مقالات وآراء

بأي حال عدت ياعيد ؟؟؟

عبدالدين سلامه 

لأول مرة منذ استقلال بلادنا ، تمر الذكرى دون احتفال ، ولأول مرة يخيّم الحزن علينا في هذه الذكرى التى توحدت حولها كل تبايناتنا ، وشباب الثورة يجب أن ينظموا صفوفهم بعيدا عن أية تدخلات حزبية ، اللهم إلا في حالة الحاجة لاستشارة بحكم الخبرة ، وإن كانت خبرة الأحزاب السياسية تعاني من معضلات عديدة كشفتها مختلف الفترات التي تقلّبت بين مدنية وعسكر ، فالأحزاب بكل أسف لم تقدم تاريخا مقنعا والحكومات العسكرية على مدار التاريخ لم تمنح الحكومات المدنية فرصة لإثبات محاسن الحكم المدني ، وقادة ومفكرو الأحزاب يعانون جفاءا بين الواقعين التنظيري والواقعي العملي ، وأداء القوى السياسية في الديمقراطيات الثلاث لم يكن مقنعا ، ولم يتم تحقيق أية إنجازات فيه بعكس الحكومات العسكرية التي أتاح لها طول الحكم فرص للتعمير ولو على حساب أجيال قادمة .
مايحدث الآن في بلادنا يجب أن نحرص رغم اختلافنا على أن لايزلقها نحو حرب أهلية وتقسيم ، وأن لايجرّها لفوضى تقضي على ماتبقى من أخضر ويابس ، ولن يتأتى ذلك حال ظللنا على تمترسنا الرافض لكل حوار فبدون الحوار لن تحل مشكلة ، والحوار مطلوب ويقف دونه من ينفذون سياسات تريد الدفع بنا إلى أتون الفصل السابع وإباحة بلادنا أمام مزيد من الاستعمار والتّردّي والفوضى .
القضية ليست قضية شخصيات ، ولكنها قضية وطن يجب أن لايضيع بأيدي أبناءه ، وعلى الفئات الحاكمة التعامل مع الأمر بمنطقية وحكمة فالتاريخ لايرحم ، وسيل مزيد من الدماء أمر لايطاق ، فمانزفه السودان من دماء منذ اندلاع الثورة كفيل بتغيير قارة لادولة فحسب ودولة القانون لاتعترف بتأليه الأشخاص والمسميات ، ولكنها تعترف بمسيرة كل شيء في النور وبكل شفافية .
تكوين المجلس التشريعي من مختلف القوى الفاعلة ، والتجهيز للإنتخابات هو الحل الوحيد ، وخوف القوى السياسية من عودة المؤتمر الوطني للحكم أمر مستغرب يعني أنها لم تستفد من كامل الفترة المنصرمة من عمر الثورة في بناء قواعدها ، ورفضها للإنتخابات أمر مستغرب ، فالوثيقة الدستورية التي تحفّظنا عليها ، والتي صنعتها تلك القوى السياسية وباركتها قوى أخرى ، نصّت على أجل محدد لقيام الإنتخابات ، ولازال في الوقت بقية لمن أراد أن يلحق بالقاطرة ، غير أن السؤال المشروع هو من سيقف على تجهيز ومراقبة الإنتخابات  كوقاية من تداعياتها المحتملة ؟ لأن إجابة هذا السؤال لو لم يتم الاتفاق والتوافق عليها ستخلق إشكالية كبرى ، وأفضل سبل الحل هو تكوين لجنة أو مفوضية انتخابات مستقلة ذات سيادة ورأي ، والنأي بها عن هيمنة أي طرف من الأطراف ، والأفضل أن تتشكل تلك المفوضية من مناديب القوى السياسية خاصة تلك التي يتوقع (خرخرتها) من نتائج الإنتخابات .
الشباب هم النسبة الغالبة في التعداد دون شك ، وشباب اليوم معظمهم ليسوا بعقول شباب الأمس وكثير من المفاهيم اندثرت وما يحدث في الخرطوم ليس هو كل الحقيقة بالرغم من أن نصف سكان السودان يسكنونها بمدنها الثلاث وامتداداتها ، و(لبانة) الحزب الكبير والحزب الصغير لاوجود لها في أدمغتهم ، فهؤلاء يصوتون على برنامج ويتابعون تنفيذه ، وهم قادرون على تنظيم أنفسهم وتقديم برامجهم وخوض الإنتخابات واكتساحها وتنفيذ رؤاهم بأنفسهم على أرض الواقع ، ومعظم القوى السياسية في الساحة تقودها مجالس مسنين تختلف عقليتهم عن عقلية الشباب والحركات المسلحة يحتاج منها بناء السودان الموافقة على تعديلات جوهرية في اتفاق جوبا ، فالاتفاقات التي أبرمت في عهد الثورة كلها تحتاج المراجعة ، والسياسة الخارجية تحتاج المراجعة أيضا ، ويكفينا ما أهدرناه من سنوات ، وتعالوا نبدأ معا في تحقيق شعارات الحرية والسلام والعدالة
وقد بلغت .

‫2 تعليقات

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..