أخبار السودان

المسؤولون الأمريكيون .. (العرضة) في الساحة السودانية

الخرطوم: أمير علي
من حين لآخر، تصدر تصريحات إيجابية من المسؤولين الأمريكيين في ما يتعلق بالتعاطي مع القضايا السودانية.
وبنظرة لمسار العلاقات فإن أول اهتمام أمريكي بالسودان يرجع عندما ساهم المستثمر الأمريكي (لي هنت) في تأسيس شركة السودان للزراعة التجريبية في أوائل سنوات الحكم الثنائي في العام 1904م، والتي تحولت فيما بعد إلى الشركة الزراعية السودانية، وتزايد التواصل بين البلدين مع اقتراب حصول السودان على استقلاله، عندما أرسلت الولايات المتحدة أول مبعوث لها في السودان “بعد تردد” في مارس 1954م، للإشراف على أول انتخابات في إطار استعدادها آنذاك لوراثة النفوذ البريطاني في المنطقة.
وكان الاختبار الثاني للعلاقات السودانية الأمريكية هو (مشروع المعونة الأمريكية)؛ والذي تقدمت به واشنطن إلى الخرطوم، والذي لقي معارضة شديدة كادت أن تطيح وقتها بائتلاف الحزبين الحاكمين (الأمة والشعب الديمقراطي) في مطلع عام 1958م قبل انقلاب إبراهيم عبود بشهور.
وبدأ الاهتمام الأمريكي يتعاظم تجاه السودان بعد انقلاب 17 نوفمبر 1958 على يد الرئيس الأسبق إبراهيم عبود، وكانت السياسة الأمريكية في ذلك الوقت تقوم على مبدأ الاعتماد على الأنظمة العسكرية؛ والتي تعتبر من وجهة نظرها حليفاً استراتيجياً يُمكن التعامل معه بسهولة، فقبلت الحكومة المعونة الأمريكية، وزار الرئيس عبود الولايات المتحدة حيث وجد الترحيب، ولكن بعد ثورة اكتوبر تدهورت العلاقة مع الولايات المتحدة حتى قطعت نهائياً بعد حرب 1967م.
وفي بدايات انقلاب مايو 1969م وحتى 1971م كانت علاقات النظام مع الإدارة الأمريكية سيئة نسبة لانحياز النظام للمعسكر الشرقي واعترافه بألمانيا الشرقية، وتبنيه لسياسات المصادرة والتأميم وانحيازه للتيار العربي الاشتراكي المعادي للرأسمالية والامبريالية، ولكن بعد فشل المحاولة الانقلابية الشيوعية 1971م غيّر النظام توجهه نحو الولايات المتحدة فعاود الأمريكان اهتمامهم بالسودان، حيث عززت الولايات المتحدة في هذه الفترة من وجودها السياسي والأمني والاقتصادي في السودان.
ومع سيطرة حكومة الإنقاذ على مقاليد الإمور في العام 1989م لم تكن العلاقات مع أمريكا على ما يرام، وإستمرت على ذات المنوال بفرض حظر إقتصادي على البلاد في العام 1997م، والذي انتهى في اكتوبر من العام الماضي (2017م)، ومن يومها شهدت العلاقات إنفراجاً كبيراً؛ تعددت على إثره زيارات المسؤولين الأمريكيين لمناطق السودان المختلفة، ومشاركتهم أحياناً للمناسبات الشعبية مثلما حدث قبل عام؛ حينما أراد القائم بالأعمال الأمريكية بالسودان (استيفن كوتسيس) تغيير الخارطة المألوفة لدى البعثات الدبلوماسية التي كانت في السابق عندما خرج المسؤول الأول بالسفارة الأمريكية عن الخارطة التي ترسمها الدبلوماسية في السابق؛ مشاركاً في احتفال شعبي بمنطقة أربجي بولاية الجزيرة دون تخوف كبير.
وبدأت ملامح العلاقات السودانية الأمريكية تتغير بعد إعلان واشنطن القرار الذي قضى برفع العقوبات عن الخرطوم، وجعلت الحكومة السودانية تنظر بطريقة غير مألوفة، بالإضافة إلى أن أهل أربجي استطاعوا أن يؤكدوا للمسؤول الأمريكي أن السودان ليس كسائر الدول، كما يُقال عنه، بل أنه أكثرها أمناً.
وقبل أيام برزت بصورة واسعة ظاهرة إهتمام مسؤولي السفارة الأمريكية ومشاركتهم في الإفطارات الرمضانية بعدد من الأحياء الشعبية، وعدة مدن أخرى من بينها شندي، إلى جانب زياراتهم المتكررة في السنوات الأخيرة لرجال الطرق الصوفية، وكانت آخر مشاركة لمسؤول أمريكي قبل يومين (الإثنين)، عندما لبّى مدير العلاقات العامة بالسفارة دعوة الإتحاد العام للطلاب السودانيين بمقره في المقرن. ولم تتوقف الزيارة عند الإفطار، وإنما صدرت من خلالها تصريحات تصدرت عناوين صحف أمس (الثلاثاء)، وجاءت أحاديث مدير العلاقات العامة بالسفارة الأمريكية بالخرطوم “كيث هيوز”، برداً وسلاماً على الحكومة السودان، حينما أعلن عن خلو السودان من الإرهاب، وكشفه عن تقديم خدمات الإنترنت المجانية لكل السودانيين عبر جامعة الخرطوم قريباً.
وقُوبل حديث “كيث”، بالإرتياح من الحضور؛ الذي غلبت عليه شريحة الطلاب، إلى جانب الإعلاميين، وقال المسؤول الأمريكي بلهجة تبدو عليها الثقة “إن السودان دولة آمنة، وليس به إرهاب”، منوهاً إلى وجود (300) طالب سوداني يدرسون بالجامعات الأمريكية، وأضاف “لايوجد قانون يمنع السودانيون من الدراسة في امريكا، وإن الإجراءات تسري على كل الدول بلا تمييز”، لافتاً إلى فتح باب الجلوس للإمتحانات المؤهلة للدخول إلى الجامعات الأمريكية.
ولم ينس “كيث” أن يقر باغلاق شركة أمريكية للموقعين الإلكترونيين لجامعتي الخرطوم والسودان للعلوم والتكنلوجيا، ولكنه طالب الجامعتين بمعرفة الأسباب التي أدت لذلك، مشيراً إلى أن الدراسة في بلاده “مُكلّفة، ولكنها ليست صعبة”، منوهاً إلى وجود تنسيق مع المؤسسات التعليمية السودانية لخلق علاقات تبادل بين البلدين.
ولم يتوقف مدير العلاقات العامة بسفارة أمريكا عند التصريحات، إذ أنه شارك في نهاية الحفل المُصغر في الرقص على الطريقة السودانية، وقُوبلت محاولاته في ما يُعرف بـ(العرضة) بالإعجاب والضحك، وترديده لكلمة (أبشر)، وتلويحه بالعصا الأبنوسية التي أهداها له رئيس إتحاد الطلاب، وهو ما يؤكد معرفته بالطقوس الشعبية السودانية. وكان رئيس الإتحاد العام للطلاب السودانيين المهندس “عمار علاء الدين”، قد سبق “كيث” في الحديث، وقال “إنه صديق عزيز عليه”، قبل أن يطالب أمريكا باعادة النظر في السياسات ضد طلاب السودان، وتأكيده “أن الإرهاب تهمة ملّفقة ضد السودان”، معرباً عن أمله في التواصل بين طلاب البلدين، وعدّ لقاء الطلاب بالمسؤول الأمريكي بأنه مؤشر ايجابي لتحسين العلاقات. وعلى ذات حديث رئيس إتحاد الطلاب سار الخبير الإعلامي الدكتور “ربيع عبد العاطي”، حينما اتفق أن لقاءات المسؤولين الأمريكين الأخيرة حملت انفراجاً في العلاقات، وتعد مؤشراً إيجابياً لتحسين الصورة الذهبية لكلا الطرفين، وقال عبد العاطي في حديث لـ(الوطن) إن الولايات المتحدة الأمريكية على قناعة أن السودان لايرعى الإرهاب حالياً، منوهاً إلى أن أحاديث المسؤولين الأمريكيين السابقة كانت تصدر عن منطلقات سياسية، وليست واقعية، ولكنهم يعبرون عن الموضوعية في تعاطيهم مع السودان في الوقت الراهن ، وأضاف “الأمريكان لايصرّحون إلا بحسابات معينة”.
ولم يبدِ “ربيع” استغرابه من حديث المسؤول بالسفارة الأمريكية، ونفي تهمة الإرهاب عن السودان، ووصف تصريحات “كيث” بأنها تدعو للتفاؤل ومؤشر جيد، لافتاً إلى أن الدولة العظمى تستخدم سياسة “العصا والجذرة” ضد خصومها، وتتعامل بإزدواجية مع الدول، مبيناً أن مسألة رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب تتطلب جهوداً حثيثة من الحكومة، ولكنه قال في ذات الوقت “إن الأمر ليس بأيدينا”.

تعليق واحد

  1. الأمريكيون عندما يقولون الإرهــاب أو رعاية الإرهـــــاب يقصـــدون بالتحديــــد هذا الرئيس الحوام عمر البشير … وانا لا أشك أن أول انفراجة ستحل بالبلد بمجرد إزاحة هذا الرجـــــل الذي في وادي غير وادي مواطنـيـــه

  2. الغرض من حركات اليانكي دي عامة وخاصة في رمضان عايزين يقولو للسودانين نحن بنحبكم يعني حركة علاقات عامة (وهم محاصرين السودان) لكن بيستوردو الصمغ العربي، وعلاقتهم مع البشكير سمن على عسل.

  3. لا فرق بين الكوز واليانكي (الكوز يتدثر بالدين واليانكي يتدثر بالعمل الانساني)، في الحالتين هما يخدعون السذج.

  4. الأمريكيون عندما يقولون الإرهــاب أو رعاية الإرهـــــاب يقصـــدون بالتحديــــد هذا الرئيس الحوام عمر البشير … وانا لا أشك أن أول انفراجة ستحل بالبلد بمجرد إزاحة هذا الرجـــــل الذي في وادي غير وادي مواطنـيـــه

  5. الغرض من حركات اليانكي دي عامة وخاصة في رمضان عايزين يقولو للسودانين نحن بنحبكم يعني حركة علاقات عامة (وهم محاصرين السودان) لكن بيستوردو الصمغ العربي، وعلاقتهم مع البشكير سمن على عسل.

  6. لا فرق بين الكوز واليانكي (الكوز يتدثر بالدين واليانكي يتدثر بالعمل الانساني)، في الحالتين هما يخدعون السذج.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..