المماحكة و مخاطر مصير الجنوب القديم

جاء في الصحف السودانية ليوم الجمعة الموافق الثلاثين من أكتوبر 2015 أن الأمين العام المساعد للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام قد أعلن تأجيل المفاوضات حول جنوب كردفان والنيل الأزرق بين الحكومة والحركات المسلحة إلى منتصف نوفمبر 2015.وفي صباح يوم السبت الموافق الحادى والثلاثين من أكتوبر 2015 وصلنى خبر من الدلنج يفيد بأن مجموعة مسلحة قد اعتدت في ليلة الجمعة نفسها على مواطن بقرية شوتك قرب الفرشاية وأردته قتيلا واستولت على ثمانمائة راس من الضان (800).و أستبعد أن تكون تلك هى الحادثة الأخيرة في مسلسل قتل المدنيين والاستيلاء على اموالهم الذى تقوم به الجماعات المسلحة التى تحارب الحكومة وعصابات اللصوص والمتفلتين الذين وجدوا ضالتهم في مناخ الحرب ووجود مناطق خارج سيطرة الحكومة صارت ملاذات آمنة لهم. وقد شمل قتل المدنيين الأبرياء والاستيلاء على أموالهم كل ولاية جنوب كردفان بدون استثناء.ولاعطاء القارئ الكريم فكرة عن حجم ذلك الموت والدمار اورد هنا ارقام عن القتل والسرقة خلال العامين 2014 و2015 في محلية الدلنج فقط وفي دائرة نصف قطرها ثلاثة عشر كيلومتر طولى (13) وهى المسافة بين مركز مدينة الدلنج وقرية الفرشاية ومساحة الدائرة حوالى ألف كيلو متر مربع بالتقريب. وقد حصلت على المعلومات التى قد تكون غير مكتملة من بعض أهلى بالدلنج والفرشاية وعلى رأسهم الغايب الطعيمة كبرو الإمام النو (حجاجو) والرضى عبدالله الغايب موسى إلياس وترتور الضو الضاى ضيين النو (حجاجو).وقد شهدت الدائرة صغيرة المساحة واحد وعشرين حالة قتل لمدنيين ابرياء (21) بقصد الاستيلاء على أموالهم كما شهدت أربعين حالة اغتصاب وسرقة( 40 ) لمواشى من أبقار وضان وماعز وجمال وصل فيها عدد الابقار المغتصبة و المسروقة (1722) رأس و الضان (1160) رأس والماعز (467) رأس والجمال (11) رأس.وسوف تستمر حلقات مسلسل الموت واغتصاب وسرقة الاموال طالما استمرت الحرب بسبب المراوغة و المماحكة التى تقوم بها الاطراف المتفاوضة لوضع نهاية للحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق.وقد تألمت جدا عندما قرأت ما جاء في صحيفة التغيير عدد الأربعاء الرابع من نوفمبر 2015 على لسان الدكتور حسين كرشوم إبن ولاية جنوب كردفان.فقد جاء في جريدة التغيير: “أكد عضو الوفد الحكومى المفاوض حول قضايا المنطقتين ، حسين كرشوم ، على حصر التفاوض في الجولة القادمة في بندى المساعدات الانسانية والترتيبات الأمنية دون السماح بالخوض في القضايا القومية التى قال ان محلها منابر الحوار بالخرطوم. ” وإذا كان ما قاله الدكتور حسين كرشوم يعبر عن موقف حكومة السودان فانه يعنى الحكم على المفاوضات بالفشل وقبل ان تبدأ.
ماذا يقول إتفاق نافع وعقار؟
تجرى المفاوضات بين حكومة السودان والحركة الشعبية قطاع الشمال لوضع نهاية للاحتراب في جنوب كردفان والنيل الأزرق في اطار قرار مجلس الأمن رقم (2046) الذى اتخذ بالاجماع في الثاني من مايو 2012.وينص القرار في فقرته الثالثة على :(على حكومة السودان والحركة الشعبية قطاع الشمال التعاون الكامل مع لجنة الاتحاد الأفريقى رفيعة المستوى ورئيس الايقاد للوصول الى تسوية عن طريق التفاوض على أساس اتفاقية نافع وعقار المبرمة في 28 يونيو 2011 “وفيما يتعلق بالقضايا القومية التى يرفض حسين كرشوم مناقشتها مع الحركة الشعبية تقول اتفاقية نافع وعقار وبوضوح:(يكون الطرفان لجنة سياسية مشتركة بمشاركة اللجنة الافريقية رفيعة المستوى لمناقشة كل القضايا المتعلقة بجنوب كردفان والنيل الأزرق بما فيها القضايا التى تتناول المسائل الدستورية والقومية”وأرجو ان يلاحظ القارئ الكريم عبارة :(بما فيها المسائل الدستورية والقومية.)ويمضى إتفاق نافع وعقار لينص في الفقرة رقم (7) على الأتى:(اتفق الطرفان على تكوين لجنة مشتركة لمناقشة القضايا القومية المشتركة وتتكون أجندة هذه اللجنة من الأتى:(أ)استعراض دستورى موسع يتضمن آلية وزمنا محددا ومبادئ موجهة تقوم على المواطنة والديمقراطية والاعتراف بالتنوع في السودان.و (ب) العلاقة بين المركز والولايات. و (ج) المحافظة على المواد المضمنة في اتفاقية السلام الشامل,الفصل الثاني والدستور القومى كأساس لدستور جديد. و (د) العمل على انشاء علاقات جيدة مع الجيران والمجتمع الدولى وخاصة دولة الجنوب.)وكما ينص اتفاق نافع وعقار على تشكل نتيجة النقاش المنصوص عليه في الفقرة (7)؛ أن تشكل:(موقفا مشتركا بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية قطاع الشمال خلال حوار سياسى وطنى واسع يضم كل الأحزاب السياسية.)وقد نص مقترح الاتفاق الاطارى الذى تقدمت به لجنة الاتحاد الافريقى رفيعة المستوى في 18 فبراير 2014 على تكوين ثلاث لجان للتفاوض بين الحكومة و الحركة الشعبية قطاع الشمال وهى لجنة سياسية مشتركة و لجنة أمنية مشتركة و لجنة إنسانية مشتركة .وقد قبلت حكومة السودان تشكيل تلك اللجان في ردها على المقترح.ورد الحكومة منشور في جريدة أخبار اليوم عدد الأحد الموافق الثانى من شهر مارس 2014 لمن يريد الاطلاع عليه.فكيف توافق الحكومة على تشكيل لجنة سياسية و الحكومة تعرف ان مهمة اللجنة السياسة هى مناقشة كل القضايا السياسية بما فيها المسائل القومية ثم تعود لتقول على لسان حسين كرشوم انها لن تقبل التفاوض حول المسائل القومية.
مماحكة ودولار وموت ودمار
قلت في مقالى بعنوان:(لماذا على الحكومة ان تكون الأحرص ؟) الذى نشر في جريدة السودانى عدد الثلاثاء الموافق 29أبريل2014 ان على حكومة السودان ان تكون احرص من الحركة الشعبية قطاع الشمال على وضع نهاية للحرب في جنوب كردفان والنيل الازرق اولا لأن الحكومة مسؤولة قانونيا وسياسيا وأخلاقيا عن حماية ارواح واعراض واموال كل السودانيين وثانيا لأن الاحتراب قد أدى إلى اهدار الموارد البشرية والمالية وأسهم كثيرا في افقار أغلبية الشعب السودانى.وثالثا الحكومة مطالبة باجهاض مؤامرات الذين يسعون الى تفكيك وتفتيت السودان.ولكن للأسف الشديد يدل سلوك الحكومة على أنها غير حريصة على الاطلاق على وضع حد للحرب لانهاء الموت والدمار والمعاناة في جنوب كردفان والنيل الأزرق. وربما هناك عناصر متنفذة داخل الحكومة تريد الموت والخراب والدمار لمواطنى جنوب كردفان والنيل الأزرق لأسباب تعرفها تلك العناصر.وبما أن في السفر للمفاوضات منافع منها السياحة والتجارة وقبض مصاريف بالدولارات ،قد يغرى ذلك ضعاف النفوس ويدفعهم الى المماحكة لأطالة مسلسل التفاوض.
مخاطر مصير الجنوب القديم:
ولكن إطالة مسلسل التفاوض تنطوى على مخاطر كبيرة جدا وفي مقدمتها تكوين قناعات ومشاعر(حالة وجدانية) لدى المواطنيين العاديين فى جنوب كردفان و النيل الأزرق ان الحكومة المركزية غير مشغولة كثيرا بالموت والخراب والدمار الذي يلحق بهم .وهذا ما ألمسه اليوم عند الحديث مع الأهل في جنوب كردقان.وقد تؤدى تلك الحالة الوجدانية الى تداعيات خطيرة جدا.وليس سرا ان قطاعات كبيرة من مواطنى جنوب كردفان والنيل الأزرق تقول بأن علاقتها مع جنوب السودان القديم اقوى من العلاقة مع الشمال من حيث الجوار الجغرافى و الروابط الثقافية وعلاقات الدم التى نشأت عن التزاوج والمصالح الاقتصادية الرعوية والزراعية.الأمر الذى يسهل كثيرا الالتفاف حول اى اصوات متطرفة تروج للدعوة لإعادة النظر فى انتماء جنوب كردفان والنيل الأزرق.ولهذا يجب في إعتقادى أن لا تعامل الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق بنفس الغفلة والاستخفاف الذى عوملت به الحرب في جنوب السودان القديم.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. في الواقع ان الذي يدور في دولة جنوب هو نتاج لعقلية الاستعلاء – المرض الذي جاء مع رياح الشمال وتوطن عاصمة البلاد وتمكن من كل مفاصل الدولة . ذات المرض اراه انتقل بكل اعراضه وتطوراته لدولة جنوب السودان الوليدة، مما ادي في اعتقادي لتفجر الاوضاع هناك علي اساس عرقي – نوير/ مهمشين واتباعهم ودينكا/ جلابة واتباعهم!

    فهذا المرض عضال كان نتاجه تقسيم السودان وانفصال اثنيات الجنوب عنه! واري ان فرصة الجنوبيين الوحيدة هي الاستفادة من الدرس – مما حل بالسودان الكبير ومما حل بينهم كنيجة انعكاسية لذلك!

    اما السودان الحالي فالسؤال – هل بانفصال الجنوب عنه، انزاحت عننا محنة ذلك المرض! الاجابة نجذها في الواقع المعاش! وخير دليل علي استمرار وتمكن هذا المرض هو ترشح الخمسة لرئاسة الجمهورية في آلانتخابات الاخيرة التي جرت بالبلاد وكان باقي الاقاليم لا ترقي ان يترشح منها احد!!!!!!!!!!!

    وفي تقديري البسيط، ان المشكلة عندنا هي ليست المرض بحد ذاته، وانما هي العائل الذي يحمل جرثومة المرض – فمن هم يا تري بيننا!!! هم الذين تغللوا في مفاصل الدولة واستباحوا ارضها وعرضها وثمار جهدها وجهادها لمصالحهم الخاصة! فهم من بنوا العمارات وركبوا الفارهات واداور المعاملات – اكرر من اموال الشعب وليس مما ورثوه من ابائهم ولا اعتقد ان دخل اكبر موظف البلاد يفي ببناء منزل عادي!

    فنظرتي ستبقي متشائمة حيال وضع البلاد – لان ذات الطبيب لمقدر علاجة لذلك المرض هو نفسه من يحمل جرثومة المرض! اذن فعلا وجقا (لا يغير الله ما بقوم حتي يغيروا ما بانفسهم) – حتي يعالجوا ما بافنسهم والا ستظل المسالة باقية حتي حين!!!

    وعلي ذلك قامت التمردات بالبلاد لاجل اجتثاث هذا المرض ولكنه بقي عضال مستفحل – اذا ما الجل!!

    الان يدور ما يسمي بالحوار الوطني – مبادرة جيدة ولكم مني هذا الحوار – لنتعظ:

    محاورة بين ثائر وحائر وبيان الحقيقة الاكثر مرارة – رجاءا القراءة بحياد وتجرد للنظر في الامر بعين الحقيقة دون سوء الفهم وسوء الطن (لا نريد لهذا الوطن الا خيرا)

    قال الحائر: للمظلومين قضية وحق في انتزاع الحق! ولكن حينما يطلبوا الحق بغير حقه، ويطلبوا النصر من غير اهله ….!، قاطعه الثائر -قائلا: لا تكمل، النتيجة معروفه! بل قل لي بحق خالقك ما تفسيرك لقوليك هذه! فرد الحائر عليه: طلب الحق بغير الحق – اي ان نطلبه بهكذا وسيلة – كيفما اتفق والله تعالي يقول: (ولا تزر وازرة وزر اخري)، أما الاخر معناه طلب النصر من غير عند الله – اي تجريب الفتوة واستخدام القوة وطلب العون من اعداء الظالمين دون الادراك والاخذ بنصيحة – ان: (دعوة المظلوم لا ترد – ليس بينها وبين الله حجاب ? فان كنتم حقيقة مظاليم ما ترككم الله، وإلا فانتم أهل تخريب ومناورة او جزء من المؤامرة!

    فتعجب الثائر المظلوم وقال – هلا تزد! فقال الحائر: اعلم انك مظلوم ممن يحكمك، واراك قد أخطأت في الإثنين فيما اوضحت سابقا: الاولي، كل ثوراتك من سبتمبر وما سبق حتي ثورة ست الشاي الاخيرة، ثم الثانية عند الفشل -اي عدم تحقيق ثورتك لاهدافها، أراك تآثر ذات الفعل -اي الثوران دون اللجوء والتضرع لله وانت مظلوم، أما الثالثة فهي ان تزعم زوال عدوك بفعل من عند نفسك!

    فقال الثائر ما ذلك! قال الحائر: إن الله حرم الظلم علي نفسه وامر عباده “ألا تظالموا” وبين لهم شرائع الاحتكام فيما بينهم كأفراد! أما فيما يتعلق بمجابهة الانظمة والحكام، فانه قد قال مكررا محذرا: (الفتنة أكبر من القتل) و(الفتنة أشد من القتل) فقال الثائر: أيها الحائر، لقد اردت بنا الخنوع والركون!

    فبين الحائر قائلا: المسلم ملزم بالتسليم – اي ان يجعل أمره كله لله وختم بسؤاله للثائر قوله في قوله تعالي: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)!

    وهنا، سكت الثائر طويلا وطاف بخياله كل ثورات الربيع العربي – مستعرضا نتائج التجاح ونتائج الفشل – فانه يدرك الا نجاح واحد يحكم به مصادفة نجاح ثورة “انطلقت” ولكنه تذكر منها تونس وقبلها ام الثورات انتفاضة ابريل السودان! وهنا تشجع الثائر وسأله محاوره قبل رده في آية الحكم – ما قولك إذا في ثورة تونس أليست رمزا للنجاح!

    قال الحائر: لا نجاح يعقبه فشل! فان كانت ابريل ناجحة لاستمرت ناجحة ولما سمحت بتكرار “نميري” آخر او اي وضع مشايه له! ما فعله ثوار ابريل وثوار تونس الآن، هو مجرد طلبهم للحكم – ذات المطلب! وليس الترفع لإرساء وضع يتبع لمنهج حكم رشيد يقي البلاد شر الفتن ومعاناة المحن! وهنا ذكره قائلا: لا تنس ان هاتين الثورتين وراءها نفس الاخوان/الكيزان! فهل ما زلت تؤمن بذلك النجاح! واستطرد قائلا: إن الله رحمته وسعت كل شيئ ولكنها لم تشمل الا “المتقون” – فهل أنت كثائر ممن يتقي الله بالصبر علي البلوي حتي يستجاب لهم وقرأ له: (والذي نفسي لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم)

    الثائر يقاطع: إن الله معنا، وإنا حتما لمنصورون! الحائر يوضح: ان المعية التي تبتبغي لأبلغ أمرا واكبر متطلبا من كل ما تقول! وأما نصر الله فمربوط بالايمان به! الثائر يقاطع مرة اخري: تذخل الغرب واطاح بالطغاة في المنطقة! الحائر يجيب: بقوله تعالي: (يا أيها الذين لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم، إن الله لايهدي القوم الظالمين. فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم، يقولون نخشي أن تصيبنا دائرة، فعسى الله أن ياتي بالفتح أو أمر من عنده، فيصبحوا علي ما أسروا في أنفسهم نادمين) ووضخ اكثر ان الاية تشمل الثوار في طلب الحكم والحكام في تثبيت الحكم!

    فسال الثائر الحائر: قد حيرتني معك – اراك تارة تشبه الاخوان الكيزان الجبهجية وتارة اجدك اصدق مني – قل بربك ما سر حيرتك! قال الحائر: لو كنت في اي بلد ما لما كنت محتارا ولكن المصيبة عندنا هي القصور او الفشل المقصود في تحديد حقيقة من يحكم البلاد للتعامل معه! تستمر الدعاية في شتي الانحاء – من داخل نظام الحكم ذاته ومن جانب الثائرين أنفسهم جميعا “انهم: الكيزان تارة او العسكر تارة اخري!” وانا اري ان هذه شماعة ليس الا !

    الثائر: لقد ازدتني حيرة – اذا من يحكمنا! قال له: انهم ممن تسلقوا الحكم بعباءة الدين أو بالبزة العسكرية تارة وبالوطنية الزائفة للأحزاب السياسية تارة أخري، هم من جمعوا بين الكيزنة والعسكرة، إنهم من أسسوا لحضور “شبكي إستخلافي” في كل مفاصل الأمر بالسودان، منذ خمسينيات القرن الماضي، بطريقة مطابقة تماما لمفهوم ونسخة “الدولة العميقة!” فصار محسوبوهم هم من ينظرون في الحركة الإسلامية، ويوجهون بالحزب الحاكم ومجلسيه القيادي او الثوري/ الشوري، وهم من يقررون بإسم حكومة السودان، ومن يمررون الأجندات الأخري، وحتي من يسيطرون علي المعارضة بالخارج. فإنهم المنظومة المتكاملة ممن أسماهم قرنق مباشرة بـ (…….)، ومن أشار إليهم بشكل أدق المبعوث الأمريكي السابق للسودان أندرو ناتسيوس بـ (الذين هم قابضين علي زمام السلطة لقرن من الزمان، وإنهم ذات من أسماهم د. منصور خالد بطريقة أخري بـ (النخبة/ الصفوة) في مؤلفيه: “النخبة السودانية وإدمان الفشل” و”حوار مع الصفوة”!

    الثائر يقاطع: اريد منك تحديدا اكثر! قال له: الذين هم بالضرورة الآن “علي طريقة كل حزب بما لديهم فرحون” هم مؤتمر وطني ظاهرا، وباطنا شعبي وشيعة وشيوعية، وصوفية وعلمانية، ووهابية وماسونية ? في تجمع متناقض، وحبكة قالوا إنها شجرة جامعة إلا لمن أبي!

    هنا استدرك الثائر وقال: عرفت الان سر فشل ثورتنا التي ننشد! ورد عليه الحائر: انت محق حقا! ففي كل مرة يخرج فيها المواطن للشارع يجد نفسه مخزولا من غياب وجوه المعارضة المعروفة ويكون من جهة أخري مفتقرا لقيادة تنظيمية جامعة، هي ما ينقص هذا الشارع لقيام ربيع عربي ناجح بالسودان. وعلي هذا الضياع المحتمل نجد أن عزاء هذه الأحزاب المعارضة ليس في عدم جزمها بفشل ربيع السودان وإنما تصريحات زعماؤها المتكررة بتحول هذا الربيع لحرب أهلية بالسودان، وهي الدعاية المجانية التي جاءت مبرمجة لصالح الحكومة ضمن مؤامرة منظومتها المستحكمة بالبلاد!. فهذه الدعاية فإنها ببساطة تعني تخويف الناس من حرب يخشاها الجميع وهم لا يريدون تكرارها بالسودان كما شهدوها في بلاد غيرهم ?في اليمن، مصر، ليبيا وسوريا ?حتي ينتهي أمر هذا الربيع الذي طال علي طريقة الصبر علي: “جن تعرفه ولا جن تتعرف عليه!”. وخير مثال في هذا الصدد هو سكات ذات المواطن “والسكات رضا بقضاء الله وقدره” في حياده وصمته الكبير عن التجاوب مع إنتخابات أبريل 2015م

    الثائر يسال: ما المخرج! الحائر: علي ما اظن عليكم بالحوار (الحوار الوطني بين ثائر وحائر) ودعوا قضاء الله لله وارادته تفعل ما تشاء

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..