الحكومة ذات الشامة

بشفافية

الحكومة ذات الشامة

حيدر المكاشفي

لا أعرف كم مرة تردد مصطلح ( الحكومة ذات القاعدة العريضة )، ولكن ما أذكره أن آخر مرة ترددت فيها العبارة كانت والبلاد على بُعد خطوة من انتخابات أبريل الماضي التي بدا المؤتمر الوطني واثقاً من اكتساحها قبل أن تبدأ، الآن وبعد مضي ثمانية أشهر تتجدد الدعوة أيضاً لـ( الحكومة ذات القاعدة العريضة )، الأمر الذي يجعل من هذه الدعوة وكأنها (موّال ) يتم ترديده عند كل ( منعطف ) وطني، وتنتهي الدعوة بتجاوز ( المنعطف )، وهكذا دواليك، انتظاراً لمنعطف جديد، دون أن تتشكل لا حكومة ذات قاعدة عريضة، ولا حكومة ذات تمثيل واسع، في رواية، ولا شاملة ولا ائتلافية و لا تحالفية في روايات أخرى، ولك أن تعد ما شئت من أشكال التشكيلات الحكومية، فقط نستثني منها الحكومة القومية التي كلما سمعها الصقور تحسسوا مخالبهم وانقضوا عليها انقضاض النسر على العصفور، فتذهب الدعوة إليها جفاء ولا تمكث في الارض سوى الحكومة ( ذات الشامة )، لا تتزحزح قيد أنملة، وحكومة ذات الشامة معروفة بسيماها التي لا تتغير حتي بفعل السنون، تماماً مثل شامة المحبوبة التي عناها شاعرنا الكبير طيب الله ثراه اسماعيل حسن في أغنيته الشهيرة التي صدح بها الفنان الكبير محمد وردي وتقول بعض أبياتها ( وحاتك إنتي وحاة الشامة، الشامة الفوق خدك باقيالك دليل وعلامة، تزين حسنك بهجة تزيدو وسامة، وحياة أجمل ريد في الكون يا ـ حكومة ـ آسف يا حمامة ) ولهذا وبالتجربة والخبرة لن نتوقع جديداً من الدعوة الجديدة للحكومة ذات القاعدة العريضة، بل نستطيع المراهنة بأنها لا تعدو أن تكون ( دعوة مراكبية ) في محاولة لتبرئة الذمة مثل كل مرة وستستمر الحكومة القائمة بذاتها وشخوصها ورموزها وسياساتها وبرامجها المعتادة منها والمعروفة عنها، ستظل هي هي بلا تغيير يذكر، ربما فقط يطالها تغيير طفيف في بعض الشخصيات التي قد تُستبدل بأخرى، أو تبادل البعض لمواقعهم الحالية وعلى الدنيا السلام وللمحظيين المسرة.
الدعوة للحكومة ذات القاعدة العريضة، هي في حقيقتها دعوة ( مدغمسة ) للحكومة ذات الشامة على طريقة اسمعي وإياك أعني يا جارة، تُذكر الحكومة العريضة بينما الهدف الحقيقي هو بقاء واستمرار الاوضاع الحالية بطريقة(استكرادية)، هذا إن لم تتوغل اكثر باتجاه الاستفراد والفردانية والذاتية والانانية الحزبية، فهي دعوة تضاهي دعوة أحد ( المستهبلين ) لسائق التاكسي، وتقول النكتة ان هذا المستهبل بعد أن ملّ الجلوس على المقهى ولم يجد احداً يفضفض معه ويحكي له همومه، خرج إلى الشارع واستوقف أول صاحب تكس مرّ به، قال له ( فاضي يا معلم ) قال السائق ( أيوا فاضي )، قال المستهبل ( طيب ياخي ما تنزل تقعد معاي شوية على القهوة ) .. فتأمل ..، هذا بالضبط ما تستبطنه الدعوة إلى الحكومة ذات القاعدة العريضة، تدعو المعارضة للالتحاق بركبها لمساعدتها في تنفيذ برنامجها الحزبي، حكومة يقودها المؤتمر الوطني وينفذ من خلالها رؤاه وبرامجه الخاصة ولا يكون للاخرين دور فيها إلا كدور ( كرت اللفقة ) في لعبة الكنكان، أما الحكومة القومية فلن تقوم إلا على برنامج قومي يتم التوافق عليه وآلية قومية لتنفيذ هذا البرنامج بحيث يخلع كل حزب عن جسمه ثوب الحزبية الضيق ليتوشح بدثار القومية الواسع وهذا ما لا تريده ( الانقاذ )، فهل يريد الآخرون أن يلعبوا دور الإمعة و ( الاضينة )، لا أعتقد إلا لمن هانت عليه نفسه، ومن يهن يسهل الهوان عليه …

الصحافة

تعليق واحد

  1. قاعدة عريضة ..! وهل هناك قاعدة اعرض من قاعدة المؤتمر الوطني التي مكنته من الفوز الكاسح في الانتخابات السابقة , وحقق ما لم تحققه اي حكومة سابقة في تاريخ السودان؟
    قاعدة عريضة..!! وماذا نسمي هذه القاعدة التي يحتفي بها نافع ويصرح بان السبيل الوحيد للمشاركة في السلطة هو عبر التفويض الشعبي والذي صار بموجبه المؤتمر الوطني هو صاحب الحق الوحيد والاصيل في احتكار السلطة؟
    اذن نحتاج الي من يفسر لنا دعوة الرئيس عندما نقرأها مع تصريحات نافع وغيره من عتاة المؤتمر الوطني المستمسكين بالسلطة!
    ولكنها الحقيقة التي يفر منها نافع … حكومة المؤتمر الوطني ليست ذات قاعدة عريضة وان ادعت ما ادعت بشأن الانتخابات الاخيرة والتي لم تعد مكان خلاف حول بطلانها الا عند المؤتمر الوطني واصحابه. ولكن تبقى مسألة المشاركة في عرس المؤتمر الوطني بانفصال السودان وتدشين المرحلة الجديدة وهي مرحلة السودان المفصول والمحاصر من جيرانه هي الهدف وليس اتساع قاعدة المشاركة بصورة حقيقية , لان هذه تتطلب المشاركة الحقيقية وليست المشاركة في الزفة ….. وطالما ظل نافع والمجموعة موجودين فاليلحس كل من يتوهم مثل هذه المشاركة كوعه لخمس سنوات قابلة للتجديد مرات ومرات

  2. دعوة غريبة فعلا ولكن اعتقد الغرض منها امتصاص حماسة المعارضة ووأد اية محاولة وطنية لحفظ كيان الوطن من التقسيم الشيء الذي يضر كثيرا بفكرة الدولة الاسلامية الكبري النقية عرقيا ودينيا فاذا كان هنالك تيار ينادي بوحدة الوطن وتنوعه فهو غير مرحب به والعلاج هو محاولة احتواء هذا التيار ثم التخلص منه فيما بعد بعد ان يكون قد فقد كل قوته وقد فطن البعض لذك ورفضوا الدعوة

  3. لو أن المؤتمر الوثنى وقادته كانو على قناعة بأنهم جاءوا بديمقراطيه حره ونزيهه وأن الشعب إختارهم عن إيمان وإقتناع لما إحتاجوا للدعوة لحكومة ذات قاعده عريضه ,, إنهم فى قرارة أنفسهم يعلمون إنهم أقليه لم تكن لتظل فى الحكم لولا أنها وضعت يدها على السلطه والمال ولولا أنها حكمت بالكلاكنشوف وبيوت الأشباخ
    ولكنهم جاءوا بديمقراطية قدوقدو التى لم تستطع أن تقنع حتى أمثال المتسلطين أمثال ضار على ضار
    إنهم إلى زوال بإذن الله وسنحاسب إبن سلول وسدنته وكل مجرم نهب أو عذب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..