صديق العمر

سامي النصف

يعرض هذه الايام مسلسل «صديق العمر» الذي يروي العلاقة بين الرئيس جمال عبدالناصر وصديق عمره المشير عبدالحكيم عامر، والاثنان للمعلومة من صعيد مصر، حيث حكمت القيم والثقافة السائدة هناك علاقتهما ببعض، كما حكمت علاقة مصر التي تولوا زمام امورها بالعالم الخارجي فطغت على سبيل المثال على علاقتهما الشخصية قضية «المرجلة» وعيب التخلي عن الآخر مهما أخطأ ودمر، وما اكثر ما دمر المشير وما اكثر ما غفر عبدالناصر.

***

اما مع العالم الخارجي فقد سادت سياسة «العند» الشديد والمكابرة حتى وصل الامر بمصر في بعض الحقب الى العداء للمعسكرين السوفييتي والاميركي على حد سواء، كما امتد العداء الى جميع الانظمة العربية والاسلامية في المنطقة، لا فرق في ذلك العداء بين دولة ثورية او ملكية، فقد تسبب العند وروح «الثأر» وعدم نسيان العداء السائدة جنوب مصر بالتأثير المباشر على سلوكيات وقرارات الاثنين، وقد استغل ذلك من قبل اعدائهما خير استغلال، فيكفي ان يعير الاثنان من راديو دمشق آنذاك بمرور العلم الاسرائيلي من مضائق تيران حتى يطلب المشير ويستجيب عبدالناصر لإغلاق المضائق وطرد القوات الدولية دون ان تملك مصر ذلك الحق كونها قد قبلت به ووقعت عليه كشرط لانسحاب اسرائيل من سيناء عقب حرب السويس 56.

***

وقد تسبب تفشي نظريات التآمر الدائمة على مصرـ وهي نظرية مدمرة تبناها ستالين وهتلر حيث توجد خلف كل شجرة مؤامرةـ الى تقديم عبدالناصر «اهل الثقة» كحال عامر على «اهل الكفاءة» مما تسبب في الاخفاقات والكوارث المتلاحقة، وما لم يقله مسلسل «صديق العمر» هو ان هناك سببين رئيسيين للانفصال، اولهما تسلط ضباط المشير وإذلالهم للضباط السوريين والثاني محاولة تطبيق القوانين الاشتراكية والتأميم على سورية.

***

وسبق للسودان ان انفصلت عن مصر منتصف الخمسينيات بسب تسليم ملفها لضابط متسلط يدعى صلاح سالم ورفع حكومة عبدالناصر لشعار «مد السيادة المصرية على السودان» بدلا من تعزيز فكرة «الاتحاد المصري – السوداني» سواء بسواء كما هو الحال ابان الملكية، وفيما بعد تسبب تسلط عسكر المشير في اليمن بعد عام 62 في مهازل لا يمكن ان تقبل بها اي دولة ذات سيادة، فقد ألقي مجلس قيادة الثورة اليمني الزائر لمصر بأكمله في سجون القاهرة، كما دخل ذات مرة د.عبدالرحمن البيضاني على الرئيس عبدالناصر وهو رئيس لوزراء اليمن فخرج وهو سفير لمصر في بيروت.

آخر محطة: 1- احدى الاكاذيب التي سوّق لها وزير الداخلية السوري آنذاك عبدالحميد السراج (لا يزال حيا يعيش في مصر) ان احد الملوك العرب قد دفع له الملايين لتخريب الوحدة المصرية – السورية، إلا ان الحقيقة تظهر الكذب التام لذلك الادعاء حيث شهد من حضر لقاء عبدالناصر بذلك الملك اعتزاره له عن تلك الكذبة الشنعاء.

2- وفي تلك الحقبة خطط السراج (السلطان الاحمر) للقيام بثورة على نظام عبدالكريم قاسم عام 59 بقيادة الشواف لاستبداله بنظام يقبل الانضمام الى الوحدة المصرية – السورية كي تبدأ عملية تحرير فلسطين من قبل الدول الثلاث، الا ان مفتي فلسطين امين الحسيني علم من احد مصادره بذلك السر فباعه بمليون ليرة لسفارة قاسم في بيروت كما يروي السفير نجيب الصائغ في مذكراته وفشلت الثورة لعلم قاسم المسبق بها.

3- وضمن تلك الحقبة اشعل السراج فتيل الحرب الاهلية في لبنان كي يضمها الى دولة الوحدة وارسل كمية اسلحة ضخمة محملة على ظهور الحمير للقوى «الوطنية» اللبنانية وكان في رفقتها ضباط سوريون والصحافي المصري جميل عارف فقامت الطائرات اللبنانية بضرب الحمير وتقديم شكوى للامم المتحدة اعطيت يومين لمناقشتها. يقول عارف ان الاسلحة استبدلت بشعير ومنتجات غذائية وتم تصويرها وإرسالها على الفور الى نيويورك، لذا ما ان تقدم مندوب لبنان بشكواه حتى قدم مندوب الجمهورية العربية المتحدة صور الحمير النافقة وحمولتها من الشعير وكانت ليلة ليلاء على المندوب اللبناني.

“الأنباء” الكويتية

تعليق واحد

  1. اقتباس: وسبق للسودان ان انفصلت عن مصر منتصف الخمسينيات بسب تسليم ملفها لضابط متسلط يدعى صلاح سالم ورفع حكومة عبدالناصر لشعار «مد السيادة المصرية على السودان» بدلا من تعزيز فكرة «الاتحاد المصري – السوداني» سواء بسواء كما هو الحال ابان الملكية
    . -انتهى الاقتباس

    العلاقات المصرية السودانية ظلت عبر العصور قائمة على الاستخفاف بالسودان والابتزاز والحرص على المصالح الضيقة للمصريين? هسة استفدنا شنو من بناء السد العالي؟؟??? وإذا كان هناك من يراهن على مصر السيسي?تدعمه لإزالة نظام الإخوان المسلمين في السودان وعبر فضائياتهم المازومة انه يراهن على سراب بقيعة يحسبه الظمان ماء..

    سيستمر مسلسل الابتزاز للنظام والسعي نحو المصالح المصرية الضيقة لان التغيير في مصر لم يتم أصلا.. نفس الدولة العميقة التي أسسها عبد الناصر 1952 الدولة المركزية الفاسدة والفاشلة والفاشية دولة الراعي والرعية والريع والرعاع تعاقب عليها السادات ثم حسني مبارك ثم مرسي ثم السيسي..

    وهذه الدولة العميقة الشوفينية عمرها ما احترمت السودان ولا السودانيين والنخبة المصرية وإدمان الفشل لازالت تتظنى ان السودان بقعة جغرافية تقع جنوب خط 22 وبدا تاريخ السودان بي مصر الخديوية وغزو محمد علي باشا ?التركي? للسودان سنة 1821 والخلافة العثمانية وما ادارك ما الخلافة العثمانية.

    هذا هو الوعي السائد في مصر ويعلنونه نهارا جهارا في فضائياتهم وصحفهم.. وعمرها مصر لم تخدم قضية الديموقراطية في السودان..ومنذ استقلالنا 1956 لسبب بسيط ?فاقد الشيء لا يعطيه??وكراهيتنا للإخوان المسلمين لا تعمي بصرنا وبصائرنا عن رؤية حقيقية لمستقبل السودان والعلاقات المصرية السودانية وفق رؤية استراتيجية حقيقية وليس أهواء أهل الحكم المتقلبة?

    ولذلك راهنت على دولة المؤسسات والسيد حمدين صباحي- من اجل رفاهية الشعبين ولم يفلح الرهان

  2. يا متخلف السودان لم يكن جزء من مصر حتى ينفصل بل كان تحت الإحتلال المصري الإنجليزي ، اقرأ التاريخ و أفهم ثم أكتب أيها الغبي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..