاء صندوق إسعافي لدعم فكرة تأسيس جمعية تعاونية متعددة الأغراض تودع فيه التبرعات والمساهمات من الأفراد والمؤسسات على أن يكون أول الداعمين لذلك الصندوق سعادة والي الولاية ومعتمد المحلية ونائبي الدائرة القومي والولائي والمقتدرين من أبناء أبا أو الولاية ويكون هذا الصندوق بمثابة “عربون تضامن”.
معلوم أن أرض الجزيرة أبا خصبة وواعدة تصلح للبستنة خاصة بعد تنفيذ مشروع كهربة المشاريع الزراعية الذي وعد به السيد/ والي الولاية دعماً لتلك المشاريع وتطويراً لها وإخراجها من النمط التقليدي في الري وغيره من مراحل الزراعة. إشتهرت جناين الجزيرة أبا وما زالت بإنتاج أصناف مختلفة من المنقة والجوافة والموالح بأنوعها المختلفة (قريب فروت، برتقال، ليمون ويوسفي)، بجانب أنواع أخرى من الفواكه. في مشروع الإنتاج الزراعي المقترح لا نريد هذه المرة زراعة تقليدية وإنما زراعة متطورة وبصورة إستثمارية تستخدم فيها التقانة والتقنيات الحديثة والبذور المحسنة. نؤكد أن هذه المشروع وبالمفهوم الذي طرح به يمكن أن يحقق طفرة نوعية ونهضة إقتصادية في الجزيرة أبا وستظل أبا تزود مدن الولاية وما جاورها بحاجتها من منتوجات من الفواكه عالية الجودة.
بما أن إنتاج الفواكه يحتاج إلى زمن حتى ينعم المزاعون بالعائد المادي فيمكن الإستفادة من زراعة جزء من مساحة المشروع الجماعي المقترح بالخضر والمحاصيل الأخرى المرغوبة الموسمية وذلك أيضاً باستخدام تقنيات حديثة وبذور محسنة. يمكن الذهاب أبعد من ذلك في انتاج خضروات في غير مواسمها وذلك باستخدام البيوت المحمية ونأمل أن تسهم وزارة الزراعة الولائية بتوفيرها وأن يسهم قسم الإرشاد الزراعي بالوزارة إن وجد في تعليم المزارعين كيفية الزراعة في تلك البيوت المحمية والتعامل معها والمحافظة عليها. معلوم أن وزير الزراعة بالولاية الدكتور/ محمد عبد الله عمر من ذوي الإختصاص في المجال وبحكم ما يربطني به من صداقة وزمالة في جامعة الخرطوم وانتمائه لولاية النيل الأبيض لا أشك مطلقاً في أنه سيقدم الدعم اللازم للمشروع ولن يبخل عليه بالنصح والمشورة والرعاية.
في الجمعية التعاونية متعددة الأغراض المقترح إنشاؤها يمكن أيضاً تخصيص مساحة لعمل حظائر دواجن بغرض إنتاج اللحوم لأنها سريعة الإنتاج (45 يوم فقط) ومضمونة العائد المجزي ويمكن البدء بحظائر تقليدية تقليلاً للتكلفة ثم تطور لاحقاً تدريجياً. كما يمكن أيضاً تخصيص مساحة لزراعة الأسماك والمنطقة واعدة بذلك رغم مخاطر الورل الذي يعتبر العدو التقليدي للأسماك والخطر الدائم عليها، إضافة إلى أن مشروع زراعة الأسماك يتطلب زمناً قد يمتد إلى 8 أشهر حتى يظهر الإنتاج ولكنه كمشروع يمكن التفكير فيه وتنفيذه لاحقاً عندما تقف الجمعية على رجليها.
معروف أن مواطني الأرياف يستهلكون كثيراً اللحوم الحمراء مما يجعلنا نقترح تربية العجول والخراف ذات العائد المضمون أيضاً. هذه بعض الأفكار المتداولة في منتديات أبناء الجزيرة أبا وبعضها من أفكار كاتب المقال بحكم رئاسته لجمعية أساتذة جامعة الخرطوم التعاونية متعددة الأغراض ويمكن تقديم الدراسات مفصلة لكل مشروع ومناقشة جدواه الإقتصادية وإمكانية نجاحه مع ضرورة تحديد قائمة بالأولويات والأسبقيات قبل بدء التنفيذ.
نعتقد جازمون أن قبول مقترح الجمعية التعاونية متعددة الأغراض سيحظى بالنجاح ونراهن على ذلك ونأمل أن يتوفر التمويل اللازم وأن يتولى الأخ الوالي شخصياً إيجاد تمويل من إحدى البنوك أو الرأسماليين في الداخل أو الخارج بضمان الأرض التي يملكها المزارعون المشاركون في الجمعية المقترحة والتي نأمل أن تجد قبول أصحاب الشأن.
بحجم الجزيرة أبا وما جاورها من القرى التي يحسب إنتماؤها لها وبحجم عدد سكانها وكثرة المركبات والآليات بأنواعها المختلفة فيها لا توجود بها للأسف محطة وقود حيث يتم ترحيل الجازولين وخاصة البنزين مع خطورته إلى داخل الجزيرة في براميل أو باقات البلاستيكية وكذلك أسطوانات غاز الطهي وبنسبة كبيرة ترحل من ربك وفي ذلك أيضاً خطورة على الركاب في المركبات العامة. نناشد الوالي أن يتم التصديق للجمعية التعاونية المرتقبة ويمحنها إمتياز بناء محطة للمحروقات داخل الجزيرة أبا توفر المواد البترولية من البنزين والجازولين وزيوت السيارات بأنواعها المختلفة، إضافة إلى توكيل توزيع غاز الطهي. دعونا نحلم ونحقق طفرة تنموية واقتصادية نوعية في جزيرتنا.
هذه بعض الأفكار نقدمها لأصحاب الشأن ونراهن على نجاح مشروع الجمعية متعددة الأغراض وتحقيقه عائد مادي مجزي يغير من واقع الحياة في الجزيرة أبا. ونشير إلى أنه سيوفر فرص عمل لعدد من أبناء الجزيرة أبا يتزايد بتوسع وتنوع مشاريع الجمعية. كما أننا نأمل في أن يكون هناك فائض لأرباح المشروع (دعونا نحلم)، يخصص جزء منه بإذن الله وتوفيقه دعماً للخدمات الصحية والتعليمية ومجالات أخرى(أحسنوا النوايا)، هذا بجانب حلمنا المشروع والقابل للتحقيق بتقديم دعم لليتامى والأرامل وذوي الحاجة وطلاب العلم.
سأتناول في مقال الإسبوع القادم مساهمات أبناء أبا في دعم مستشفى الجزيرة أبا. ولنا عودة.