مقالات سياسية

وظيفة حكومية تجعل الموظف أكبر تاجر بالسوق..

✍ إمرأة بسيطة، مريضة بحمى التايفويد والتهابات، ذهب بها ابنها لمكاتب التأمين الصحي لتصديق روشتة دواء عبارة عن حقن Oncef – 1gm، وللمطالبة بتكلفة مقابلة الأخصائي، فكان الرد المعروف بأن هذا الأخصائي غير متعاقد مع التأمين الصحي، وأن تكلفة مقابلته خارج نطاق التأمين، فقال ابنها لمدير الخدمات الصيدلانية (لو ماعايزين تدفعوا لينا حق مقابلة الأخصائي صدّقوا لينا روشتة العلاج عشان نشتري العلاج ببطاقة التأمين الصحي)، فرفض له مدير الخدمات الصيدلانية بالتأمين الصحي، وأعطاه محاضرة عن لوائح وبنود وقوانين التأمين الصحي وتعامل معه بغلظة واستخفاف، غادر الابن غاضباً وذهب بالروشتة وأعطاها لصديق له (واسطة)، الذي حضر بالروشتة في نفس اليوم وقابل نفس المدير (مدير الخدمات الصيدلانية)، الذي قام في الحال بتصديق الروشتة والتوقيع عليها ليتم صرفها من صيدليات التأمين الصحي.

✍ اشتعلت بدواخل الإبن نيران الإحساس بظلم الضعفاء والبسطاء من الناس الذين لا يجدون (الواسطة) وتضيع حقوقهم، هباء منثوراً، عاد في اليوم الثاني لمدير الخدمات الصيدلانية، وقال له لقد تم التصديق علي روشتة العلاج، فانفعل المدير (ومنو الصدّق ليك وكيف يتم التصديق ليك، وبتوقيع منو)، فقال له أنت من صدّق الروشتة بتوقيعه. فبُهت الذي ظلم في الحال.

✍ من يُقبّحون بتوقيعاتهم الطلبات القادمة من (الوساطة) ويحرمون البسطاء من لا (واسطة) لهم، هؤلاء أشدّ أهل الأرض نفاقاً وفساداً وظلماً للعباد، يعطون الضعفاء محاضرات ودروس عن لوائح وبنود ظالمة وهم أمام (الواسطة) فئران وجرزان، ينزون في ركنٍ قصي.

✍ لم تنتهي القصة عند هذا الحد، فهنالك طّامة كبرى، وهي عندما ذهب الإبن لشراء العلاج بربع القيمة، وجد سعره بصيدلية التأمين 16 جنيه، بينما سعره الأصلي بمختلف الصيدليات الأخرى 30 جنيه، وحتي لا يتحدث بعض (المبرراتية) بأن أسعار الأدوية تختلف بإختلاف الشركات، فان هذا الدواء من نفس الشركات ونفس الجرعة والمفعول (Oncef- 1gm)، ومن انتاج شركتي Lyka الهندية وشركة Acino السويسرية، وهذا الدواء الآن موجود مع إدارة الدواء الدوار بمبلغ 30جنيه ومن النوع السويسري، فكيف تكون ربع القيمة له 16جنيه!!، وحقيقة إن الجدال حول حقيقة هذه الأسعار تنطبق على مئات الأدوية، ونحن على إستعداد لتقديم مقارنات حقيقية بين أسعار الأدوية بصيدليات السوق وبصيدليات التأمين بناءاً على ربع القيمة علما أن معظم المواطنين لا ينتبهون لهذه الفروقات التي تتسبب في ثراء الكثيرين من فاقدي الضمير والأخلاق، تظهر فيهم مابين عشيّة وضحاها، فيمتلكون العقارات والسيارات الفخمة، هؤلاء الذين لا يعلمون أنهم ببيعهم الدواء بغير أسعاره الحقيقية، لمرضى يشتدّ بهم الظلم أكثر من إشتداد الألم بهم، إنما يبيعون ضمائرهم وأخلاقهم.

✍ كيف تتعاقد ادارة التأمين الصحي مع صيدليات مملوكة لموظفين بالتأمين الصحي؟ كيف تسمح ادارة التأمين الصحي بالتعاقد مع صيدلية يملكها مدير الخدمات الصيدلانية بالتأمين الصحي؟ وهنالك أمثلة كثيرة لمثل هذه الظاهرة، صيدلية أخرى ب(خشم القربة) ملك لموظف بالتأمين الصحي وهو متعاقد معهم، وصيدليته نافذة من نوافذ التأمين الصحي، وغيرها من صيدليات بحلفا وودالحليو، يمتلكها موظفين بالتأمين الصحي ويتعاقدون عبرها مع ادارة التأمين الصحي.

✍ لماذا لا تقوم وزارة الصحة الاتحادية بحصر هؤلاء الموظفين بإدارة التأمين الصحي ومعرفة كيفية تعاقدهم عبر صيدلياتهم مع إدارة التأمين الصحي ونوع هذا التعاقدات؟
لماذا يصمت المدير التنفيذي للتأمين الصحي بولاية كسلا علي هذا الوضع؟ وهو يعيش في برجه العاجي رافضاً مقابلة الكثيرين من المتظلمين من الفقراء الذين جعلتهم الحاجة للعلاج يطرقون أبواب مكتبه وهو (ضارب التكييف) وممنوع مقابلته مهما كانت الأسباب كما ذكر مدير مكتبه، وهل صحيح أن هذا المدير التنفيذي مشارك في رأس مال صيدلية أخرى متعاقدة أيضاً مع إدارة التأمين الصحي..؟

✍ ينتهي عمل التأمين الصحي بمختلف المراكز الصحية مع نهاية الدوام الرسمي الصباحي، وليلاً لا يعمل التأمين الصحي بالمراكز وربما حتى بالمستشفيات الحكومية، فهل يتم ايقاف استقطاع قيمة التأمين من الأجور ليلاً.
ولماذا لا يوجد موظفين للتأمين الصحي ليلاً الا فيما ندر من مراكز صحية قليلة؟

✍ السيد وزير الصحة الإتحادي: من المسؤول عن تحديد قيمة الدواء ليتم بعدها تحديد قيمة ربع القيمة؟ ومن المسؤول عن أدوية التأمين الصحي بمخازن الأدوية وكيفية توزيعها للصيدليات؟
وهل يعمل موظفي التأمين الصحي بتجارة الدواء?

✍ لماذا يكون التعاقد والتعامل مع أخصائيين محددين مع صيدليات محددة؟ هل هي سياسة لوبيات المنفعة على حساب المواطن الذي صار تائهاً بسبب أطماع وجشع فاقدي الضمير؟ هل يعمل معظم موظفي التأمين ممن هم أصحاب الصيدليات المتعاقدة مع التأمين في تجارة الدواء؟
ومن الذي وضع لوائح وقانون التأمين الصحي ليكون بهذا الظلم في إدارة الدواء وصعوبة الحصول عليه من قبل الموظفين الذين يُستقطع مبلغ التأمين الصحي عنوةً واقتداراً منهم…؟

✍ نطالبكم السيد وزير الصحة الاتحادي بفسخ تعاقدات التأمين الصحي مع جميع الصيدليات المملوكة لموظفي ومدراء وحدات التأمين الصحي بمختلف الولايات، ونذكركم بتقوي الله عزوجل في هذه الأموال المستأمنين عليها من هذا الشعب المغلوب على أمره، ولتعلموا أن هذه (التوسانات والآكسنات والموديلات الفخمة من السيارات) لن تنفعكم (يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلبٍ سليم).

✍ أخيراً هل نعشم في تغيير حقيقي لسياسات التأمين الصحي،، أم أن إدارة التأمين ستكون عوناً للباعوض الذي يمتص دمائناً؟

✍ إن من يستغلون ضعف البسطاء من الناس والفقراء من الموظفين المغلوبين على أمرهم، هم أشبه بالباعوض الذي يمتص دم الإنسان وعدالة السماء ستقتص من كل من يستخدم موقعه ومنصبه لمصلحة ذاتية بالحرام.

✍ السيد وزير الصحة الاتحادية: إيماناً منّا بدور حكومة الوفاق الوطني في مسيرة التنمية بالبلاد، والمجهودات الكبيرة التي تبذلها الحكومة، نخاطبكم بإسم الفقراء والبسطاء من هذا الوطن، وبإسم موظفي وعمال هذه البلاد، الذين نهش فيهم المرض وأصبحت الحوجة للعلاج، هاجساً يؤرقهم أكثر من (لقمة) العيش التي يعانون في الحصول عليها، وهم يعملون بأبخس المرتبات والأجور، وأنتم تستقطعون لحومهم بإستقطاع قيمة التأمين هذه من أجورهم، وعبر هذه المقالة نناشدكم بإعادة صياغة لوائح وقوانين التأمين الصحي، هذه الإدارة التي أصبحت تحت ادارة مجموعات بعينها.

✍ السيد وزير الصحة الاتحادية: والله لو رفع مواطن بسيط يشتكي من ظلم ادارة التأمين الصحي، يديه للسماء، فلن يقيكم من غضب الله أحد، فأنت المسؤول الأول والأخير عن كل ملفات التأمين الصحي بمختلف الولايات، وكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته.

✍ ختاما.. الفساد ليس في حزب سياسي بعينه، فالجشع والضمير الميت وغياب الوازع الديني لبعض الأشخاص، أصبحت هي في حد زاتها أحزاب سياسية تفتك بالمجتمع.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. عادى جدا هى البلد خربانة من فوق . يعنى تفتكر انو التامين الصحى حيكون استثناء من الحاصل فى البلد,بالعكس ديل اخير من الشركات التى استولت على ملايين الدولارات بالسعر المدعوم لاستيراد الدواء ولم تستورده, هل تمت محاسبتهم,المشكلة فى السودان مشكلة نظام كامل يشجع ويرعى الفساد (ليه لانو معظم الفاسدين ديل ناس النظام).

  2. عادى جدا هى البلد خربانة من فوق . يعنى تفتكر انو التامين الصحى حيكون استثناء من الحاصل فى البلد,بالعكس ديل اخير من الشركات التى استولت على ملايين الدولارات بالسعر المدعوم لاستيراد الدواء ولم تستورده, هل تمت محاسبتهم,المشكلة فى السودان مشكلة نظام كامل يشجع ويرعى الفساد (ليه لانو معظم الفاسدين ديل ناس النظام).

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..