صوتان .. خالدان .. في الوجدان ..

وكأنهما لعمري كانا على موعد للقاءٍ مدهش في زمانٍ بعينه ومكانٍ واحد هو السودان الذي نبتا في ترابه ووقف صوت كل منهما على ساقيه شامخاً في كل حسٍ شفاف يتشرب النغم الصافي من نبع حنجرتيهما الفريدتين طولاً وعرضاً تمدداً في مشوارهما الفني القصير و قد كان كلا جسديهما مجهداً في العمر الذي مضى كخطف الشعاع !
ثم جاء الرحيل في ذات التاريخ السابع عشر من يناير وكأنهما أيضا تواعدا عليه رغم فارق السنوات التي باعدت بين خطوات غياب الأول عن الثاني بخمسة عشر عاماً كاملة !
مصطفى سيد أحمد جاء ملتحقاً بموكب جيل العمالقة وقفز معهم على منصة الصدارة لأنه لامس بوعيه الفني المبكر جراحات الناس فكان ينتقي من أرفف الشعر مايراه بلسماً يعيد الأمل في عافية الوطن .. فغدا بحق فنان الشعب الذي خرج منه ولم ينأى عنه وإن تباعدت به المسافات وأكثر من ترحاله المرض الذي لم يبدل له موقفاً ولم يكسر فيه جسارةً !
أما الفتى محمود عبد العزيز فقد صنع من مملكة بؤسه مجداً ليته عاش قليلاً ليرى لآلي تاجه الذي ذهب عنه وتركه حزيناً عند كرسيه المتربع في كل قلوب الشباب وقد أحدث إنقلاباً في ذائقته الغنائية فاضاف الى الساحة بجدارة سمة الفنان الجماهيري التي جعلت عملاقا كمحمد وردي يشهد له بذلك الإستحقاق مثلما شاركه مصطفى في امتشاق ذلك الوشاح الرفيع !
فالكثيرون يغادرون هذه الفانية فتنتهى سيرتهم بعبارات الإحتساب او بإنتهاء مراسم الدفن أو طي سراداق العزاء أو يظلون جرحاً في حدود ذاكرة ذويهم !
ولكن من يمسحون على عاطفة الناس زحفاً الى عقولهم عبر مسامات الوجدان وهم كثر في ظاهر و باطن ارضنا وفي شتى الضروب .. يكتب لهم الخلود رغم أنهم ذهبوا ولم يعرفوا قيمتهم تلك إلا بعد فوات الآوان لآن تقديرهم بالتكريم المستحق أتى متأخراً عند الساعة الثالثة والعشرين من شحوب شموس حياتهم أو ربما بعد ذلك .. !
فهل ننتبه الى الذين ينتظرون بسمة الوفاء لتراها أعينهم قبل أن تغمض !
وطوبى لمصطفي ومحمود في آخراهما مثلما أسعدا الناس في دنياهم .
الانسانيه ليست بحاجه الي فنان بقدر ما حاجتها الي العدل الذي معه سيختفي الكلام والغنا والتمثيل
والشعر والنثر والقصه والروايه والمسرح ووووووووووووووووووووووووووووو بل كل الناس الي العمل ……ياعمك …………….كم عدد اغنيات محمود هذا التي تلعن النظام؟ صفر. شفت ياعمك