تضخيم النظام للحديث عن قطاع الخدمات. .دليل مرض أم عافية ؟

من أكثر الأشياء التي يتباهى بها النظام أمام معارضيه ، الحديث عن قطاع الخدمات . فما أن ينبري معارض للحديث عن الوهدة التي أوقع فيها النظام بلادنا، حتى يرفع منسوبو النظام عقيرتهم محدثين عن الخدمات التي زادت مدعوماً بإحصاءات عن عدد المدارس والجامعات والمراكز الصحية والمستشفيات، مقارنة مع ما كان قبل الانقاذ.وبغض النظر عن الحديث عن مستوى الخدمات مقارناً مع ما كان بالسابق ، فإن سؤالاً جوهرياً ينهض بصورة تلقائية. هل يعتبر العدد الذي يعرض دليل عافية للاقتصاد الوطني أم دليل سقم ؟
لمحاولة الإجابة على هذا السؤال ، ينبغي الحديث عن ثلاث قطاعات تعمل بصورة متناسقة ، حتى يكون الاقتصاد داعماً لرفاهية الإنسان ومحافظاً على تطوره وكرامته.وهي قطاع الموارد- الانتاج – التجارة والخدمات. فتطورها المتناسق وحده هو الذي يمكن أن يكون مؤشراً لمدى تطور أو تخلف المجتمع . لأن وجود الموارد بدون استغلال أمثل،يعني مباشرة وقوع المجتمع تحت سطوة التخلف المفروض من الخارج ليكون سوقاً لمنتجاته.وتضخم قطاع التجارة والخدمات ، دون تطور لقطاع الإنتاج كذلك،يؤدي إلى نفس النتيجة .
قياساً على ما سبق ، فإن غنى البلاد بالموارد المختلفة ، أمر من البديهيات التي يعلمها القاصي والداني.وبنفس القدر ،فالمعرفة بمدى تدني الإنتاج وانهيار قطاعه ، ودور النظام في ذلك من المسلمات. ولا داعي لضرب الأمثلة المعروفة لدى الجميع. تبقى قطاع التجارة والخدمات. وهو القطاع المتضخم فعلاً. ما يعني من جهة ، بأن الوطن والمواطن ، يقع تحت ضغط التجارة والتجار . وهذا ما توصل إليه بعض المنضوين للتيار الحاكم في حسرتهم على ( مشروعهم الحضاري) بأنه انتهى على تحالف بين السوق والقبيلة والذهنية الأمنية .لذلك فإن أي حديث عن الخدمات ، يعني ببساطة ، عدم استنادها على الانتاج. فتبقى التجارة ، هي الممول . عليه ، يلاحظ تحميل التجارة والانتاج الضعيف كلفتها.ما يبدو جلياً في كثرة الرسوم والجبايات لتغطيتها مع الأولويات الأمنية. وكذلك ما يدركه الجميع من تحميل للمواطن كثيراً من كلفة هذه الخدمات ، علاوة على سرعة انهيار مرافقها نسبة للاهتمام بكمها على حساب جودتها.
لذلك فإن التباهي بالإحصاءات ، في غير محله لتعبيره عن خلل بنيوي في دورة الاقتصاد برمته.ويجعل هذه الخدمات ، عاجزة عن رفد قطاع الإنتاج.وما عطالة الخريجين الذين يمثلون ناتجها، إلا مظهراً من مظاهر ذلك.

معمر حسن محمد نور
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..