أئمة الشر والإسلامويون عليكم!! (1) ما وراء دخان الطائرة المرجوعة..

سبق أن عرضت عليك فكرة القوة الناعمة لأستاذ العلوم السياسية جوزيف ناي في مقال (ولاية الممل وحكومة الملالي) للتحكم الناعم في المنطقة بالإسلام السياسي السني والشيعي، بالشد والجذب، والتنافر والتقارب، والتحالف والتحارب. فلا يمكنك أن تفسر الحدث من جانب واحد بأن إرجاع طائرة البشير مؤشر إيجابي لمحاصرة الرئيس المتهم من قبل المحكمة الجنائية ولا يمكن أن تحلل أن هذا يصب في صالح الأمة. فهناك أبعاد سياسية دولية وإستراتيجيات تحاك في هذه المنطقة لا يمكن أن نفهمها إلا بفهم خطة (Why not?) التي أقيمت على فكرة الفيلسوف والمؤرخ الإنجليزى الشهير برتراند راسل المتوفى عام 1970. فإذا تفهمت الخطوط العريضة ستتريث لترى ما بعد هذه الأخبار الدخانية لإخفاء الخطة أو لتضغط به أمريكا والغرب لتمرر مخططاتها المستمرة.

يقول القيادي الإخواني المنشق عن جماعة الأخوان المسلمين في كتاباته عن أئمة الشر ان راسل كتب فكرته عام 1951 فى كتابه الشهير (أثر العلوم فى المجتمع) حيث قال: “يتزايد سكان العالم حاليا بمقدار 58 ألف نسمة فى اليوم الواحد، ولم يكن للحرب -حتى الآن- أثر عظيم على الحد من هذه الزيادة، لقد ثبت أن الحرب مخيبة للآمال فى هذا الخصوص حتى الآن، لذلك يجب أن يبحث أصحاب العقول الراجحة عن وسائل بديلة للحرب بين الدول، حينئذ سيكون من السهل أن يتحول جزء كبير من العالم إلى قطعان من الفلاحين التى خبرها الأجداد فى القرون الوسطى، ويكون من السهل على الدول الصناعية الكبرى أن تقود العالم”.

هذه الفكرة استحوذت على عقل الإدارة الأمريكية وأصبحت خطة كاملة في عام 1975 حيث قامت الولايات المتحدة بإنشاء مشروع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية. ضم المجلس أكبر العقول الاستراتيجية فى أمريكا، كان منهم سايروس فانس، وأنطونى سلومون، وهارولد براون، وبريجينيسكى فأنتجوا ثلاثون مجلدا يتضمن خطط إستراتيجية لإستقراء المستقبل وكيف تكون السيادة للولايات المتحدة الأمريكية. يجب أن يتحول البشر فى معظم العالم إلى قطيع من الفلاحين الأجراء، أو العبيد، ليعدوا مائدة الطعام الصحي والشهي والنظيف للسيد الصناعي الكبير.

يتلخص هذا المجلد الضخم فى كلمتين، هما “التفكيك المنضبط” لإقتصاد العالم. ولكي يتم التفكيك لابد من إشاعة الفوضى الإجتماعية، والحروب الإقليمية بين الجارات، والحروب الأهلية فى الدولة الواحدة مما يترتب عليه أولا زيادة نسبة الوفيات فى العالم فيما يشبه الإبادة الجماعية التي يجب أن تتم بيد سكان كل منطقة أنفسهم لا بيد الدول الصناعية الكبرى. ولكن لكي تتم هذه الإبادات الجماعية والتفكيك المنضبط لابد من إثارة وإشاعة وإشعال الفتن الدينية والعرقية والطائفية والحدودية. أهم جزء في الخطة أن ينقسم الشرق الأوسط إلى “سنة” و”شيعة”.

ثم لينقسم العالم السني إلى عدة مذاهب وطوائف و أنصار للدولة الإسلامية الذين لا يؤمنون بقيمة الوطن وخصومها. ويمكن تضخيم كل ذلك بتغذية الروح العنصرية والقبلية بين أبناء الدولة أو الوطن الواحد. وبموت الناس وتمزيق الدول تكون قد أتت الخطة أكلها ويستفيد العالم الصناعى العملاق.

وإذا ما ثم تولى الإسلاميون الحكم فى هذه البيئة الصالحة للفتنة ومزيد من الإضطراب سينتشر الإشتباك العقائدي ويزيد الإحتراب ويتفشى الجهل والفقر والعوز وينهار الأمن والسلم وتدخل المنطقة في أزمات اقتصادية طاحنة تستنفد موارده وثرواته ويخر التقدم والرخاء صعقا. ومن ثم ينقسم العالم والمنطقة إلى مناطق أو تكتلات منفصلة.

وفي المقابل، لأمريكا والغرب، تزدهر تجارة السلاح والطلب على الدفع المالي السخي لأمريكا والغرب للحماية من الإرهاب وبذلك يكون مدد المائدة متواصل.
وحوت المجلدات ان هذه الحالة من الهشاشة والتفكك تحتاج إلى نظام مالى وإاقتصادي عالمي لينظم هذا تحت إدارة عالمية واحدة. هذا يضمن القضاء أو على أقل تقدير قتل مفهوم الدولة الوطن وخلق مفهوم آخر يقوم على إشراف عالمى موحد يكون فى يد الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي بآلية تدفق العملة الأمريكية والأوروبية.

وتستطرد المجلدات بأن الشرق الأوسط سينشغل بنفسه، وسيندمج فى صراعاته، ولن يلتفت إلى تطوير نفسه وتحديث معارفه، وسيعود حتما للوراء عشرات السنين، وبذلك سيظل فى حاجة شديدة إلى دعم أمريكا له عن طريق مؤسساتها، وسيظل تابعا ذليلا لا يستطيع أن يبرم أمرا إلا من خلالنا، وسنضع الرؤساء تحت إمرتنا ونستقدم الحكام كما نشاء، وسيجبرهم صندوق النقد الدولي على اتباع السياسات الاقتصادية التى نريدها.
فهاهم بعد السفيرة آن باترسون التي فشلت فى تطبيق السيناريو الباكستاني فى مصر تريد تعيين روبرت فورد سفير أمريكا فى سوريا لخلافتها فى مصر، ربما لتحقيق السيناريو السوري! .

ولا يستحي مستشار الأمن القومي الامريكي عن مباركة رؤيته على الملأ التي أعلن فيها بترحيب واشنطن بقوى الصحوة الإسلامية فى الشرق الأوسط ولكنه يدرك من التأريخ أن هذه الصحوة لمختلف القوى الإسلامية، كفكرة عامة أيديولوجية ستعارض بعضها بعضا وسينتج عنها صراع طويل بين المسلمين سنة وشيعة.
هذا الصراع سيغض مضجع الشعوب ويفتح لهم أبواب جهنم في الدنيا قبل الآخرة بالإحتراب والفوضى، و يكثر القتل بين الناس، وينشر الهرج والمرج، ويكون ذلك في فتن عظيمة يحار فيها الناس، ولا يميزون ? لجهلهم ولشدة الفتن يومئذ ?بين الحق و الباطل، والصواب من الخطأ، وإنما يتحزبون لأطماع الدنيا، وأهواء النفس وشهواتها، فيقع القتل، ولا يدري القاتل لماذا قَتَل، ولا يدري المقتول عن سبب قتله. ليعزز في النهاية الأمن القومي والقيادة الذكية لسيادة الحاجة أمريكا.

فإلى متي نتابع هذه الفرقعات والدخان الناتج من الضغط ك “حلة البرستو” لنفسر أحداث اليوم باليوم كما نأكل رزق اليوم باليوم؟. حينما نفهم فبالتأكيد ستكون لنا خطة واحدة وهي (No way).

سيف الحق حسن
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. انا اؤيدك جزئياً فى ما ذهبت اليه، ولكن تخيل معى ان الفكر الدينى المتطرف الذى يحمله الاغلبية بنسب متفاوتة فى الشرق الاوسط، اضحى يمتلك اسلحة فتاكة.. حينها سوف لن تقوم للحضارة البشرية قائمة بعد اليوم.. اما العيش فى ظلمات الجهل او الفناء.. فى النهاية الامم تتقدم بعزيمة ابناءها وإنارة عقولهم للتمييز بين معنى الحضارة الانسانية وبين الإنتماء الدينى الميتافيزيقي.. الغربيون ليسو افضل من غيرهم فى شئ، اذن العيب فى العالم الثالث.. لا احد يستطيع الركوب على ظهرك ما لم تكون منحنياً..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..