مقالات وآراء

كن ليس قبل ذلك

نورالدين مدني

كلام الناس
*ليس لدي مشكلة محددة أعرضها عليك، لكنني في حاجة ماسة لمن يأخذ بيدي وينقذني من الدوامة النفسية التي أخشى أن تغرقنى في متاهاتها، رغم أنني حصنت نفسي من الوقوع في تياراتها الجارفة المحيطة بي.
*هكذا بدأت  م.م الطالبة الجامعية الاتية من إحدي قرى الشمالية لتكمل دراستها الجامعية في الخرطوم، المكتظة بأنماط مختلفة من البشر ، لم تستطع التأقلم معهم، جاءت لتحقق حلمها وحلم والدها الذي انتقل إلى رحمة مولاه وهي مازالت في الثانوي.
*قالت م.م أنها البنت الوحيدة وسط خمسة أشقاء،وكانت مقربة من والدها، لم يتركها  تحس بأنها مختلفة عن أخوانها، كان يحرص على تشجيعها على المشاركة بالرأي والفعل، وظل يحرضها دائماً على مواصلة تعليمها والحرص على النجاح والتفوق.
*تقول م.م : لا أخفي عليك .. تعلقت بوالدي بصورة مرضية، حتى بعد أن انتقل إلى رحمة الله، كنت أحس بوجوده إلى جانبي في كل حين ، لم تكن صورته تفارق مخيلتي، بل أحياناً احس به وكأنني أسمع صوته ينصحني ويحميني من الوقوع في الأخطاء.
*لذك والكلام ما زال ل – م.م لم أستطع الاندماج في المجتمع الجامعي، خاصة مع الزملاء، كانت علاقاتي محصورة مع الزميلات، خاصة اللاتي أسكن معهن في الداخلية، وقد حرصت مسبقاً على السكن مع محموعة من بنات الريف اخترتهن ووثقت فيهن.
*كسبت ثقة زميلاتي اللاتي أصبحن يحكين لي مشاكلهن بما فيها المشاكل العاطفية، كنت لا أبخل عليهن بالنصيحة، طبعاً واجهتني بعض المشاكل وتصديت لبعض مظاهر السلوك المرفوضة”عندنا” وتجنبت الاختلاط مع الأخريات.
*تمضي م.م قائلة  : بحمد الله وتوفيقه أوشكت على إكمال دراستي الجامعية، وأصبحت أكثر نضجاً، لكنني مازلت تلك القروية البسيطة” الساذجة”حسب تصنيفات البعض”هنا”،  راضية عن نفسي ومتصالحة معها.
*بدأت عملياً في التخلص من”جلباب أبي” لكن مازالت علاقاتي مع زملائي في الجامعة يشوبها الحذر، في الأونة الأخيرة بدأت تتشكل في دواخلي مشاعر لا أستطيع التعبير عنها، خاصة بعد أن عايشت عن قرب بعض الصدمات العاطفية الموجعة التي حدثت  لبعض زميلاتي في الجامعة.
*تختتم م.م رسالتها قائلة : بدأ أحد الزملاء،  وهو إنسان مهذب ومن أبناء قريتنا أيضاً يتقرب لى ويعبر  عن مشاعره نحوي، ولا أخفي عليك إنني أبادله نفس المشاعر، لكنني ما زلت خائفة ومترددة، لهذا لجأت إليك طالبة النصيحة.
*إنتهت رسالة م.م الريفية المحافظة التي أشركتنا عبرها في مسألة إجتماعية مهمة  لاتتعلق ببنات الريف فقط إنما بكل البنات اللاتي إنتقلن لمرحلة النضج وأصبحن يحلمن بعش الزوجية، أقول  ل- م.م : حسناً فعلتي، لكن لاتغلقي أمامه باب الأمل، اتركيه يتخذ الخطوات العملية الجادة نحو بناء عش الزوجية.. بعدها يمكن إظهار تقديرك له ومشاعرك نحوه ، لكن ليس قبل ذلك.

تعليق واحد

  1. الزميل الصحفى الكبير نور الدين مدنى
    وافر العرفان عاطر الامتنان
    ما زلت اتذكر زاويتك الاجتماعية الاسبوعية التى كانت عبر عمودك الصحفى …
    كانت بمثابة ( ركن نقاش ساخن فوق العادة ) عن المسكوت عنه فى مجتمع سودانى محافظ؟؟
    نعم..وها انت تسلط الضوء هذه المرة على قضية حساسة بالوسط الجامعى الا وهى قصة العلاقات العاطفية بين ( الزملاء و الزميلات ) بداخل المدرجات و ساحات الجامعات المختلطة و لا سيما و معظم جامعاتنا مختلطة عد ( جامعة ام درمان الاسلامية ) و ( جامعة القرءان الكريم ) و ( جامعة افريقيا العالمية ) و ( جامعة الاحفاد للبنات)..
    اضف الى ذلك ان معظم الطلاب صاروا يدخلون الجامعة فى مرحلة المراهقة المتاخرة( 17 سنة ) او ( 18 سنة ) او ( 19 سنة ) -عمر الزهور عمرالغارم عمر المنى او كما ترنم الامبراطور النوبى الراحل المقيم محمد عثمان حسن وردى-
    للاسف معظم العلاقات العاطفية بالجامعات تكون علاقات غير جادة .. و بالتالى ربما تنتهى تلك العلاقة بالعشق الممنوع و تكون النتيجة ( بذرة الحرام ) التى تنمو و تترعرع بداخل الفتاة المسكينة..و يكون مصير ( المولود ) دار المايقوما..
    بالتالى هذه الفتاة المحافظة محقة فى تحفظها فى اى علاقات خارج اطار الزواج..
    فزميلها هذا و ان كان جادا فما يزال عاطلا ( طالبا ) ياذ مصروفه اليومى من والده..او ولى امره و من لا يملك قوته لا يملك قراره..
    خروج //
    ختاما لك التحية و التجلة و تحية خاصة للفنان التشكيلى عبد الرحمن منى ( ابنك) القيادى بتجمع التشكيليين السودانيين..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..