مقالات وآراء

عن تقرير فولكر لمجلس الأمن عن السودان، أقول

د. معتصم بخاري

 

تقدم المبعوث الأممي للسودان السيد فولكر بيرتس بتقرير مفصل و ضافِ عن مجمل الأوضاع في السودان إلي مجلس الأمن الدولي بكامل أعضاءه بالأمس.. التقرير جاء صادمآ و محرجآ لجماعة الإنقلاب الفاشل.. و يحمل في طياته إدانة واسعة و مباشرة للإنقلاب و ما نتج عنه من مآسي و أهوال سيدفع السودان و ربما الإقليم ثمناً باهظاً لها.

لقد سمي السيد فوكلر الأشياء بأسماءِها دون مداراة أو مواربة، قال إن ما حدث في الخامس و العشرين من أكتوبر إنقلاب عسكري .. و أن قوات الأمن تقتل ” عمداً ” المتظاهرين السلميين.. و أن الإنقلاب قد أجهض آمال و أشواق السودانيين في الحرية والعدالة و التحول الديمقراطي و الحكم المدني الرشيد.. و أن البلاد تمر بحال من إنسداد الأفق و السيولة الأمنية و فقدان الأمل، بل و خطر التشظي و التشرزم و الإنقسام ثم التلاشي.. كما أكد أن الإنقلاب قد أضاع معظم مكتسبات الثورة و من ضمنها العودة إلي حضن المجتمع الدولي كدولة طبيعية و محترمة، كما أضاع مساعدات مالية كبري و إعفاءات ديون مقدرة البلاد في أمس الحاجة لها للتعافي من رجس و إرث الإنقاذ النتن.. كان توصيفه دقيقآ و موجعآ لكل مواطن يحمل في جوفه الحد الأدنى من الوطنية أو الحد الأدنى من منظومة القيم الإنسانية التي تمجد الخير و تكره الشر و الظلم و الإستبداد.

و لا شك لدي بأن سدنة الإنقلاب سيقومون بتحريك أزلام إعلامهم المأجور و أقلام نافخي الكير ضد السيد فولكر و بيانه لمجلس الأمن. و سيعودون إلي نغمتهم الممجوجة عن السيادة الوطنية و عدم التدخل في الشئون الداخلية، في بلد أصبحت الإستخبارات الخارجية تسرح فيه كما الهوام في الفلاة دون رقيب او عتيد و أصبحت السفارات الأجنبية للأسف لها اليد الطولي في الشأن الوطني السوداني.

لقد إنحشر الإنقلاب و الإنقلابيون ومن والاهم من المتمردين الخونة في حيز ضيق، و فقدوا القدرة علي المناورة و الحركة، و إنسدت أمامهم السبل و الأرض بما رحبت.. و لم يعد لديهم ما يقدمونه من مبرر لخيانتهم للعهود و إنقلابهم علي شرعية الثورة.. و باتوا في حيرة من أمرهم، لا هم نجحوا في شؤم إنقلابهم و لا الشارع خفض من غضبه او سقف مطالبه.. بل علي العكس، كلما سقط شهيد، زاد الغضب و تمترس الثوار خلف شعاراتهم بألا شراكة مع القتلة و المارقين…

لقد رأينا في الأيام الفائتة طلائع و مقدمات السقوط الأخير للإنقلاب من قفز الفئران و الجرزان من سفينته المتأرجة تحت إعصار و إصرار شباب الثورة المجيد علي إقتلاع شأفة الشر هذه من أرض السودان للأبد.. و التسونامي القادم سيكون مزلزلآ يهدم أركان الباطل كلها ليقيم دولة العدالة و الحرية و المساواة و السلام.. و سيعلم الجنرال المأفون سوء ما إقترفت يداه و سيجده أمامه حاضراً يورثه الذل و الحسرة والندامة..

أقول

إن الثورة قد تجذرت في القلوب و إحتضنتها النفوس.. و هي حية و منتصرة بشبابها و شاباتها مهما أمعن القتلة في شرهم و بؤسهم..

و مع إيمان قطعي راسخ بأن حل المشكلة السودانية سيأتي من شباب الثورة و هم أملها و روحها و رصيدها و وقودها، يظل دور المجتمع الدولي مؤثرآ و مساعدآ في بلوغ الغايات.. و ما حصار العالم للإنقلاب إلا دليل علي أهمية دور المجتمع الدولي.. و من هنا تأتي أهمية بيان السيد فولكر لمجلس الأمن.. و رغم إنشغال العالم بما يحدث في اوكرانيا، إلا أن الرسالة قد وصلت إلي بريد جنرال الشؤم بأن العالم ما زال يراقبكم، فماذا أنتم فاعلون أيها الفاشلون.

الثورة ماضية، و ما النصر إلا صبر ساعة..

[email protected]

‫2 تعليقات

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..