ولو مُرِّرَتْ.!

منتصف 2016م، كانت لجنة مكلفة بتعديل قانون الصحافة والمطبوعات ومن ثم رفع توصياتها لوزير العدل، اللجنة تتكون من مجلس الصحافة وتضم في عضويتها ممثلين للسلطة الأمنية وممثلين للسلطة القضائية، ووزارة الداخلية، ثم اتحاد الصحفيين، سياج من السرية مضروب حول هذه اللجنة وحول التعديلات المقترحة، ولم يستطع صحفي اختراق هذا السياج والحصول على نسخة من هذه التعديلات، إلاَّ ما رشح عن أنَّها الأسوأ.
الخطة كانت، أن يتم هذا القانون في ظلام، ولا يتعرف على بنوده أحد إلا بعد إجازته، ليصبح أمراً واقعاً.. الأمر تغير، وتسربت نسخة، نشرتها (التيار) ثم تبرأت كل الأطراف عن هذه التعديلات، حتى الآن، لم تخرج جهة تتبناها.
الآن تتسع دائرة المقاومة، مستفيدة من انقسام الأجسام الحكومية نفسها حول التعديلات، لكن، غير معلوم إن كانت النتيجة سوف تكون لصالح الصحافة أم لصالح السلطة.
حتى لو تم تمرير هذه التعديلات، فإنَّ الأزمة باقية بل ستزيد هذه التعديلات الأمر تعقيداً، سوف يضيق الخناق على الكلمة ويحل محل ذلك وسائل أخرى، تكلفتها باهظة.
القضية ملخصها أنَّ الحكومة شعرت، بل تأكدت أنَّها فشلت في السيطرة على الإعلام الرسمي والتقليدي، فانتعش التدوين والإعلام الإلكتروني، لأنَّ الطبيعي أن تخرج المعلومات والأخبار إلى الهواء، لكن مع ذلك تظن الحكومة أنَّ في استطاعتها السيطرة على الانترنت، من خلال إدخال تعديلات جديدة على النشر الإلكتروني، وإن كان ذلك ممكناً، لكان الوضع مختلفاً بشكل كامل، وهناك تجارب.
الحديث عن قانون جديد للصحافة طرح قبل اليوم، وكان هناك مشروع قانون خلال دورة البرلمان الماضية، لكنه لم يصل إلى شيء، وقد تم تغييب أصحاب الشأن منه.
مشروع القانون الجديد، الذي تمت حياكته في الظلام قبل أن يرى النور ويفجر الأوضاع، يؤكد بلا أدنى شك، أنَّ الصحافة مقبلة على مرحلة حياة أو موت، والذي بات واضحاً أنَّ السلطة في أعلى مستوياتها تفرغت لملف الصحافة تفرغاً كاملاً، ولم تعد تشعر بخطر سوى الصحافة، ظناً منها أنَّ القضاء على ما تبقى منها سوف يضع الحل الجذري لكل مشكلات البلاد.
السلطة تريد أن تقرأ أخباراً حلوة، لواقع بائس.. لكن ما لا تعلمه السلطة التي ظنت أنَّها سيطرت على الورق، أنَّ الانترنت لا كابح له.
التيار