مافيا امتصاص عرق الفقراء.. درداقات أم بدة

أم درمان- محمد عبدالباقي
الأسبوع الماضي، أعلنت مؤسسة (ووك فري) التي تتخذ من أستراليا مقراً لها، عن تقريرها السنوي الذي جاء هذا العام تحت عنوان (مؤشر العبودية العالمي) وأظهر التقرير أن (36) مليون شخص، في (167) دولة حول العالم، يعانون من أحد أشكال العبودية الحديثة. وطبقاً لمفهوم التقرير، فإن أحد أنواع العبودية هو امتلاك الفرد بغرض التربح من ورائه. بالطبع لم يخلُ التقرير من اسم السودان ولكن لم يكن في القائمة الأولى، فاحتلتها دول متقدمة في محيطنا العربي والأفريقي، فجاء السودان في المرتبة الثامنة. بتمحيص الفقرة التي وردت في التقرير وتنطبق على بعض ممارسات المحليات، نجد أنها لم تحشر زوراً وبهتاً في ثناياه، بل هي حقيقة عايشها الناس في أسواق الخرطوم منذ سبعة أعوام تقريباً، عندما اتجهت محلية أم بدة كأول محلية بالخرطوم تبتكر نظام احتكار الدرداقات بقيمة إيجار يومي غير منطقي، يذهب ريعها لشخص بعينه تختاره المحلية بمواصفاتها الخاصة. وهذا ما يثبت واقعة التربح من وراء العاملين في الدرداقات، كما تبين إفاداتهم أدناه:
# استثمار بالقوة
امتلاك الفرد بغرض التربح من ورائه تنطبق بحذافيرها على العاملين في قطاع الدرداقات بسوق ليبيا، لأن الامتلاك المقصود لا يعني أن يكون الشخص مملوكاً ملك يمين لمن يجني من ورائه فائدة مالية، بل يفسر بأنه تقييد حرية الشخص في اختيار العمل الذي يريد القيام به، أو السماح له باختيار نوع العمل لكن بشروط مجحفة، كما يحدث في أمر الدرداقات التي يبلغ سعرها في السوق الأسود (250) جنيهاً فقط، لكن من يريد العمل بها في سوق ليبيا تلزمه محلية أم بدة بأن يقوم بإيجارها من شخص محددة مقابل (15) جنيهاً يومياً تُدفع مقدماً، لذلك الشخص. ومن لا يلتزم بهذا التوجيه، ويأتي للعمل بدرداقة خاصة به تصادر الدرداقة التي يمتلكها ولا ترد له إلا بعد دفع غرامة مالية غير محددة، ومن ثم ترد له درداقته لكن بعد فترة زمنية أيضاً غير محددة. ورغم عدم قانونية احتكار الدرداقات بالطريقة التي تنتجها محلية أم بدة هذه الأيام، لكنها تمارسه بقوة زائدة لصالح الشخص المعني، مما يجعله يسترد قيمة شراء الدرداقة في (16) يوماً لا أكثر دون مرعاة لحال من يعملون بها.
*ظلم الحسنين
عندما نشير إلى أن سعر الدرداقة (250) جنيهاً، هذه ليست معلومة خافية على من (يدفعون) الدرداقات أمامهم بسوق ليبيا ليعود ريعها لمستثمر لا يعرفون عنه شيئاً. كلا، كل من تحدث عن القضية أشار نحو مغلق ما، مؤكداً أن سعرها فيه بالمبلغ المذكور، وأنه يستطيع توفير قيمتها في (16) يوماً. لكن بأمر المحلية لا يجرؤ أحداً على فعل ذلك، وإلا عرض نفسه للغرامة الباهظة ومصادرة مصدر رزقه!!
وبمعادلة سعر شراء الدرداقة (250) جنيهاً، مقارنة مع ما يتم دفعه لإيجارها اليومي (15) جنيهاً، يا ترى كم سيكون دخلها اليومي. هذا ما يكشفه (أحمد عبدالله) الطالب بمرحلة الأساس، وهو أحد الذين درجوا على العمل بها في فترة الإجازة المدرسية، حيث أوضح أن دخلها اليومي في أحسن الأحوال لا يتعدى (40) جنيهاً يدفع منها الإيجار (15) جنيهاً والمتبقي (25) جنيهاً، لا يتجاوز إفطار وعشاء رمضان، وأضاف ساخراً: وغداً نبدأ مسيرة البحث عن الفطور والعشاء!!
*ذُل العبودية
لم يتجاوز (عبد الباقي الطاهر) الذي يعمل أيضاً بدرداقات محلية أم بدة إفادة زميله (أحمد عبدالله)، لكنه بعث غضبه محموماً على ما يلاقيه من عنت ومشقة، وهو يدفع أمامه تلك الدرداقة، فقال: “نحن نعيش حياة عوز وفقر، ومع ذلك عندما نخرج للعمل نتفاجأ بمثل هذه العراقيل التي تضعها محلية أم بدة بصورة ظالمة تستبيح بها حقوقنا بهذه الطريقة المذلة”.
وشجب أسلوب محلية أم بدة في تعاملها معهم بقوله “هذا أسلوب مضر بالناس وملحق بهم الكثير من الأذى، ومثير للسخرية، لأنه يكشف عقلية هولاء المسؤولين الذين يتحدثون عن دعم الفقراء والضعاف ويدوسون عليهم بالمستثمرين الذين يأتون بهم من المجهول ليعتصروا دماء الفقراء من أجسادهم كما يحدث لنا. ووجه عبد الباقي نداءً عاجلاً للفريق أول عبد الرحيم محمد حسين قائلاً: نتوسم فيك الخير في هذه الأيام المباركة بأن تصدر قراراً اليوم قبل الغد لتزيل من كاهلنا هذا العار، عار أن نعمل ليذهب عرقنا لجيب مستثمر لا يدفع للدولة شيئاً مقابل ما يجنيه منا في عملية تشبه ألعاب الفافيا وعصابات الإتجار بالبشر في عالم العبودية القديم

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. درداقات في الزمن الحالي ، العالم وصل وين واحنا في الدرداقات . يجب الخجل من انفسكم يا حكومة البشير ، والاستقالة فورا والاعتذار لهذا الشعب المسكين.

  2. و الله بلدنا دي فيها قوانين و اجراءات مافي في اي حتة في العالم بالله دا مستثمر شنو دا
    برضو للمراحيض هنالك مستثمرين
    عجبي
    الظلم ظلمات يوم القيامة

  3. تعرفو الدردقات وعربات التحميل الصغيرة في كل العالم المتحضر بتكون مركونه بالخارج وبلاش لكل انسان متسوق واكثر من كده هناك عمال يتبعون للاسواق مهمتهم حمل اغراض أي شخص متسوق في هذه الاسواق ودون مقابل بل بعضهم يوقع عقوبة علي العامل اذا طالب بي مقابل لانه هذا هو عمله ويتغاضي اجر عليه. .. والله نحن قدامنا كتير جدا جدا عشان ما نبقي ذي البشر.

  4. درداقات في الزمن الحالي ، العالم وصل وين واحنا في الدرداقات . يجب الخجل من انفسكم يا حكومة البشير ، والاستقالة فورا والاعتذار لهذا الشعب المسكين.

  5. و الله بلدنا دي فيها قوانين و اجراءات مافي في اي حتة في العالم بالله دا مستثمر شنو دا
    برضو للمراحيض هنالك مستثمرين
    عجبي
    الظلم ظلمات يوم القيامة

  6. تعرفو الدردقات وعربات التحميل الصغيرة في كل العالم المتحضر بتكون مركونه بالخارج وبلاش لكل انسان متسوق واكثر من كده هناك عمال يتبعون للاسواق مهمتهم حمل اغراض أي شخص متسوق في هذه الاسواق ودون مقابل بل بعضهم يوقع عقوبة علي العامل اذا طالب بي مقابل لانه هذا هو عمله ويتغاضي اجر عليه. .. والله نحن قدامنا كتير جدا جدا عشان ما نبقي ذي البشر.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..