مهرجان جبل البركل نحو .. هوية سودانية متميزة

تقرير: فريد مكاوي :

جبل البركل أو الجبل المقدس كما ورد في كثير من المخطوطات والوثائق في العالم القديم وها هو الآن بعد أن أصبح ضمن التراث العالمي يتوشح من جديد، بعد أن نال منه الدهر وتركوه وحيدا يعاني الطبيعة القاسية وتنهش حناياه الأقدار.. نفر كريم من أبناء هذه الأمة يريدون نفض الغبار عنه ويكون مرتعاً للثقافة السودانية ورمزاً لوحدة الهوية السودانية، والتي أصبحت هاجساً يؤرق معظم المفكرين والمؤرخين.. ولطالما كان تراث الأمم ركيزة أساسية من ركائز هويتنا الثقافية والاجتماعية..
وعنوان اعتزازها بذاتيتها الحضارية في تاريخها، ولطالما كان التراث المادي والثقافي عموماً للأمم منبعاً للإلهام ومصدراً حيوياً للإبداع المعاصر ينهل منه فنانوها وأدباؤها وشعراؤها.. كما مفكروها وفلاسفتها لتأخذ الابداعات الجديدة موقعها في خارطة التراث الثقافي.. وتتحول هي ذاتها تراثاً يربط حاضر الأمة بماضيها، ويعزز حضورها في الساحة الثقافية العالمية.. وتنعكس صدى الحضارات المتعاقبة على الفلكلور وأغانٍ وموسيقي وحكايات ومعارف تتوارثها الشعوب عبر أجيال وعصور، وكل تلك الصروح المتعددة والمختلفة، وتلك البقايا المادية من أوانٍ وحلي وملابس ووثائق وكتابات جدارية وغيرها، إذ كلها تعبرعن روحها ونبض حياتها, والآثار وما تحتويها من اطلال المعابد والإهرامات والقصور، وهو تراكم خبرة الإنسان في حواره مع الطبيعة وحوار الإنسان مع الطبيعة، إذ يعني التجربة المتبادلة بين الإنسان ومحيطه، وهذا المحيط الذي يضم حتى الإنسان الآخر فرداً كان أم جماعة.. ويعني كل مفهوم يتعلق بتاريخ الإنسان في تجارب ماضيه وعيشة في حاضره وإطلالته على مستقبله، أما التراث الحضاري والثقافي فهي الممتلكات والكنوز التي تركها الأولون حيث هي السند المادي، ومن خلالها تستمد جذورها وأصالتها لتضيف لها لبنات أخرى من مسيرتها الحضارية لتحافظ على هويتها وأصالتهما، وتقاس حضارة الأمم وعراقتها بما تملك من تراث إنساني، توارثه الأبناء عن الآباء جيلاً بعد جيل، معتزين بما تركه لهم الأجداد وتظهر ملامحها وتتميز مواصفاتها، كلما كانت هذه الحضارات متفردة وفي خدمة الإنسانية بل تعبر هوية الفرد والجماعات.. ونحن للآن ننادي بالهوية السودانية وظهرت مدارس كثيرة لها ولكن عدم اهتمامنا لتلك المعالم أبعدنا كثيراً ولم نفكر يوماً من هؤلاء…!!!

وأصبحنا نقحم ونتساجل في أروقة الثقافات ودور المفكرين زمناً طويلاً لكي نعرف من نحن ونسينا أن هناك دليلاً واضحاً يدل لنا الطريق وينطق صامتاً ويقول لنا أنتم منا.. ولا أحد يستجيب له حتى الآن

وفقدان التراث الثقافي يعني فقدان الذاكرة.. إن الذاكرة هي التي تساعد على القرار لتقول من أنا.. فالفرد الفاقد ذاكرته لا يستطيع أن يستدل على باب بيته ولا حتى على أبويه، فكيف والحال هكذا أن يصنع مستقبله ويطور ذاته، ومثلما ينطبق هذا على الفرد ينطبق على الشعوب أن التراث الثقافي وكما هو معروف لدى الباحثين والمختصين يحتوي على جانبين أولهما الملموس المادي، مما انتجه السابقون من مبانٍ ومدنٍ ومعابد وغيرها، وثانيها التراث غير الملموس المادي من معتقدات وعادات وتقاليد، فالحفاظ على هذين العنصرين هو حفاظ على هوية الأمة وذاكرتها.

وإذا رجعنا أنفسنا نجد هناك قاسماً مشتركاً يجمع كل القبائل والبيوتات السودانية خاصة ماذكرناها وهي التي تحكم وتحدد الهوية، ونجدها عادة من طقوس العبور(الزواج، الميلاد, الوفيات) إضافة لعاميتنا التي تحمل كثيراً من المفردات غير العربية مأخوذة من لغات سودانية مختلفة.. الخ… كل هذه المعطيات تبشر بهوية سودانية بازخة.. ومعروف بأن الهوية مأخوذة (هو) بمعني جوهر الشيء وحقيقة أي كالبصمة للإنسان يتميز بها عن غيرها (سلوك ميل- مزاج)، ومفهوم الهوية لايجب أن يؤخذ بالبساطة العفوية، إذ ما يزال يلفه الكثير من الغموض، فهناك من المفكرين من يصل به الأمر الى حد القول بإن الهوية لا وجود لها أصلاً, ذلك أن الهوية الشخصية تفترض أن تبقي الهوية الجماعية.. أما الهوية الجماعية، فهي أكثر إشكالية نحن.. الجماعية بينما البشر مختلفون تبعاً لطبيعة الظروف التي تكونوا في إطارها، وتبعاً للبيئة التي يحيون فيها.. (هذا ما عبر عنها الفيلسوف الفرنسي ديول ريكور)

والهوية الثقافية الحضارية متجددة في أعماق كل سوداني خاصة في تفردنا وتميزنا افريقياً وعربياً، وأن هذه الخصائص من أهم العوامل المساعدة في دعم العلاقات الإنسانية بين الشعوب ووفاق لتتويج هوية، ولو كانت بالتراضي الوطني القومي.. وفي اعتقادي أن مثل هذه المهرجانات القومية والرافده من عمق جذور الإنسان المعاصر يسهل كثيراً لدراسات حالية ومؤتمرات وندوات، والجميع في حضرة جدودهم وذكرياتهم المنسية حتماً يسود الاحترام وحب الناس لبعضهم، ويجرهم الحنين لهم ويبقى الأمل لهوية سودانية خالصة..

أخيراً التحية لسعادة الفريق عبد الرحمن حطبة رئيس اللجنة العليا للمهرجان وركبة الميمون ووزير الثقافة والإعلام والسياحة بالولاية الشمالية د/ الفاتح أبو شوك.. وتحية خاصة لكل من أخذت منه علماً في مدرجات الجامعات أو أمهات الكتب ومن أعطوني خلاصة تجاربهم من المفكرين داخل وخارج البلاد.. من زودونى فكرا ومعرفة.. ولنا لقـــــاء.

اخر لحظة

تعليق واحد

  1. شبا وعسوم طريقهم لا تجيبه _______طريت البركل البنقر دليبه

    جبل البركل مهد حضارة لا زالت تبهر الدنيا كلها ماعدا اهلها السودانيين الذين تم استلابهم فكريا ونفسيا بعد التوقيع علي اتفاقية البقت اللعينه…اصبحوا متشبثين بالعروبه اكثر من العربان انفسهم,,

    جبل البركل شهد ميلاد اعظم الرجال في تاريخنا ,,,ملوك النيل من بعانخي الي شبكه وشبتاكا وتهراقا ,,,هولاء العظماء الذين دحرت جيوشهم الغزاة واحتل اجدادنا ما يسمي بمصر الان وانتشروا حتي بلاد الشام الحاليه واقاموا اعظم الحضارات في وادي النيل والتي ادعي ملكيتها زورا حفدة الهكسوس والارناؤوط في مصر الان والتي اطلق اجدادنا عليها مسمي كيمت KEMET ,,,

    جبل البركل حيث يوجد اول معبد لاله تلك الحقبه ((امون رع ))وعدد من الاهرامات والكباش التي قبعت امام معبد جبل لعدة الاف من السنيين الي ان تسلط عليها لصوص الاثار وسرقوا بعضها تحت سمع وبصر سفلة الانقاذ العروبيين الذين يعتقدون ان تاريخ السودان ابتداْبغزوة عبدالله بن ابي السرح!!!

    ولا ننسي اهرامات الكرو والتي كانت المرقد الاخير للملك لبعانخي وباقي الملوك واهرامات نوري ومروي ,,

    حضارة النوبه تعتبر من اعظم الحضارات في الدنيا والتي لم نولها الاهتمام المستحق كما فعل حفدة الهكسوس والارناؤوط في مصر وجنو من ذلك ملايين الدولارات من دخل السياحه!!

    والمؤسف جدا ان سفلة الانقاذ سمحوا لمعاول الباحثين عن الذهب تدمير ما لم يكتشف بعد من تلك الحضاره العظيمه واندس وسط هولاء لصوص الاثار من مصر وتركيا وبلاد الشام ونهبت اثارنا في وضح النهار ويا للعار,,,

  2. انحنا م عندنا اهتمام بالثقافة ودا كلو بي سبب المناهج الجديد في التعليم سيه وغير مفيده في اي شي يخي الامارات اضافت رؤايه للطيب صالح في المناهج المدرسية وانحنا م عملنا لي اي قية تزكر

  3. هذا المكان المقدس كان قبلة النوبيين وحضارتهم التليدة وهو جبل مقدس لمعتقداتهم في تلك الحقبة والاسم الحقيقي للجبل هو “نوركل” كما اورد ذلك العلامة د. عكاشة في كتابه القاموس النوبي الصغير و”نوركل” كلمة من عبارتين باللغة النوبية ف”نور” تعني الله و”كل” تعنة بقعة أو قرب الله وبالتالي يكون معني مسمى الجبل هو “بقعة الله” أو “قرب الله” وهو بالفعل ما كان يعتقده أهل تلك الحضارة وسكان بلاد المنطقة في معتقدهم فالمنطقة هي حيث كان يحج النوبيون اصحاب الآرض والحضارة وبالتالي هي جبل “نوركل” وليس “بركل”

  4. الإخوة الكرام:
    أنا من أبناء منطقة البركل نشأت فيها منذ نعومة أظفاري وصعدت وما أزال أصعد هذا الجبل مرارا وتكرارا وأرجو أن يعي الجميع الأتي:
    أولا: جبل البركل غني جدا عن التعريف ولا يحتاج إلى شهرة عالمية والأجانب الأوربيون يعرفونه كما يعرفون أبناءهم . لذلك بدلا من صرف ملايين الدولارات في مهرجان أو احتفال لا عائد منه كان من الأولى توزيع هذه المبالغ على المساكين أو عمل مشروع إقتصادي أو معالجة المرضى ..كيف يضحك ويبتهج أناس في هذا المهرجان والناس من حولهم يموتون جوعا ومرضا ….سوء إدارة الموارد والمال هي التي أودت باقتصاد البلاد إلى الحضيض … ألم يقل سيدنا عمر رضي الله عن ” أخشى لو عثرت بقرة أن يحاسبني الله بها ” ….

    ثانيا:
    النوبيون الذين سادوا الدنيا في ذلك الزمن الغابر باعتبارهم عمالقة الماضي, ليس لديهم أي صلة بالنوبة الحاليين الموجودين في جبال النوبة وغيرها فسحنتهم تختلف تماما عنهم ويشبه عظماء الماضي سكان الشمال الحاليين إلى حد كبير في سحنتهم والتوابيت الموجودة لعظماء ملوكهم مثل بعانخي , تهراقا وتحديدا الملكة أماني تخشيتو تثبت ذلك .
    ثالثا:
    اللغة الرسمية المكتوبة لهولاء النوبيين هي لغة رسومية ( رسومات أقرب إلى اللغة الهيلوغرافية) وما تزال هذه الرسومات موجودة على جدران معبد الإله أمون في جبل البركل وبعضها على جدران نفق في جبل البركل يقال أنه يؤدي إلى دنقلا العجوز ولكن لم يتحقق منه بعد ز بعض هذه الرسومات يؤرخ للصيد وبعضها للحرب ولا علاقة لتلك الغة باللهجات المحلية في الشمال مثل رطانة الدناقلة والحلفاويين.
    رابعا :
    هنالك كثير من المسميات والكامات لدى قبائل الشمال هي كلمات نوبية ولا علاقة لها بالعربية مثل كلمة البركل نفسها والكرو وكلمة “جرتق” المستعملة في الأعراس والنوبيون بطبعهم أناس متوالفون ينصهرون في أي مجتمع ولذلك عندما أتى عبد الله ابن أبي السرح ودخل العرب شمال السودان لم يهرب النوبيون المتمركزون في العاصمة ” البركل وما حولها” واختلطوا وتصاهروا مع العرب الوافدين لذلك طغت اللغة العربية على تلك المناطق ولكن بقيت الثقافة هي ثقافة نوبية فعادات الزواج والجرتق وغيرها كلها أقرب للتقاليد النوبية كما أن مشروبات الدكاي والشربوت بقايا من إرث نوبي أصيل ….والأمر في غاية البساطة ولا يحتاج إلى كثير نقاش و أقرب مثال لنا هو قبائل البرابرة التي كانت تعيش في الجزائر وبقية بلاد المغرب العربي لم تكن لغتهم العربية وعندما أتى الإسلام وبنى عقبة بن نافع مدينة القيروان اختلط هؤلاء البرابرة بالعرب وطغت اللغة العربية لأنها لغة العبادات ولكن بقية تقاليدهم وثقافتهم إلى الأن تختلف عن ثقافة الشعوب العربية في اليمن والحجاز……
    خامسا:
    بلد بحجم القارة (سابقا) حفظه الله … لا مانع ولا غرابة أن تكون فيه عدة أعراق وثقافات وهي نقطة قوة وليست ضعف كما يعتقد البعض . لذلك لا يمكن حصر هوية السودان إما عربية أو أفريقية وأفريقيا قارة وليست هوية . ,لا حرج أن تكون هنالك ديانات متعددة فالأهم أن يقتنع كل فرد بهويته وديانته ولا يملي عليه فردا أو مجموعة أخرى هوية يراها لا تناسبه . فالنسبة لي شخصيا أعتز بأصلي النوبي (رماة الحدق)وأنني من أحفاد أؤلئك العظماء والثقافة العربية ليست هويتي الأم ولكن ذلك لا يمنعني من العيش في امان مع هوية عربية أو مصاهرة اخرين عرب …….

  5. بحثت عن معني كلمة البركل وسالت عنها ووجدت انها من صميم لهجتنا نحن النوبيون الاجنق وهي اقرب لذلك وعندنا عندما نقول بر كل لي اي الرجل فاتح اللون إذ اتي كما تقول الروايه الي هذا الجبل رجل ذو بشرة فاتحه واستقر هناك واصبح الناس يعاودونه وعندما يهم الرجل بالزياره يقول انني اود الذهاب الي بر. كل. لي. وتاكدو من هذا المعني من قبايل الاجنق التي مازالت علي قيد الحياه

  6. بحثت عن معني كلمة البركل وسالت عنها ووجدت انها من صميم لهجتنا نحن النوبيون الاجنق وهي اقرب لذلك وعندنا عندما نقول بر كل لي اي الرجل فاتح اللون إذ اتي كما تقول الروايه الي هذا الجبل رجل ذو بشرة فاتحه واستقر هناك واصبح الناس يعاودونه وعندما يهم الرجل بالزياره يقول انني اود الذهاب الي بر. كل. لي. وتاكدو من هذا المعني من قبايل الاجنق التي مازالت علي قيد الحياه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..