احكام غير قابلة للنقض ..!

ستكون هذه ليلته إلاولى في غياب هناء..كيف سيعود الى البيت.. من سيعتني به ويعد له في الصباح فنجان القهوة..ولكن هناء كانت فرحة جداً..بعد ان طبعت قبلة على وجه هرولت لتلحق بزوجها ..بات حسين القاضي يستشعر بالوحدة حتى قبل ان يصل الدار ..كان منذ وقت طويل ينتظر يوم زفاف كريمته..لكنه ها هو يجزع حينما اتى الموعد..هناء ستسافر الى لندن تلك المدينة الجميلة ..ستبدا رحلتها وتبني بيتها الخاص..لام نفسه كان بامكانه ان يتزوج بعد وفاة ام هناء وينجب ابناء ولكنه اثر ان ينذر نفسه من اجل هذه الطفلة جميلة العينين.
حاول حسين القاضي ان ينهض من المقعد الحديدي بمطار الخرطوم.. كانت كل الاعين بدات ترخي جفونها في هذا الوقت المتأخر من الليل..نظر الى المقعد المجاور فرأي نورا يشع من (جاكت )نسائي..ردد اعوذ بالله ثلاثا ثم التقط الجاكت الأنيق ..اكتشف مصدر النور من جهاز هاتف كان في وضع صامت..كان الهاتف مثله وحيدا يبحث عن صاحبه ..قبض القاضي الذي ترك المهنة وتفرغ للمحاماة منذ سنوات ولكن اللقب لم يبارحه قبض على الهاتف..نادى حسين في الناس..ارشده احدهم ان شابة كانت تجلس وربما نسيت البدلة على حد وصفه.
انتظر حسين قليلا حتي يتصل صاحب الهاتف او احد معارفه.. ولكن بعد دقائق استسلم الهاتف وانطفأ البريق بموت البطارية ..فكر حسين ان يترك الأمانة بقسم الامانات ولكنه خشى الا تصل الى عنوانها الصحيح ..مضى حسين الى داره ..كل مافعله ان وضع الهاتف الغريب في الشحن ثم راح يقلب القنوان الفضائية حتى أتاه الفجر ..نام قليلا ثم نهض في انتظار هاتف من كريمته حسب وعدها.. لاح ذاك الضوء من الهاتف الغريب..حينما سمع الصوت سرت في جسده رعشة غريبة..كاد الهاتف ان يسقط من بين يديه.
بعيد دقائق شعر القاضي ان ضيفته من الناحية الاخرى هي النصف الذي يبحث عنه منذ ثلاثين عاما..اسمها مها الترزي ..تزوجت ثم نالت حكما بالطلاق ..تفرغت لتربية ابنها الذي كرهته اثناء حملها..الصحيح انها تمنت ان تخرج من ذاك الزواج الخاسر دون روابط حتى ولو كانت ذكريات..حينما صرخ وليد معلنا وصوله الى الحياة الدنيا قبل واحد وعشرين عاما اتخذت مها قرار ان تكون كل حياتها لهذا الصغير.
وليد وهناء الان في مدينة واحدة..جاءت مها لتزور ولدها الوحيد في جامعة كمبردج…ضحكت مها ضحكة تحمل دلال عشرينات العمر..قالت لفتاها” فاتت علينا دي كان ممكن تكون قبل عشرين سنة”.. رفض المحامي الكهل ان يرفع الراية البيضاء..بدا يقدم مرافعته ” يا فتاتي قدمنا للجيل الجديد ما يكفيه دعينا نبحث عن ما يكفينا قطار العمر يمضي بسرعة”..ردت مها ” حينما تنجب هناء طفلا جميلا ستتاكد يا مولانا ان القطار تجاوز محطتنا.
بدات العلاقة تنمو بسرعة.. عبر الهاتف يتبادل الرجل الخمسيني الذكريات مع امراة تعتقد انها وصلت سن الياس رغم انها تترقب زائرتها كل شهر..بعد مرور ثلاث اشهر رفعت مها الراية البيضاء..اتفقت مع مولانا على الزواج وان يكون إعلانه في حدود ضيقة..وان يكون التلاقي على قدر المتاح.. لم يستحسن حسين القاضي الشروط ولكنه أذعن تاركا التفاصيل للايام.
في اليوم الموعود جاء الى مطار الخرطوم في انتظارها..كان كلاهما يحمل صورة للاخر منسوجة من الخيال وبعض من الصور الفوتوغرافية القديمة..مرت مها من جانب مولانا دون يميزها ودون ان تتعرف عليه..لم يكن لحظتها الهاتف متاحا..حينما تجدد اللقاء في صباح اليوم التالي كان كل طرف يتراجع الى الوراء قليلا..حسين ومها تعاملا بعملة قديمة غير مبراة للذمة في الوقت الراهن.. كان كل طرف يفترض في الاخر ان يكون بذات الصورة التي مضي عليها ربع القرن ولكن للزمن احكام غير قابلة للنقض.

تعليق واحد

  1. ايه الوهم دة والمقالات الانصرافية يا سيد الظافر المطلوب التركيز على الثورة ومعاش الناس يادجاجة رقمية

  2. ايه الوهم دة والمقالات الانصرافية يا سيد الظافر المطلوب التركيز على الثورة ومعاش الناس يادجاجة رقمية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..