
يوسف السندي
هناك عناصر جديدة دخلت بقوة بعد ثورة ديسمبر لم تكن موجودة او كان تأثيرها ضعيفا بعد ثورتي أكتوبر وابريل، وهما التكوينات الجماهيرية (لجان المقاومة مثالا) والاعلام الالكتروني.
قدرة التنظيم الجماهيري كانت ضعيفة في الماضي وترك معظم الدور السياسي والمجتمعي للاحزاب والقوى الحديثة كالنقابات ومنظمات المجتمع المدني ، بعد ثورة ديسمبر ظهرت لجان المقاومة المكونة من فئات جماهيرية واكتسبت زخما اكبر بعد انقلاب البرهان ، وصارت احدي العناصر المؤثرة على المشهد ، ويرجع لها الدور الاكبر في استمرارية الحراك الثوري خاصة بعد تراجع دور تجمع المهنيين نتيجة للانشقاق والصراعات.
حولت العولمة العالم الى قرية صغيرة، وأصبح التواصل عبر الإنترنت وسيلة ناجعة لنقل المعلومات وتبادل الافكار ، استخدم الثوار الانترنت وأصبح احد اكبر وأهم وسائل التواصل بين الجماهير واستفيد منه في الحشد والتعبئة والتنظيم ، وصارت سلاحا فتاكا قادرا على هزيمة الاعلام الرسمي – التلفزيون والراديو.
يمكن أن نطلق على لجان المقاومة والاعلام الالكتروني لقب القوى الجديدة تمييزا لها على القوى الحديثة كالنقابات ومنظمات المجتمع المدني ، ويمكن القول ان القوى الجديدة اصبحت فاعلا رئيسيا في ثورة ديسمبر وفي تشكيل الوعي والموقف السياسي لدى الجماهير.
حتى انقلاب البرهان كانت قوى الحرية والتغيير هي الأقرب لقلب الجماهير ، ثم تراجعت شعبيتها نتيجة للهجوم المركز عليها من القوى الجديدة ومن الاحزاب المناوئة. كان الطبيعي ان ينتقل ثقل الدعم الجماهيري نحو جهة جديدة ، لكن الموجود على الساحة لم يلب طموحات الجماهير كما يبدو ، فشلت قوى التغيير الجذري والقوى الاخرى في كسب تأييد الجماهير ، واصبحت القوى الجديدة في غالبيتها غير داعمة لاي من أطراف السياسة.
لجان المقاومة احتلت مكان تجمع المهنيين في تنظيم الفعل الثوري على الشوارع ولكنها ولطبيعة تركيبتها وتكوينها لم تلب اشواق الجماهير في الفعل السياسي ، مما اعاد الفرصة مجددا لقوى الحرية والتغيير وقوى التغيير الجذري.
موقف قوى التغيير الجذري المتصلب وغير المرن لم يكسبها القدرة على الحركة وابتداع الوسائل والاليات المختلفة للوصول للغايات الجماهيرية ، مما جعلها في موقف انتظار التفات الجماهير اليها وليس لفت الانظار نحوها.
بينما استطاعت قوى الحرية والتغيير ورغم تعرضها لمواقف كان يمكن أن تهزمها وتفتتها ، ان تعيد ترتيب نفسها واستخدمت المرونة السياسية في المواقف والكر والفر التكتيكي والقدرة على مخاطبة المجتمع الدولي من العودة لصدر الأحداث بالاتفاق الاطاريء.
هل يستطيع الاتفاق الاطاريء ان يعبر شراك الجيش وعقبات القوى الإسلامية المتربصة ونفور الجماهير ومطبات الجذريين؟ .
نناقش ذلك فيما يلي
يتبع …
