نفوذ الإسلاميين داخل الجيش السوداني وتداعياته.. ماذا بعد؟

ما زالت الاختلافات والتناحرات بين قادة الجيش والقوى السياسية والحزبية الأخرى تسيطر على الساحة السودانية. تتباين التحاليل والمعلومات التي تنتقلها وسائل الإعلام يوميًا، مما يكشف بوضوح عن عمق الانقسامات بين التيارات السياسية في السودان، بغض النظر عن انتمائها وتوجهاتها. كما تظهر الأحداث الجارية مدى التدخلات الخارجية في شؤون البلاد، التي تتمتع بثروات طبيعية كبيرة.
الصراع القديم-الجديد بين الإسلاميين والقوى المدنية يشكل أحد أبرز الأمثلة على هذه الانقسامات في السودان. فالحركة الإسلامية في البلاد لا تفوت أي فرصة لتحقيق حلمها بالسيطرة على الحكم والسلطة.
اقالات داخل الجيش
في إطار متصل، تبرز الخلافات الداخلية في السودان بوضوح من خلال القرار الذي أصدره قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، الأسبوع الماضي، بإقالة وزير الخارجية المكلف، علي الصادق، وتكليف نائبه حسين عوض بتولي مهامه. كما تمت إقالة ولاة كسلا والقضارف في ظل استمرار الاشتباكات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في عدة مدن بالبلاد.
وبحسب تحليل السياسي السوداني محمود الصادق، يُعتبر علي الصادق من المسؤولين المرتبطين بالحركة الإسلامية، وهو من أنصار نظام الرئيس السابق عمر البشير، كما أنه مقرب من الأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي. يُشير الخبراء والسياسيون السودانيون إلى أن كرتي يتمتع بتأثير كبير على القوات المسلحة السودانية وقد لعب دورًا سلبيًا في الصراع الحالي.
نفوذ الاسلاميين يفوق قدرات البرهان
تشهد الآونة الأخيرة تصاعد الخلافات بين قادة الجيش، وذلك بسبب اتساع نفوذ الحركة الإسلامية داخل الجيش ودعمها للبرهان. يعيد هذا الوضع إلى أذهان السودانيين فترة حكم البشير ونظامه المتشدد، الذي أثار انتفاضة الشعب السوداني ضده.
في هذا السياق، عارض الفريق أول شمس الدين الكباشي، نائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة، أي دور للإسلاميين في الصراع الحالي، مؤكدًا ضرورة استبعادهم بشكل نهائي ومعاقبة الضباط المنتمين للتيار الإسلامي إذا ثبت تلقيهم تعليمات خارجية.
وحذر الكباشي في خطاب سابق أمام بعض القوات من خطر انفلات “المقاومة الشعبية المسلحة” التي تعمل مستقلة عن قيادة الجيش، مشددًا على ضرورة عدم استغلال معسكرات الجيش من قِبل أي حزب سياسي.
تؤكد بعض المصادر العسكرية السودانية أن انتشار الميليشيات المسلحة تسهم في تأجيج الصراع برعاية الجيش، حيث تشارك مجموعات مرتبطة بالإسلاميين في المعارك الحالية في البلاد.
ويشير المحلل السياسي السوداني عثمان ميرغني إلى رغبة شديدة من جانب قادة الجيش والشعب في إبعاد الإسلاميين عن المشهد السياسي والصراعات الحالية.
انعكاسات الخلافات على الداخل السوداني
في سياق ذي صلة، أصدر وزير شؤون مجلس الوزراء، المكلف عثمان حسين، قرارًا بإعفاء والي ولاية كسلا، بأمر من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان. ووفقًا لمصادر محلية سودانية، جاءت إقالة والي كسلا نتيجة لتصاعد الخلافات بينه وبين الناظر سيد محمد الأمين ترك، رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، خاصة بعد لقاء الناظر ترك بالبرهان. حيث أعلن الناظر ترك، في مؤتمر صحفي، رفضه تنفيذ أي قرار صادر عن والي كسلا ودعا لإقالته فورًا، مشيرًا إلى رفضه استمراره في المنصب.
من جانبه، رفض الوالي المُقال محمد موسى خلال مؤتمر صحفي تدخل الإدارة الأهلية في الشؤون التنفيذية والإدارية في الولاية.
تعود الخلافات بين الناظر ترك، المنتمي للحركة الإسلامية، والوالي موسى إلى عدة أسباب، منها اتهام الناظر ترك للوالي موسى بالغطرسة وعدم الوفاء بالعهد، بالإضافة إلى فشله في إدارة الولاية ورفضه للقاء وفد المقاومة الشعبية ومنعه بيع الأراضي وتقصيره في واجباته.
مجلس السيادة قد أصدر قرارًا بإنهاء مهام واليي القضارف وكسلا، وتكليف اللواء محمد أحمد حسن بمهام والي القضارف، واللواء الصادق محمد الأزرق بمهام والي كسلا، إلى جانب تكليف اللواء المتقاعد محمد العجب بولاية سنار، واللواء المتقاعد مبارك حسن بولاية الشمالية.
ويُشير بعض الخبراء والمراقبون إلى أن الظهور الإعلامي لبعض الجماعات الإسلامية أثر سلبًا على السودان، وجعل بعض الدول تنحي ظهرها عن البرهان. ويُعتبر هذا التحرك جزءًا من محاولة البرهان لتعديل التشكيلة الحكومية، مع التوجه نحو تشكيل حكومة “تكنوقراط” مستقلة لإدارة البلاد، استعدادًا لوقف الحرب والدخول في عملية سياسية جديدة.