التضحية والإيثار

٭ الأعياد مناسبة سعيدة وعظيمة لاسيما ان كانت دينية مرتبطة بمعان كبيرة.. التضحية والايثار? مضت أيام العيد الكبير بإجازته الطويلة وهو عيد الفداء.. عيد الوفاء وتعظيم الأبوة حد التضحية بالنفس.. وهو موسم الحج.. موسم الاتجاه إلى بيت الله.. موسم أداء شعيرة قرنها سبحانه وتعالى بالاستطاعة لاستكمال الرسالة الخاتمة.. الإسلام.. (وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً).
٭ جاء العيد هذا العام والعالم كعادته يموج ويفور بأحداث غريبة وعجيبة.. أمريكا وما يدور داخلها وحولها وعنها.. ترامب شغل العالم بتصريحاته وتغريداته.. والعالم العربي يوالي فورانه ويزداد غرقاً في مشاكله الخاصة ومشاكله المحلية والإقليمية وكل يوم تظهر جماعات ومسميات تهتم بكل شيء إلا حياة الانسان البسيط.. وأفريقيا على حالها مشاكل السياسة والفقر والمرض.
٭ ونحن في السودان استهل العيد عندنا بمطر.. في الفجر ليزيد الطين بلة.. أما الحديث عن غلاء الخرفان جعل الرأس تدور هولاً والأطفال يزيدون جرعة البكاء من أجل الخروف لا لسبب إلا ان يكون عندهم خروف يقول باع.. كيف جاء وبأي مبلغ وصل البيت فهذا لا يهمهم.
٭ وهذا العيد في زمان مضى كانت تحتشد مشاعر الناس بالبهجة الروحية وتزداد الأماني والأمنيات بأن القابلة إن شاء الله في عرفة.. كان الأطفال يطوفون بمنازل الحي ويباركون العيد ويحصلون على العيدية التي تبدأ بتعريفة وقرش أو شلن وريال والريال هذا رقم قياسي.. ريال يعني عشرة قروش.. عندما أخذت أحكي لأبناء وبنات اخوتي وأخواتي الصغار سألوني قرش يعني شنو.. بذلت جهداً في الشرح لأن أصغرهم لا يطلب أقل من ألف يعني جنيه.
٭ الأطفال في العيد كل الأطفال يبحثون عن الحلاوة والكعك والقروش يطلبونها وهم يرفلون في جديد الثياب.. قد تختلف خاماتها ولكنها كلها جديدة.. يستوي في ذلك أطفال الأحياء الراقية والأحياء الطرفية.
٭ تعذبت كثيراً للتغيير الذي أخذ يتسع يوماً بعد يوم الأطفال يأتون من الأطراف وبأعداد كبيرة وفي ثياب رثة وأقدام حافية ونفوس منكسرة ويطلبون بإلحاح وبالتحديد (رغيف ولحمة) ولا يتذكرون الحلاوة والكعك.
٭ الفقر سلب الأطفال والكبار بهجة العيد.. وقفت عند هذه الجملة الصغيرة بعدد الكلمات الكبيرة في معناها وقفت كثيراً عند معنى عذابات الفقراء.. عذابات هذا الكم الهائل من المجتمع السوداني.. نعم.. الكم الغالب من سكان السودان. فقد أضحت الغالبية العظمى من السودانيين تحت خط الفقر ومازال الغلاء هو سيد الحياة.. الغلاء في كل شيء.. هو سيد الموقف.
٭ وهذا كله لا يفسد قيمة التضحية والايثار التي تبقي للحياة ولعيد الفداء قيمته وكل سنة والكل بخير ولعن الله منغصات الحياة..
هذا مع تحياتي وشكري
الصحافة



