جرة نم 6

نمة اليوم اخترناها لكم من ديوان شاعر فذ يجيد صنعة الدوبيت أيما إجادة بيد أنه مقل وضنين بشعره لا ينشره إلا على أضيق نطاق. شاعرنا هو الأستاذ والنائب البرلماني علي محمد سراج من قرية سراج في شرق دار حامد. علي سراج رجل أوتي الحكمة وفصل الخطاب فهو لذلك رجل مجالس “وجودية” يتمتع بسعة الصدر وطول البال وقدرة فائقة على حل المشكلات أياً كان نوعها وتعقيداتها. علاوة على ذلك، فإن علي سراج شاعر مرهف الإحساس وسليم الذوق؛ ولذلك يتميز شعره بدقة العبارة والمعاني الشرود كما يتضح من هذه النمة، وشاهدنا على ذلك استخدام كلمة ” التركي” التي يريد بها الشاعر وصف المحبوبة؛ فحذف جميع أدوات التشبيه وأوجه الشبه وأوغل في ذلك إذ المقصود بالتركي هو المهرة أو الفلوة التي كثيراً ما تشبه بها النساء في الشعر الشعبي في السودان عموماً ودار الريح على وجه الخصوص. وقد يتبادر سؤال إلى ذهن القارئ فيما يتعلق بلفظ التركي وعلاقته بالمهرة؛ والإجابة على ذلك هي أن الأتراك كانوا في الأصل يعملون في تربية الخيول الأصيلة ولذلك نسب الشاعر محبوبته وكنى عنها بهذا اللفظ امعاناً منه في عدم ذكر اسم المحبوبة كعادة كثير من الشعراء العفيفين. ثم يشبه الشاعر محبوبته بالغزالة ” جدية أم شور” وما أروع استخدامه لكمة ” جدية” وهي الصغيرة من البهم والغزلان وقد رمز لها الشاعر ببعض صفاتها في قوله ” في الدبس تنعركي”. ولا يخفى على القارئ انكسار الشاعر كعادة المحبين إذ يعلن إذعانه لأمرها الذي تخضع له كل القبيلة.
الغني والنميم والأخبار التكون لاسلكي
لا بسلينا ولا بجيب خبير التركي
جدية أم شور الفوق الدبس تنعركي
نافز أمرك طايعين حتى القبيلة تملكي
هذه واحدة من روائع علي سراج وليته يفك الحظر عن شعره المتميز حتى يصل إلى عشاق هذا الفن الراقي والضرب الرفيع من الشعر.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..