رفع الدعم ونزول الحكومة

عهد حكومة الإنقاذ أشبه بقربة مقدودة . قربة يحملها الشعب مكرها قرابة ربع قرن من الزمان. مثقوبة يتسرب ما بداخلها عليه . سياسات الحكومة وقرارتها العشوائية زادت الثقب فسقط من خلاله الكثير. الديمقراطية. العيش الكريم .الحقوق والحريات. العدل والأمانة والحياء. سقطت قيم التوادد والمحبة والتكافل. الصفات السودانية الأصيلة . تلاشت الطبقة الوسطى .سقطت من الثقب حتى طموحات الإنقلابين. وسقط أكثر من ذلك . سقط ثلث السودان وربع السكان.
كانت ديون السودان قبل هذه الحكومة. لاتتجاوز عشرة مليارات .كنا نسددها من القطن والصمغ والسمسم و والثروة الحيوانية. ونعيش في رخاء نسبي .لم يكن الفقر قد استاسد وتوسد في ربوع هذا الوطن العزيز..انتج السودان البترول.خدمتنا الظروف الإقتصادية العالمية بإرتفاع أسعار النفط . ولم نخدم أنفسنا بحسن النية . أضمر البعض سوءا فتمحقت أموال البترول الطائلة.كان سعر البرميل أقل من عشرين دولارا وعندما صدرنا نفطنا .ناطح البرميل المائة وخمسين دولارا. وحتى الآن رسوم المرور وحدها تساوى ثمن برميل في السابق. اذن اين ذهبت هذه الأموال؟ السؤال عن الملايين يوميا وبالدولار.لم ينعكس العائد على المواطن العادي ولا على التنمية في البلاد.. توقفت المصانع واجدبت المزارع .ضعفت التجارة .تشلعت السكك الحديدية .توقف النقل النهري.تعثر البريد. حتي المشاريع التي تفخر بها الإنقاذ قامت بقروض خارجية مشبوهة .ستظل ديون على كاهل الشعب السوداني.أكلت الإنقاذ القٌروض بينما يأكل عامة الشعب القَروض.الأولى بضم القاف والثانية بفتحها. إذن يحمل السودانيون على ظهورهم قربة الحكومة المخرومة وعلى كتوفهم ديون ثقيلة.القربة يشرب منها الأثرياء الجدد ويحملها الشعب وهو عطيش.
ثم تتحدث الحكومة عن رفع الدعم. الدول تدعم شعوبها .حتى الغنية منها تفعل ذلك. تدعم امريكا مزارعيها. هذا لم يرض اوربا. فهو امر يخل يتكافؤ فرص التسويق .المزارع المدعوم تكاليف انتاجه أقل من غيره. بعض الدول تدعم تجارها وحرفييها .قابلت رجل من ملاوى يبيع منحوتات من الأبنوس. قلت له انتم تقطعون الخشب منذ سنوات ستختفي الغابات في ملاوي. قال لي ان الحكومة تزرع مكان ما نقطعه من الأشجار. كذلك تفعل كينيا. بعض الدول اسعار منتجاتها خارجها أقل من داخلها.
ان السودانيون يدفعون بمعاناتهم ثمن رفاهية القلة الحاكمة وهتّافوها. فاذا رفعت الحكومة الدعم عن القلة المتبقية من السلع الضرورية فما جدوى بقاؤها؟ إذا رفعت الحكومة الدعم فعليها ان تنزل هي.إذا ذهبت الحكومة فإن الشعب سيعيش الرفاهية.بالإضافة لأموال البترول وغيره. ستتوقف الضرائب والرسوم والجبايات التي تأخذها الحكومة من الفقراء وتعطيها الأغنياء. المال مال الشعب . يدفعه من موارده و بكدحه وبالديون التي يدفعها هو وابناؤه. فإذا رفعت هذه الحكومة الدعم وهي التي جلبت على السودان كل هذه الويلات التي يعاني منها الآن فماذا تبقى لها لتحكم الشعب السوداني؟
أهل السلطة جاؤا بليل ولم يحملوا معهم أموالا. كانوا يحملون البنادق التي استولوا بها على كل السودان.على السلطة والخزينة العامة والموارد والوظائف .حتى المال الذي ادخره الناس من تعبهم اخذوه منهم بتبديل العملة . مرة بقلعه بالقوة. ومرة بإخذه بالحيلة .بشطب ثلاثة اصفار من العملة دفعة واحدة. إذن لماذا ترفع الحكومة الدعم على قلته ؟ .إن الدعم يدفعه الشعب وهو تراحم بين أفراده. بعض هذا الدعم مالا غير مباشر من الأغنياء لصالح الفقراء. الأغنياء قبل عهد الإنقاذ يشعرون بالعرفان لهذا الشعب الذي رباهم ورعاهم وعلمهم وأعطاهم بفضل الله. بالتبرعات ليلا ورعاية الأسر وبالدعم يسددون له بعض مما عليهم تجاهه.كان الأغنياء يدفعون ضرائبهم وزكاة أموالهم بطيب نفس.يعرفون انها تذهب لمن يحتاجها فعلا.الآن السلطة تأخذها منهم عنوة وتعطيها إلى من هم أكثر ثراء. كأنما غادرت البركة الجنيه السوداني.صار مثل حلاوة قطن . تذوب سريعا في الفم .في السابق كان مثل حلوى يمكن الإمساك بها والإستمتاع بطعمها طويلا.إذن ما تحتاجه الحكومة هو رفع الظلم وليس رفع الدعم.
تبرير رفع الدعم بتهريب السلع لدول الجوار واستفادة غير السودانيين غيرناضج. بين الدول كما في الأسر اخوة كبار.دولة بمثابة أخ اكبر للدول حولها.تساعدها وتدعمها .تنصحها وتقف بجانبها عند الشدائد .من هذه الدول السعودية جنوب افريقيا وكينيا ونيجيريا والسودان ومصر رد الله غربتها.
فاذا اكرمنا الله بهذا الوضع.فلماذا نريد ان نضيعه.ماذا تعني بضعة مئات من جولات السكر أو براميل من الجاز لأخوتنا في دول الجوار.بعض الدول ترسل سلعها وخدماتها مجانا للدول الأخرى تتألفها بها. بعض الشركات وحتى التجار يمنحون نسبة من انتاجهم وسلعهم مجانا أو بأسعار زهيدة .هنالك دولا تكن لنا كل الإحترام .ينظر لنا شعوبها كمثل أعلى .يحملون ذكريات طيبة عن السودان. ألا يستحق هذا بعض جوالات السكر وبراميل الجاز؟
برفع الدعم عن السلع الضرورية تلجأ الحكومة إلى أسهل الطرق. رفع الدعم بدلا من زيادة الإنتاج. الأجدى تبني افكار جديدة. البحث عن موارد جديدة وتفعيل المتاحة بصورة أفضل.
الذي يحّير الأنسان هو: كيف ترفع الحكومة الدعم عن شعب تحت خط الفقر.
ولا توقف صرفها البذخى على أولئك الذين أوصلوها لهذه المرحلة ؟
حسبنا الله ونعم الوكيل

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..