
بدعوة من اتحاد المصارف السوداني ومركز شموس لصاحبته الصحفية المحترمة سمية سيد حضرت أمس ندوة بعنوان (القطاع المصرفي والإصلاح الاقتصادي) شارك فيها السيدان وزير المالية ومحافظ بنك السودان أدارها بكفاءة د. محمد الرشيد وابتدرها د. طه الطيب أحمد وعقب عليها البروفيسور عبد المحسن مصطفى.
في تعقيبي ركزت على ثلاث قضايا أعتبرها أساسية أولها كيف تستعيد مصارفنا الثقة فيها بعد أن اهتزت منذ ثلاثين عاماً وكادت أن تنهار بسبب السياسات الخاطئة والمتعسفة أولها بالإعدامات الظالمة في حيازة الدولار ثم بعد أن فرضت أمريكا حصارها على البلاد!!
ثاني القضايا كيف نطور نظامنا المصرفي ونجعله يتمتع بقوة ومتانة مالية فتنمو رؤوس أموالها وتجذب جميع الأموال التي يمتلكها المواطنون فينمو هيكل الودائع بكل صوره فتكون مصارفنا من أعظم المصارف تدعم اقتصادنا سيما وأن السودان بلد غني بموارده وثرواته الظاهرة والباطنة ويتمتع بموقع جغرافي فريد في هذه المنطقة من العالم خاصة بين الجزيرة العربية وأفريقيا شرقاً ووسطاً وجنوباً وغرباً حتى المحيط الأطلنطي وتقع على طول ساحل بحري تجاري استراتيجي بين أوروبا والشرق الأقصى.
ثالثة الأثافي كيف تستطيع مصارفنا أن تتجاوز الحصار الاقتصادي الأمريكي الجائر على بلادنا بدعوى رعاية الإرهاب الذي لم يعد موجوداً خاصة بعد ثورة ديسمبر المجيدة أضافة أن السودانيين يمتلكون ما لا يقل عن تسعة مليارات دولار داخل بلادهم مخزنة في المنازل وغيرها وحوالى ستين مليار دولار هائمة في العالم لا تدخل في شرايين اقتصادنا بل تستفيد منها بنوك واقتصاديات دول أخرى؟.
صحيح أن الثقة في مصارفنا بدأت تعود تدريجياً بقوة بالعملة المحلية بسبب سياسة جيدة اتخذها بنك السودان إضافة لعودة الثقة في النظام السياسي الذي أفرزته ثورة ديسمبر حيث صارت الحرية والديمقراطية ودولة العدالة وسيادة القانون وإعطاء الحكومة لقضية تحقيق السلام أولوية وأهمية كبرى عكس ما كان في النظام المباد، ومعروف أن الاقتصاد والسياسة هما وجهان لعملة واحدة.
لا جرم أن الحرية الاقتصادية بجانب ما ذكرت آنفا هي التي ستزيد من ثقة المواطن وأهل الكسب والصنائع والأعمال والمستثمرين في المصارف ولذلك فإن أية محاولة بادعاء أن التحكم الاقتصادي هو الحل لمشاكل البنوك ولاقتصادنا سينسف أية ثقة في جسم النظام المصرفي مثل الدورة الدموية في جسم الإنسان يصيبه أخطر الأمراض كالأنيميا أو التجلط وهكذا البنوك إذا ضعفت أو حبست عنها الأموال بدعاوى وسياسات خاطئة.. فالحرية والمرونة هي أساس النظام المصرفي.
إقترحت أن تبتعد الحكومة عن عمليات السوق المفتوحة مثل شهادة شهامة وغيرها من المصارف حتى توجه أموالها لتمويل القطاع الخاص ولتحصل المالية على الأموال من الجمهور والشركات وليس من البنوك. واقترحت تخفيض الضرائب على البنوك حتى تقوى فتضخ المزيد من الأموال للقطاع الخاص والتمويل الأصغر.
ثم اقترحت أن تعمل البنوك بنظام النافذة المزدوجة بنظام الفوائد وما يطلق عليه التمويل الإسلامي حتى نتجاوز الحصار الاقتصادي وهذا ما سأتناوله غداً حيث لا أرى أن الفوائد المصرفية هي الربا الوارد في القرءان والله أعلم.
محجوب عروة
التيار