لم ينعه أحد

بسم الله الرحمن الرحيم

قدم مدير المدرسة نتيجة التلاميذ هكذا: الأول إسماعيل محمد الطيب ورجع وجاء بعد خمس دقائق تقريباً ليقول والثاني أحمد أبو الحسن أحمد ليدلل على أن الفرق بين الأول والثاني كبير جداً لا يعقل أن يذاع اسم الثاني مباشرةً بعده ولا بد من حفظ هذه المسافة.
كان إسماعيل ابناً وحيداً مع ست أخوات، ومن كان هذا حاله لابد أن يدلل ويعامل معاملة خاصة. إسماعيل كان مهذباً ومؤدباً لدرجة بعيدة منذ أن كان صبياً وتلميذاً في المدرسة يشعرك بأنه رجل كامل قليل الضحك كثير الابتسام، يسمع، وقليلاً ما يتكلم. رغم صلة القربى انقطعت صلتي به بعد المرحلة المتوسطة التي درسها في بلدتنا إذ ليس في قريتهم مدرسة متوسطة.
ومن كان هذا طبعه وذكاءه فلن يقف أمامه تعليم. ودرس الثانوية في الكاملين ودخل كلية طب الخرطوم بارتياح شديد وتخرج طبيباً.
في هوس الغربة وتردي الاقتصاد هاجر د. إسماعيل ليعمل طبيباً في اليمن ويبدو لي هذه كانت غلطة عمره إذ لم يتقدم في مجاله ليصل درجة الاخصائي أو الاستشاري ولا أظن ذلك عليه بعسير ولكن إرادة الله، ثم أخطاء القرويين.
عمل د. إسماعيل باليمن سنين طويلة وتزوج وأنجب ابنين فقط (اللهم احفظهم وبارك فيهما) وعاد للسودان ومكث قليلاً إذ قابلته صعاب كثيرة في العمل والالتحاق بوزارة الصحة مرة أخرى. ومثله لا يشكي ولا يشتكي. وهاجر مرة هذه المرة للسعودية.
لو كان للكلام أداة قياس (أو عداد) وقاسوا به كل ما تكلم به د. إسماعيل في عقوده الخمسة التي عاشها لوجدت تعادل كلام بعضهم في يوم ولأنجو من المبالغة ندعها في يومين. تخيلوا واحد من الذين يتحدثون دائما ولا يسمعون إلا قليلا ويتحدثون في كل شيء بعلم وبغير علم ويحتكرون المجالس من الصباح إلى المطاح حديث هؤلاء في يوم يعادل كل ما قاله د. إسماعيل في حياته.
وداهمه المرض اللعين السرطان وأخذ درة وشابا في ريعان الشباب، ولا نقول إلا ما يرضي الله إنا لله وإنا إليه راجعون.
أحزنني موته وأحزنني أكثر أن لم أجد له نعياً لا من جهة رسمية ولا خاصة حيث لم يعمل في السودان كثيرا ولا جالية ولا أقارب، حز في نفسي كل ذلك وأردت أن اريح نفسي بنعيه وأقاربه ومعارفه فهو فقد بحق وقدوة فقدناها.
اللهم أرحم عبدك إسماعيل محمد الطيب، رحمة واسعة وبارك في ذريته أو في ولديه وأجعلهما خيراً منه.
تخريمة:
أين مراقب طريق الخرطوم مدني؟ متى سار في هذا الطريق الذي تعددت فيه الحفر وكل حفرة إما حادث أو قطع غيار وكلاهما يمكن تداركه إذا ما تحرك مراقب الطريق ورأى بعينه هذه الحفر التي هي في ازدياد وتوسع. وأكرمها بقلاب ترقيع كما يفعلون كثيراً وهم يشكرون على ما يقومون به. (شفتوا طموحنا وصل وين؟)
الصيحة

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. نعزيك ونعزى انفسنا ونعزى اهله واصدقائه واهل قريته وكل معارفه وزملاء عمله اللهم أرحم عبدك إسماعيل محمد الطيب، رحمة واسعة وتغمده برحمتك يا ارحم الراحمين وبارك في ذريته وأجعلهما خيراً منه. كما نسأل الله الكريم ان يجزيك خير الجزاء لوفاءك نحو صديقك فى زمن قل أو انعدم فيه الوفاء

  2. العم الوفي أحمد
    جزاك الله و أنت تزكر و تزكرنا عن رجال مضوا و اخرين بيننا ملائكة تسعي

    و علي إبراهيم يا رب سلم
    و علي اهله و أبنائه يا رب سلم. يا رب سلم

    مودة

  3. طالما اهل اللعوته بقطعو الجمار فى الخلاء طريق مدنى الخرطوم حيظل محفر… حقو تردموه بالجمار الغليظ…..

  4. نعزيك ونعزى انفسنا ونعزى اهله واصدقائه واهل قريته وكل معارفه وزملاء عمله اللهم أرحم عبدك إسماعيل محمد الطيب، رحمة واسعة وتغمده برحمتك يا ارحم الراحمين وبارك في ذريته وأجعلهما خيراً منه. كما نسأل الله الكريم ان يجزيك خير الجزاء لوفاءك نحو صديقك فى زمن قل أو انعدم فيه الوفاء

  5. العم الوفي أحمد
    جزاك الله و أنت تزكر و تزكرنا عن رجال مضوا و اخرين بيننا ملائكة تسعي

    و علي إبراهيم يا رب سلم
    و علي اهله و أبنائه يا رب سلم. يا رب سلم

    مودة

  6. طالما اهل اللعوته بقطعو الجمار فى الخلاء طريق مدنى الخرطوم حيظل محفر… حقو تردموه بالجمار الغليظ…..

  7. لا اله الا الله واليه المآب…… اللهم اغفر لعبدك اسماعيل وارحمه رحمةً واسعه واحشره في زمرة الصدقين والشهداء يا رب العالمين ….
    عرفت دكتور اسماعيل في اليمن فقد كان يعمل في قرية اقرب الى المدينة وبها السوق الاسبوعي لكل المنطقة تسمى المحرق بافلح الشام … فوالله كان خير سفير للسودان ….لا يطمئن اليمني في تلك المناطق على علاجه الا عند دكتور اسماعيل لذلك كانوا ينهمرون عليه كالمطر طلباً للعلاج و تيقناً من وجوده عنده …اما نحن السودانيين بالمنطقة ليس منا من ليس لدكتور اسماعيل يد طولى عليه وعلى اسرته…
    الا رحم الله دكتور اسماعيل وبارك له في زريته واهله من بعده..

  8. احمد االمصطفى هو كاتب الجزيرة بامتياز-يكتب عن احزان المشروع واحزان اهله-يبكي على الماضين والباقين ويشرح القضايا المتصلة بحياتهم. وعلى ايام استقرار الصلة بيننا كنت اسميه وزير الزراعة لفرط اهتمامه بالجزيرةالتي هي عماد زراعتنا التي هي مستقبلنا ومصيرنا.في هذا المقال يذرف احمد دمعه الغالي على احد الراحلين-راحل مضى بلا نعي وبلا مشيعين ولكن الجزء الاهم من المقال هو “التخريمة” التي تحسر فيها على ما يحدث لطريق مدني الخرطوم-احد شرايين الموت والحياة في بلادنا وهو موصوع اثار اهتمام القراء وفتح شهيتهم للمزيد من الافكار حول ذلك الموضوع.ونهيب بوزير زراعتنا ان يوفي الموضزع نصيبه من افكاره النيرة وحلوله العارفة.والف تحية ومحبة لوزير الزراعة ولعائلته الكريمة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..