?مياه معدية? كشفت وزارة الصحة بولاية الخرطوم عن ?37? مصنعا للمياه المعدنية غير مطابقة للمواصفات، فمن يحرس صحة المواطن؟

الخرطوم ? محمد عبد الباقي
دع القضية الصحية برمتها وما يترتب عليها، جانباً وانظر فقط لعدد التصريحات والأخبار والحوارات الصحفية التي تناولتها، وحده هذا (التخبط) والتضارب يكشف لك أن صحة المواطن آخر ما يفكر فيه وزير الصحة بولاية الخرطوم مأمون حميدة!
نعم مأمون حميدة كلما خطى خطوة أو أدلى بتصريح يتضح أن المنافسة على التجارة حاضرة في ذلك التصريح؛ يبدو هذا جلياً حين تطالع تصريحات وزارته المرتبكة بخصوص كشفها (37) مصنعا للمياه المعدنية غير مطابقة للمواصفات وتهديده لتلك المصانع بالحساب العسير إذا لم تجمع بضاعتها من الأسواق خلال (48) ساعة.
قبل نهاية مدة حميدة المزعومة خرج رئيس شعبة المياه المعبأة والصحية داود عباس عثمان بتصريحات صحافية تنافس تصريحات حميدة على عرش الغرابة فقال بالنص: ?الخلل الذي تتحدث عنه وزارة الصحة غير موجود في المصانع المصدقة ولكن هنالك بعض الأسماء التجارية تتم عبرها التعبئة من مصانع صغيرة بجانب مصانع للأجانب في الخرطوم ومن ثم ينزل المنتج للخرطوم?.
الحقيقة التي لم ينطق بها داود عباس رغم محاولته تجميل وجه القبح داخل القطاع الذي يرأسه هى تستره على هذه المصانع التي تعبئ المياه باسم مصانع معروفة بواسطة أجانب ومن ثم بيعها في الأسواق للمواطنين، أليس هذا تستر واضح من رئيس شعبة المياه المعبأة على هذا الجُرم الشنيع في حق المواطنين الذين كانوا يولونه ثقتهم كأمين على سلامتهم؟
لم يقف داود على تستره على المصانع المخالفة للمواصفات وهو يعلمها كما يتضح من حديثه الذي نشرته الصحف، إنما تمادى أكثر وهو يعلن عن أن هنالك مصانع متوقفة ولكن إنتاجها موجود في السوق!
ورغم ذلك يقول?: الأمر يحتاج إلى توعية أكثر من الإجراء الرسمي والقانوني?.
المنطق هنا ـ وفقا لداود ـ أن تترك المصانع والأفراد الأجانب الذين يعبئون المياه بطريقتهم ويرسلوها للأسواق على مزاجهم لأن الإجراء الرسمي غير مجدٍ فالمهم عنده التوعية، ولكنه حين سُئل عن عدد المصانع لم يجب على السؤال.. ترى كيف تتم التوعية وأنت ترفض حتى الكشف عن عدد هذه المصانع؟!
المحزن، أنه لا تختلف التصريحات الصحافية لداود كثيرا عن تصريحات مأمون حميدة، فالأول أيضاً مهموم بالربح كما يبدو من تصريحاته كما الثاني، وإلأ لماذا لم يكشف مأمون حميدة عن أسماء المصانع ويترك أمر مقاطعتها للمواطنين من تلقاء أنفسهم؟، أليس هذا هو الصواب إذا كانت صحة المواطن ذات قيمة لدى وزير الصحة؟
عموماً انقضت المهلة التي حددها الوزير ولم تمتد يد لجمع هذه السموم المسماة (مياه معدنية) من الأسواق وفقاً لمحمد عبد الصمد أحد أصحاب البقالات بأم درمان، حيث قال لـ(اليوم التالي): ?لا نعرف شيئا عن المصانع السيئة التي تحدث عنها وزير الصحة، وكذلك لم تأت إلينا جهة تخطرنا بعدم شراء أنواع محددة من المياه المعنية حتى هذه اللحظة?. واستطرد عبد الصمد قائلاً: ?الغريب في الأمر أن وزارة الصحة ذكرت عدد مصانع أكثر من العدد الذي نعرفه في السوق ولهذا كان الأحرى بها كشف الأسماء حتى نستطيع تجنب الشراء منها وتتكفل الوزارة بإكمال الإجراءات القانونية ضدها، ولكن أن تتكتم عليها بهذه الطريقة فالظاهر أن الأمر لا يخلو من غرض?.
اليوم التالي.