أخبار السودان

ديكتاتورية بالسمنة وكدة

عندما يحتكم الجميع لصناديق الإنتخابات،في جو من الحرية،وبشرط أن تكون العملية الإنتخابية نفسها نزيهة،فإن العملية كلها تسمي وفي العرف السياسي التداول السلمي للسلطة .
ويكون التداول السلمي هذا،مضروباً،متي ما كانت العملية الإنتخابية مستندة علي الرشاوي،واستغلال النفوذ،أو الأساليب الفاسدة.
وعندما يكون التداول السلمي،واقعاً يمشي بين الناس،يسقط الحزب الحاكم في الإنتخابات وتنجح المعارضة أو العكس،ولسان حالهم يقول(إنت كان زعلان أنا ما بزعل)،ويستعد الجميع لجولة قادمة في إنتخابات قادمة بنفس المعايير.
ولا تمنع الدورة الإنتخابية الأحزاب والجماعات من تسيير المظاهرات والإحتجاج علي قرارات الحكومة المنتخبة حتي لو أدي ذلك لانتخابات مبكرة أو لسحب الثقة عن الحكومة في البرلمان،وكل هذا يستند علي مبدأ ديمقراطي يقول(الشعب مصدر السلطات).
ما ذكرته آنفاً لا أعني به ما يدور في بلادنا،التي قفل فيها الكيزان باب التداول السلمي للسلطة في 30 يونيو 1989،وعلي مدي ال25 عاماً الماضية،ظلت كل المسرحيات السياسية،تعني فيما تعني المزيد من الديكتاتورية والهيمنة والقمع مع القليل من البهارات.
لو اتفقت الأحزاب المعارضة علي نداء السودان،اعتقل النظام الموقعين،وحاكمهم بتهمة تقويض النظام،ورفض إطلاق سراحهم بالضمان،ومنع الإحتجاج علي اعتقالهم،ومنع الندوات الحزبية في الأماكن العامة،واعتقل كلاً من يوزع بياناً علي الناس،وكلف الأجهزة الأمنية بمحو أي لافتة لحملة(إرحل).
ولو احتجت مجموعة من الناس علي انتزاع أراضيهم،أو علي انقطاع الموية والكهرباء،وخرجت تهتف سلمياً ضد هذا الوضع،ملأت عربات العمليات والمدرعات الشوارع،وضربت الناس بالرصاص،وطاردتهم في البيوت واعتقلتهم.
ولو احتج طلاب علي سوء ما يسمي بصندوق دعم الطلاب،واحتجوا وتظاهروا،ضربوا بالرصاص فقتلوا أو وضعوا في الحراسات لأسابيع دون السماح بإطلاق سراحهم بالضمان أو خلافه،وحوكموا.
ولو إمتهن العطالة قيادة الرقشات،أو الدرداقات،أو باعوا مناديل الورق في الشوارع،أو الشاي تحت الشجر،طاردتهم القوات الأمنية،وصادرت منقولاتهم وفرضت عليهم الغرامة لأن مصادر الرزق هي حصرية علي منسوبي المؤتمر الوطني.
وظل أهل دارفور عقوداً من الزمن يطالبون بالإقليم الواحد والرجوع لمناطقهم ،فكان العقاب الدانات والطائرات.
وطالب أهل الشرق بنصيبهم في الثروة فحصدهم الرصاص بلا أدني رحمة،كما حصد من بعضهم المناصير وناس كجبار .
وعندما احتج الناس(سلمياً)علي زيادة البنزين في سبتمبر المشهود،قتلوا رمياً بالرصاص،وعندما حاول أهلهم أن يشتكوا الحكومة للمحاكم،إكتشفوا أن القانون لا يحاسب الحكومة،وعندما تكتب الصحف عن أخبار الفساد والمعارضة يصادرونها من المطابع،وإن كتبت(مشاعر)عن إنتخابات هبيلا جرجروها من مكتب إلي مكتب وكأنها حملت(كلاشنكوف).
هذه هي مناظر الفيلم المسمي التداول السلمي للسلطة،وحكاية الإنتخابات المضروبة التي في طرفها(إستهبال)ويا مآمن (التدوال)،صدّق الموية في الغربال،يسألونك عن الإنتفاضة،قل (يا عزّة نحن الجبال).

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الحقيقة المقال أكثر من رائع , تسلم يدك يا استاذه.
    و انا الشداني غي الاول العنوان و جملة ( بالسمنه و كده) تذكرني عندما كنا ندرس بكلية الهندسة الميكانيكية بعطبره ( لها كل الود و الشوق) في بداية التسعينيات و كان في محطة القطر بائع باسطة مشهور ( لا اذكر اسمه) و كان ذو صوت جهوري و ينادي على بضاعته قائلاً ( يا اخوانا …. ما ما ما ما ما ما مااااا بالسمنه و كده يااااا ) – و الغريبة انو القطر ما بقوم الا الزول ده يبيع الباسطة بتاعو كلها – يا لها من ايام ….
    قطار الشوق متين ترحل تودينا …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..