خطاب الترهات والاستخفاف والاستهتار ومشروع النفاق القومي
كعادته جاء خطاب البشير مكرر ومسموع آلاف المرات وسمج وقمئ وملئ بالترهات والقفز من موضوع الى آخر حيث الآخر لا يمت لما قبله بصله وهذا معهود ومعلوم عنده والفرق بين خطاب الأمس وكل خطابات البشير السابقة كان في الخاتمة التي لم نسمع فيها أهازيج أغاني التراث ورقصات البشير وسط تكبير وتهليل مليشياته وأركان حربه وحزبه ..
الخطاب متوقع ومكشوف لكل المتابعين ولم يخيب الرجل ظن أحد وفي اعتقادي أن الخطاب اخضع لتحليل كبير بل وأكبر مما يستحق رغم انه خطاب تناول أوضاع حساسة تتعلق بالحياة والموت لكنه في المجمل يعد تعاطي مع واقع ليس بجديد إذ اعتدنا طوال فترة قبوع النظام في الحكم على الأوضاع المأساوية والتضييق وشظف العيش والموت بشقيه العاجل والبطئ ..
خطاب ملئ بمقارنات بين الأمس واليوم وفزاعة(لما جينا لقينا الناس واقفة صفوف للخبز) وكيف أن الإنقاذ حينما جاءت وجدت ندرة في كل السلع والحديث المستهلك عن انجازات واعجازات اقتصادية لم تنعكس يوماً على مستوى دخل الفرد الذي يراه البشير قد تطور من 400دولار الى 1700دولار شهرياً !!! عموماً الخطاب توبع باهتمام من جميع قطاعات الشعب لأنه يمس عصب حياتها ومحصلته كانت رفع الدعم عن المحروقات كتجميل وتدليل لرفع الأسعار التي تنهك كاهل المواطن المُنهك الذي ظل يعاني مايعاني من غلاء الأسعار وارتفاعها في كل السلع الضرورية ..
لفت انتباهي حديث الرجل (عندما دمجنا وزارة الثقافة في وزارة الإعلام خسرنا مشروعنا الثقافة وظهرت النعرات القبلية ومشروعنا كان انو نقضي على الجهوية والقبلية ولما يسألوك أنت جنسك شنو تقول سوداني قبيلتك شنو سوداني )
حديث غريب من رئيس كل معاملات شعبه المدنية تبدأ بخانة اسم القبيلة !! ولكي تتحصل على واحدة من الأوراق الثبوتيه يجب أن يشهد عليك شاهد من أهلك أبناء عمومتك حيث لا تشفع لك شهادة الميلاد ولا أرانيك المؤسسات المدنية الأخرى من مدارس ومستشفيات وخلافها .. هذا على المستوى العام أما على مستوى الحديث وخصوصية مطلقه الرجل الذي رعى منذ مجيئه القبلية والجهوية وأطر للنزاعات القبلية ودعم وسلح قبائل ضد أخرى وبطون ضد بطون كانت تتعايش وتتقاسم الماء والكلأ والنار بتراضي وتتصاهر وتتواصل في الأفراح والأتراح ..
المتابع لتجربة الإنقاذ منذ ولوجها الى الحكم واستيلائها عليه بالقوة بمعنى أنها ومنذ يومها الأول جاءت ضد ارادة الشعب
ودستوره وشرعيته ? ومثلها مثل أي استعمار استهدفت أول ما استهدفت ضرب وحدة وتماسك الشعب السوداني
وبما ان الانقاذيين مواطنين سودانيين كانوا أدرى بكل مايربط الشعب ببعضه ومايبقي عليه متماسكاً ولكي يتثنى لهم البقاء والسيطرة قاموا بضرب كل عناصر الوحدة الشعبية ابتداءً والتسامح الديني والتعايش فصبغوا الحرب بصبغة القدسية وجعلوها حرب دينية بين الجنوب والشمال كأول شرخ في العلائق الاجتماعية بين ابناء الشعب الواحد وكما قال الرجل في خطابه ضحينا بالانفصال لاجل وقف نزيف الدم !! (أنظر الى خلو الحديث من أي دبلوماسية ومدى السطحية والاستهتار بالعقول )
يقول أنهم ضد القبلية والجهوية وهم أول من بذروا بذور الفتنة بين القبائل وأنشأوا التجمعات العرقية القبلية وجيشوها وسلحوها لتضرب تجمعات اخرى وظلت الفتنة يستعر جحيمها الى يومنا هذا قاتلة كل مناحي الحياة المتسامحه والترابط الاجتماعي بين فئات الشعب المختلفة ..
نجح الانقاذيون في في توسيع الهوة بين ابناء الشعب الواحد وفي احداث شرخ في جسد التسامح والتعايش الديني والترابط
والتصالح العرقي ونجحوا في تقسيم الوطن الى شطرين جغرافياً ونجحوا في تقسيم شطره الشمالي الى خمسة اقسام او دويلات وجدانياً .. ولما كانت الانقاذ قد نجحت في تفريق الشعب وسادت بقوة السلاح والتفريق وزرع الفتنة وقتل وابدال كل ماهو جميل وطيب من عادات وتقاليد واحلال عادات وتقاليد جديدة كان لابد لها من المواصله في ذات الطريق لأن في مواصلته ضمان لاستمرار نجاحها ..
وفي خطاب الأمس يصر البشير على أنهم ضد الجهوية والقبلية في استخفاف تام بعقلية الشعب وضحك على الدقون ..
الخطاب تناول العديد من المحاور والقفزات من هنا الى هناك وكما اسلفت هو مكشوف ومكرر ومتوقع وساذج رغم ما أضيف اليه من مساحيق ورتوش ..
الوضع الأن بات واضحاً وجلياً يصر النظام على تغطية فشله في كل المناحي بالمزيد من الضغط على الشعب وعلى فساده وانهاكه للاقتصاد بالسرقة والاختلاس بالتعويض على حساب الشعب المغلوب على أمره .. في استمرار وبقاء النظام استمرار لحالة الأسى والأذى والضغط والجوع والغلاء وضياع كامل للوطن ..
الحل الوحيد يكمن في اسقاط النظام بثورة شعبية تطيح به وتحمي الشعب والوطن من الضياع ..
وحسبنا الله ونعم الوكيل
[email][email protected][/email]