درس الجنوب المستفاد

بعد فشل محادثات سلام الجنوب السابقة التي جرت بأديس أبابا بامتناع سلفا كير عن التوقيع على وثيقة السلام المعدة بواسطة الإيقاد، كانت وسائل الإعلام قد رصدت أرملة الزعيم جون قرنق ربيكا قرنق، وهي تجهش بالبكاء وتذرف الدمع السخين على المآل الذي انتهت إليه المحادثات، ما يعني استمرار حرب تكسير العظام الدائرة بين الطرفين، ومن يومها لم يكف الجنوبيون عن ذرف الدموع ولم ينعم الجنوب بأي استقرار، بل عمه الخراب والقتال والدمار، فتناثرت الجثث وتشتت أهله في البقاع ينشدون النجاة من المحرقة، وسبحان الله أن ينتهي الحال باستقلال الجنوب إلى هذا الدرك الذي يستمطر الدموع والنواح من بعد الأماني العذاب التي بشر بها سياسيو الجنوب ونخبه عامة أهلهم، فإذا بالأفراح والليالي الملاح التي منوهم بها تنقلب إلى نقيضها، وإذا بالدولة الفتية الموعودة يتم وأدها وهي بعد في المهد وليدة، وتصبح ميداناً لصراع الفتوات، وقد صدق من قال إن السياسيين هم الأقل بكاءً والأكثر إبكاءً للناس على مرّ التاريخ، وبالطبع فإن سياسيي الجنوب مثلهم مثل الغلبة الغالبة من سياسيي العالم، منهم من بكى قليلاً ولكنه يبكي الآن الناس كثيراً. إن حال الجنوب المشتعل اليوم يكاد يطابق تماماً مؤدى المقولة الحكيمة التي تقول (من شجرة واحدة يمكننا أن نصنع الملايين من أعواد الثقاب، ولكن بعود ثقاب واحد فقط يمكن أن نحرق ملايين الأشجار)، فبضعة أعواد ثقاب هي ما يشعل النار المشتعلة فيه اليوم، وهي نار الحرب والاقتتال التي نخشى أن تفعل فيه ما تفعله النيران في الهشيم..
إننا والله نشعر بأسف بالغ وألم ممض على ما يجري في الجنوب الآن وما يكابده أهلنا الجنوبيون من معاناة ودمار وموت، فمنذ أن نال الجنوب استقلاله أو إن شئت انفصاله واستقل بدولته، حتى أُغرقت هذه الدولة الوليدة في بحار ومخاضات من الدم بما شهدته وتشهده من معارك شرسة ومذابح كارثية، وسادت أرجاءه الهمجية، ربما أدى هذا المشهد المأساوي لتغيير كثير من القناعات السابقة خاصة في أوساط العامة وغمار الجنوبيين، وهزّ ذلك الاصطفاف العنيد الذي وقف خلف الانفصال حتى تحقق بنسبة عالية جداً، ويكفي أن السواد الأعظم من شعب الجنوب المغلوب على أمره يذرف الآن دمع الدم بكاءً وحسرة على الحال الذي انتهى إليه الاستقلال، بدلاً من دموع الفرح بتحقيق الآمال وبلوغ الطموحات التي علقت عليه، ولكن لأن ما كل ما يتمنى المرء يدركه، وقد تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ها هي سفن الانفصال تأتي بنقيض ما كان مأمولاً فيه، فالدولة لا تقوم ولا تُبنى بمحض أمنيات وأحلام، وهذا هو الدرس المستفاد..
ان مهرالعودة غال ..يضاهي قيمة الوحدة.. هذه الدماء الغزيرة العزيزة التي سالت لن تذهب هدرا ..
مرحبا باخوتنا واهلنا .. شمس العودة تشرق من الجنوب ..ملتقي الغابة والصحراء في المقرن ..
انه السودان الجديد ..
احيانا تحتاج الشعوب لمرارة التجربة .. حتي تعي الحقيقة ..
ان مهرالعودة غال ..يضاهي قيمة الوحدة.. هذه الدماء الغزيرة العزيزة التي سالت لن تذهب هدرا ..
مرحبا باخوتنا واهلنا .. شمس العودة تشرق من الجنوب ..ملتقي الغابة والصحراء في المقرن ..
انه السودان الجديد ..
احيانا تحتاج الشعوب لمرارة التجربة .. حتي تعي الحقيقة ..