كيف نؤمن بالتغيير ونصنعه؟:

مما لاشك فيه ولا جدال حوله أن تجربة حكم الحركة الإسلامية بكل مسمياتها وتنظيماتها التي تناسلت منها، أدخلت البلاد والعباد في امتحانات قاسية ومحن متعددة عصفت بوحدة البلاد ونشرت ثقافة القتل والكراهية وثقافة النفاق والدجل وضربت المجتمع في تماسكه ووحدته واحدثت حالة انقسامات حادة بين ابناء الشعب الواحد مستغلةً التنوع الديني والثقافي والاثني والعرقي في المجتمع وبدلاً من أن تجعل منه قوة دفع ايجابية، جيرته لصالح مشروعها الفاسد المتوهم المبني على الاسلاموية والعروبية فخدعت الكثيرين وتعاطف معها الأغلبية وتبعها الأرزقية والمنتفعين.
فكانت نتيجة ذلك انهيار اقتصادي وفشل سياسي وحروب داخلية مستعرة ومستمرة وفصل الجنوب وانتشار ثقافة الفساد وأكل المال العام وغياب دور الحكومة الأساسي في توفير الاحتياجات الأساسية مثل الدواء والتعليم والمأكل والملبس والسكن والوظيفة الشريفة.
ولا يمكن لهذه الصورة المقلوبة أن تعتدل ما لم نؤمن بضرورة التغيير وايماننا به أصبح واجب علينا ذلك لأنه كلنا نعلم علم اليقين أن وضع دولتنا الفاشل هذا لا يعبر عنا ولا عن قدراتنا الفكرية والعلمية وتاريخنا وثقافتنا الضاربة في القدم ، فلا يمكن أن نسلم بهذا الوضع ونعتبره هو سقف قدراتنا المتاحة ونرضخ لحالة اليأس والجمود والانعزال التي فرضها علينا النظام الحاكم. لا بد علينا من النظر للعالم من حولنا ولجيراننا في المحيط الإقليمي ومقارنتها بوضعنا المتردي البائن لنستشعر المسئولية في أنفسنا ونواجه اللحظة الفارقة من تاريخنا بالشجاعة اللازمة حتى تفخر أجيالنا بمواقفنا في أشد اللحظات وتغيير مجرى الأحداث لمصلحة الوطن.
لا بد علينا أن نؤمن بالتغيير وبحتميته وضرورته لنصنع مع بعض مستقبلنا من خلال المشاركة الايجابية في العمل السياسي والاجتماعي ونشر القيم والمبادئ التي تعبر عن ثقافتنا وجعلها دستورا وقواعد مجتمعية صارمة ننشرها في منظماتنا وفي مدارسنا وفي الأحياء وفي الاسواق. مبادئ الصدق والتآخي واحترام القانون ومحاربة الفساد والجشع ونشر روح التكافل ونشر ثقافة المحاسبة وإعلاء قيم الدستور والمحافظة عليه وإعادة الثقة في احترام النصوص الدستورية التي نتفق عليها من خلال حفظها وحمايتها والوقوف بكل شجاعة من يخالفها. ونشر ثقافة أن هذا الوطن هو لنا جميعاً ولكل منا الحق للتقدم والمشاركة في صياغة مستقبله.
نصنع التغيير من خلال إيماننا بمبادي وأسس راسخة في إدارة العملية السياسية وجعلها دستورا لنا نتواثق على حمايتها وصونها وحراستها وعلى الأحزاب السياسية وكل من لديه برنامج للحكم أن يلتزم بتلك المبادئ والقيم الوطنية وكل من يخالفها نتصدى له مجتمعين. لا بد علينا وحتى لا نمر بتجارب مماثلة ونعرض الوطن لمحن جديدة أن يكون التغيير مستصحباً معه تغييراً في شكل العلاقة بين من يحكم وبين الشعب قائمة على صون وحفظ والالتزام بتلك القيم والمبادئ التي نتفق عليها ونؤمن بها.
سامي دكين/ المحامي

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..