مقالات سياسية

إنهم يكررون نفس الخطأ القاتل

رشح في الأخبار أن المعارض عبد الواحد محمد نور قابل د.حمدوك في باريس بصفته الشخصية وليس كرئيس للوزراء وللأسف أخطأ د.حمدوك حين قبل بذلك مثلما أخطأ السيد الصادق المهدي عندما قابل د.جون قرنق في أديس أبابا ليس كرئيس وزراء بل كرئيس لحزب الأمة.. ومعلوم أن جون قرنق لم يعترف بشرعية انتفاضة أبريل وقال أن الانتفاضة (مايو تو) وكأني بلسان عبد الواحد يقول (الإنقاذ تو) حين لم يعترف بشرعية رئاسة الوزارة لحمدوك ويقول أنه يقابله مقابلة شخصية!!..

أن استمرار قرنق في وضع الشروط التعجيزية والاستمرار في محاربة الشرعية الديمقراطية والجيش السوداني أن استغلت الحركة الإسلامية خوف المواطن السوداني من تدهور الأمن وانفراطه بتمرد الحركة الشعبية واحتلالها لمدن الجنوب وتطلعها لمدن الشمال حيث وجدت الدعم الخارجي من أثيوبيا الديكتاتور منغستو هايلي مريام وغيره فكانت النتيجة أن الشعب السودان لم يقاوم انقلاب الإنقاذ بل يعلم الجميع ترحيبه بها قبل أن يعرف الحقيقة كاملة أو يلقي الظلم والاستبداد من نظامه.

أكثر ما أخشاه أن يتكرر ما حدث عقب انتفاضة 1985 بسلوك الجبهة الثورية والحركات المسلحة التي تضع الشروط المسبقة للدخول في العملية السلمية.. قد يكون مقبولا أن تطلب هذه الحركات إطلاق سراح جميع المعتقلين أو المسجونين الذين اشتركوا في عمليات عسكرية ضد النظام السابق. ومقبول أيضا ألا يتعرض قادتها ومنسوبوها إلى أي تصرف ضدهم حال عودتهم للبلاد مثلما فعلت الأحزاب الشمالية لقائد الانفصال غوردون مورتاد في مؤتمر المائدة المستديرة حول الجنوب عام 1965 الذي ألقى خطابه في المؤتمر وطالب بالانفصال ثم سمح له بالعودة للغابة سالما.

ومقبول أن تطالب الحركات المسلحة بتكريس الحريات العامة وحقوق الإنسان وقضايا المرأة إضافة إلى استقلال القضاء والجامعات والتقسيم العادل للسلطة والثروة والوضع الإداري السليم للأقاليم المتضررة بالحرب والكوارث وقضايا الأراضي والحواكير والترتيبات اللازمة والمحفزة لعودة النازحين واللاجئين وقضايا التعويضات وجبر الضرر والعدالة والمساءلة والمصالحات.. ولكن غير مقبول إطلاقا أن يطالب البعض بما يسمى تقرير المصير أو تحقيق كل المطالب فورا قبل العودة ووضع السلاح.

هذه القضايا بعضها قد نفذ بالفعل مثل الحريات العامة والاهتمام بالمرأة واستقلال القضاء أما بقية القضايا فلا يمكن تنفيذها في أسابيع ولا أشهر ولا حتى عام أو عامين بل تحتاج إلى فترة أطول. ويحتاج لعودة وبناء الثقة وتضافر جهود الجميع حكومة وحركات ومعارضة بل تحتاج إلى أموال كثيرة من خلال الموازنة العامة السنوية ودعم المانحين.

إن إصرار الحركات المسلحة في وضع وتنفيذ جميع الشروط أولا دون العودة والانخراط في الحوار والمشاركة في صناعة السياسات هو نهج سيضر بهم وبالبلاد كثيرا بل سيستمر ذلك النزيف البشري وفي الموارد فيتضرر منه إنسان الهامش، والأوفق أن يتغير هذا النهج إلى نهج أكثر حكمة وواقعية ولديهم الانتخابات القادمة.

إن العمل العسكري ضد الشرعية لن يؤدي إلى خير كما ثبت أنه من المستحيل هزيمة القوات المسلحة فقد جربت جميع القوى المسلحة هذا النهج وما فشل كل العمليات العسكرية المعارضة إلا أوضحُ مثال.. بل وقعت تلك القوى في دوامة دفع الفواتير لمن كان يدعمها الأمر الذي أربك الحكم وكرس عدم الاستقرار واستقلال القرار الوطني، فليحذر الجميع..

التيار

‫3 تعليقات

  1. كلام في الصميم. لا فض فوك أستاذ محجوب. واضح من ردود أفعال بعض الحركات المسلحة أنها لا زالت تتصرف بعقلية انتهازية وسوف تسعى لاستغلال مناخ الحرية لفرض شروط ليست بالضرورة في مصلحة الوطن. لا بد من الاستعانة بخبرات قانونية وعسكرية تجيد التعامل مع مثل هذه الملفات وأن تكون مصلحة السودان فوق كل اعتبار.

  2. التقى الصادق المهدى بالمرحوم جون قرنق فى أديس أبابا بصفته رئيسا للوزراء وتحدث اليه كرئيس للوزراء ولم ينكر جون قرنق ذلك أما مايو 2 فكانت اشارة للمجلس الغسكرى فى الفترة الانتقالية ولعل الاخ محجوب من أدرى الناس بالاعيب تلك الفترة,
    أرجو عدم خلط الأمور ،لم يكن الشعب السودانى خائفا يرتعد ورحب بانقلاب الأنقاذ ،بل كان كل الشعب السودانى ما عدا (الفئة الباغية) قد رحب بمبادرة السلام السودانية فى نوفمبر 1988 والتى ويا للعجب(ساهم نظام الديكتاتور منقستو هايلامريم فى ابراهمها) ورحبت بها كل الكيانات والأحزاب السياسية فى السودان (مت عدا الفئة الباغية)، فكانت نؤامرتها الدنيئة ضد الديمقراطية وأسمت ذلك (انقاذ السودان من اتفاق الميرغنى ظقرنقظبطرس غالى واحيل الكاتب الى كتابهم (الأنقاذ فى عام)ز
    واخيرا حول لقاء حمدوك وعبدالواحد فانما هذا ما قاله عبدالواحد من جانبه ولم يرد فى اى مقام آخر ولعل عبدالواحد انما اراد ان (يكبر كومو) ويهدىء قاعدته بعد ان التزم بعدم الاجتماع مع اى من هذه الحكومة ولكن عندما صدر له الأمر جاء صاغرا.
    ثم حاشية ليتنا تفاوضنا مع اخوتنا فى الجنوب فور وقوع احداث توريت واستمعنا الى ظلاماتهم بدلا عن الانفعال العاطفى الذى أعمى البصر والصيرة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..