التعدين فى البحر الأحمر: نعمة للسودان والسعودية أم نقمة للشعاب المرجانية

التعدين فى البحر الأحمر: نعمة للسودان والسعودية أم نقمة للشعاب المرجانية
د. أحمـد هاشـم
بدأت شركة حقول الماس المحدودة الكندية بدراسة جدوى إمكانية إستخراج المعادن من البحيرات الحرارية فى البحر الأحمر على عمق 2000 متر. وذلك بعد دراسة نشرت فى مارس 2011 من قبل معهد كيل للإقتصاد العالمى وقدرت أن قيمة المعادن مثل الفضة والنحاس والزنك تصل إلى أكثر من 8 بليون دولارفى بحيرة أتلانتيس. تبلغ مساحة البحر الأحمر 450 ألف كيلومتراً مربعاً ويحوى بيئة متميزة من الأسماك المتنوعة، الشعاب المرجانية، اللافقاريات، الأعشاب البحرية، العوالق النباتية والباكتيريا بالإضافة إلى تميز القاع بحوالى 25 بحيرة ساخنة عالية الملوحة وتنبعث منها كميات ضخمة من غازات الهيدروكربونات مثل الميثان والكبريت. ركزت دراسة الشركة الكندية على أكبر البحيرات، أتلانتيس (أتلانتيس تو ديب) التى تقع على عمق 2200 متر وتغطى مساحة 60 كيلو متر مربع، وتتميز بإرتفاع الضغط والحرارة التى تصل إلى 68 درجة مئوية وتزيد نسبة الملوحة فيها إلى أكثر من 7 مرات عن مياه البحر. تحوى هذه البحيرة تركيزات عالية من المنجنيز، الحديد، الكادميوم، المولبيدينوم، الكوبالت، النحاس، النيكل، الرصاص والزنك.
فكرة تعدين أعماق البحر الأحمر ظهرت إلى الوجود فى عام 1970 بالتعاون بين الحكومة السودانية وشركة التعدين الألمانية التى أخذت عينات من رواسب أعماق بحيرة أتلانتيس لتحليلها ومعرفة نوعية وكمية المعادن. لم يستمر هذا التعاون طويلاً نسبة لإرتفاع تكلفة التعدين فى أعماق البحار وإنخفاض أسعار المعادن فى الثمانينيات، ونتج عن ذلك تبرع الشركة الألمانية بالرواسب لمركز هيلموليتز لإبحاث المحيطات (كيل). فى عام 1974 شكلت الحكومتان السودانية والسعودية لجنة مشتركة لإستغلال المعادن فى قاع البحر الأحمرلأنه ليس من السهل تحديد الحدود الوطنية فى قاع البحر، لكن الإتفاقية لم تحدد تفاصيل تقاسم العائدات وتوزيع فرص العمل والفوائد التى قد تنتج من هذا التعاون. تجدد الإهتمام بإستغلال معادن البحر الأحمر بعد إرتفاع أسعار المعادن نتيجة لزيادة الطلب من الإقتصادات الناشئة فى الصين والهند، وفى عام 2010 تحصلت الشركة الكندية لحقول الماس المحدودة بالشراكة مع شركة منافا للتجارة الدولية السعودية على تراخيص من السودان والسعودية للتنقيب فى بحيرة أتلانتيس.
تثير إتفاقية التعاون التى وقعت فى عام 1974 بين السودان السودان والسعودية عدة تساؤلات. أولاً، شكك بعض القانونيون الدوليون ما إذا كان السودان كدولة فقيرة سوف يستمتع بأى مزايا خاصة لوقوع حوض أتلانتيس فى حدوده الوطنية وذلك نظراً لهيكل اللجنة المشتركة التى لم تنص على توزيع عادل ومنصف للمنافع الناشئة من إستغلال المعادن فى عدة نواحى. ثانياً، عدم وجود شركة سودانية مساهمة فى عمليات التنقيب، كما أبدت البنوك السعودية رغبتها فى تمويل عمليات التنقيب بتكلفة تصل إلى مئات الملايين من الدولارات. ثالثاً، كيفية تقاسم الفرص التى توفرها أعمال التعدين وإستخدام التقنيات الحديثة مثل الوظائف ذات الرواتب العالية للعلماء، الفنيين، العمال المهرة والسكان المحليين على حد سواء. رابعاً، من الناحية العملية هنالك مخاوف بأن يتحصل العلماء السعوديون على المناصب القيادية والإدارية لكونهم أفضل تدريباً من نظرائهم السودانيين من جراء تحسين نوعية التعليم العالى فى السعودية. وأخيراً، ركزت الجامعات السودانية على دراسات الجيولوجيا الأرضية فقط مثل التنقيب عن إحتياطات النفط، لكن فى المقابل ركزت الجامعات السعودية مثل جامعة الملك عبد الله على دراسات إستكشاف الجيولوجيا والبيئة البحرية.
تحتوى البحيرات الساخنة فى قاع البحر الأحمر على تنوع فريد من الأحياء الدقيقة التى لم تشملها الدراسات العلمية نسبة لصعوبة الحصول على عينات من الرواسب فى هذه البيئة العميقة وعدم وجود مراكز متخصصة لدراسة الأحياء البحرية فى الدول المطلة على ساحلى البحر الأحمر بإستثناء جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية الحديثة. أظهرت دراسة نشرت فى أغسطس من هذا العام فى دورية علمية (بلوس ون) بواسطة باحثين من الجامعة الأمريكية فى القاهرة أن الباكتيريا التى تعيش على سطح بحيرة أتلانتيس المعدنية فى مقاطع غاز الكبريت تلعب دوراً مهماً فى أكسدة غاز الميثان وتساهم بذلك فى خفض الإحتباس الحرارى، كما تمثل مثل هذه الباكتيريا مصدراً مهماً فى صناعات التقنية الحيوية الطبية والصناعية نسبة لقدرتها على تحمل درجات الحرارة العالية. أبدى بعض العلماء مخاوف من تأثير التنقيب على بيئة البحر الأحمر فى المياه العميقة والسطحية. وقد وعدت شركة حقول الماس الكندية المحدودة أن تشمل الدراسة الجارية الآن على تقييم الأثر البيئى على الأحياء الدقيقة على سطح البحيرات الساخنة وسيتم إختيار نظام للضخ يتجاوز الأحياء الدقيقة والبحرية فى المياه العميقة والسطحية.
أهم تساؤل أثارته إتفافية التعاون بين السودان والسعودية لإستغلال كنوز البحر الأحمر البيولوجية والكيمائية والفيزيائية هو الفارق الكبير الذى يزداد كل عام بين القدرات المهنية والتقنية للعلماء السعوديين مع نظرائهم السودانيين. فى خلال الثلاثة عقود الماضية تطور التعليم العالى فى السعودية بصورة هائلة من خلال توفير أحدث التقنيات والمختبرات والتدريب والتعاون المشترك مع كبرى الجامعات العالمية مع الإعتماد المتزايد على اللغة الإنجليزية فى التعليم والبحث العلمى. فى المقابل تدهورت البنيات العلمية للجامعات السودانية قديمها وحديثها مع التبنى المتزايد للغة العربية فى الدراسة والبحث العلمى، وأدى هذا إلى الإنغلاق على الذات ومحدودية فرص التدريب وتبادل الخبرات والتعاون العلمى مع كبرى الجامعات العالمية. ظهر التفوق العلمى السعودى جلياً فى مقدرات مركز أبحاث البحر ألأحمر بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية الذى يهتم بوضع أساس علمى لإستدامة بيئة وجيولوجيا البحر الأحمر بهدف إستغلال خيرات البحر الإقتصادية والصناعية والطبية. قام المركز برحلتين إستكشافيتين للبحر الأحمر فى عامى 2008 و 2010 هدفت إلى دراسة الأهمية الإقتصادية والبيئية للبحيرات المائية الساخنة وبيلوجيا الشعاب المرجانية وذلك بالتعاون مع الجامعة الأمريكية بالقاهرة، معهد وددز هول لعلوم المحيطات، جامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنلوجيا والمركز الإغريقى للبحوث البحرية. ما يدعو للقلق هو الغياب التام للجامعات ومراكز البحوث السودانية فى دراسات البحر الأحمرمما قد يؤثر سلباً على التوزيع العادل والمنصف للمنافع الناشئة من إستغلال المعادن فى قاع البحر.
د. أحمـد هاشـم، باحث فى كلية الملكة ميرى للطب جامعة لندن وسكرتير مؤسسة كردفان للتنمية.
[url]www.kordofan.co.uk[/url]
د هاشم ارجو ملاحظة ان مستعمرات الشعاب المرجانية لا تنمو في المناطق العميقة جدا مثل 2000م حيث يغيب الضوء وايضا يندر وجود الأحياء مثل الاسماك والقشريات.. الأمر الآخر هو أن السودان غير قادر على حماية مياهه الأقليمية الضحلة الي متوسطة العمق حيث تزدهر مستعمرات الشعاب المرجانية وما بها من حياة بحرية (توفر مستعمرات المرجان بيئة لنمو الأحياء المائية من أسماك وقشريات وغبرها ولكنها بيئة هشة جدا وبطيئة النمو) فتستطيع سفن صيد السمك الغازية من مصر ومن اليمن أحيانا أخرى والتي تستخدم شباك الجر تدمير عشرات الكيلومترات المربعة من في رحلة صيدواحدة بينما تحتاج مستعمرة المرجان لعشرات السنين لتنمو وتكون مستعمرة شعاب مرجانية وشباك الجر هي شباك ضخمة وثقيلة تجر بواسطة السفينة وتجرف كل ما يصادفها في قاع البحر من أسماك واحياء مائية ولثقلها تكسر مستعمرات الشعب المرجانية وأسوأ أمر بها ما يسمى بالصيد العارض by-catch وهو انها لا تميز بين الأسماك المرغوبة فتصيد كل شئ في طريقها ويقوم الصيادون بعد ذلك باخذ ما يرغبونه من اسماك وقشريات ورمي كميات ضخمة من الأسماك النافقة والرخويات والقشريا قد تصل أحيانا الي أكثر مت 50% من مجمل الصيد. في رأيي ان تأثير التعدين في المياه العميقة سيكون اقل سلبية في الأثر البيئ مقارنة بالنشاط الذي يتم على المياه القريبة من السواحل..
يادكتور ابحاث وتعليم بتاع مين جيهتم بيهو البشير وجماعتوانتابتقول الشركة الكندية 8مليار ديل ماحيشوفوا غيرا وبالنسبة للابحاث الله يبارك في الشباب البدرس في الهندوماليزياوالفلبين وبلاداللة الواسعة دة دوركم انكم تفتشوهم هناك وتشوفوليهم منح ماسترودكتوراة في جامعات اوروبا عسي ولعل يبقي عندنا علماء حقيقين@
بس اوع يكون الشغل دا في مثلث حلايب؟
شكرا د أحمد لتفضلك بالرد على مداخلتي وبخصوص بناء المنصات و وأثرها في تلويث البيئة هذا صحيح والتخوف الأكبر ينجم من خلق سحب داكنة من طمي القاع نتيجة لعمليات الحفر والشفط ورفعها للسطح مما يحجب ضوء الشمس وبذلك يخل من دورة حياة معظم الكائنات التي تنمو في المياه السطحية ومتوسطة العمق.. هنالك حادثة في منطقة ميناء سواكن تبين ذلك وانه عندما بدأت عمليات اعادة تأهيل الميناء آواخر ثمانينات القرن الماضي قامت جرافات بتوسعة قنوات مرور السفن ونتيجة لذلك اتلفت مستعمرات مرجانية كبيرة والأسوأ هو تكون سحابة عالقة من الرسوبيات والطمي حجبت ضوء الشمس عن المياه فترة امتدت عدة سنوات مما كان لها أثر مدمر للبيئة البحرية في سواكن.
بخصوص الفارق المهني بين قدرات علماء السودان أمام نظرائهم السعوديين فهذا صحيح ولكن الأمر الأسوأ هو ان كلا البلدين لا يملكان التأهيل الكافي للتعدين في المياه العميقة والأمر سيكون أشبه باتفاقيات تعدين البترول اذ لا زالت المملكة برغم طول عهدها باستكشاف وتنقيب البترول تعمد على خبرات الدول الأجنبية كما هو حالنا برغم حداثة عهدنا بالبترول..