متى نخرج من الأوهام العرقية والهوية إلى العلم وحقوق الإنسان

متى نخرج من الأوهام العرقية والهوية إلى العلم وحقوق الإنسان ودولة القانون!.

الهوية الإجتماعية العرقية مثل الدين كهوية غيبية/روحية لا تناقش إذ نقاشها ضرب من الحرث في البحر “ضياع للزمن” كما تخبرنا العلوم الإجتماعية والتجربة الإنسانية.. لن تستطيع إقناع إي شخص بعرق غير عرقه الحقيقي أو المتخيل. لأن إن أقنعته هو لن يقتنع الآخرون!.. ولو اقتنع رجل عربي من الجعليين مثلاً، وهم من المحتمل في الأصل نوبيين بكونه نوبي من كوش فمن غير المستبعد أن يسميه النوبيين الأصيلين بالعربي المكشكش “من كوش” ومكشكش في الدارجة السودانية تعني أيضاً مجنون، إذن المحصلة صفر!.

هناك حقيقة مهمة جداً أن: الهوية الإجتماعية لا تناقش كون نقاشها مضلل، فهي حق مثلها وبقية الحقوق العامة، لا يجب أن تغالط شخص في هويته مهما رأيته زائف، هذا وهم مركب من عدة طبقات.. ثم من “أنت؟”.
الهوية التي وجب أن نتفق عليها جميعاً في هذا الإعتقاد هي: هوية “الدولة” أي الهوية القانونية فحسب.. الدولة كصيغة للعيش السلمي المشترك.

هويات الناس الإجتماعية حق غير قابل للغلاط.. من قال هو أفريقي زنجي فهو حقه ومن قال أصله قبطي فهو حقه ومن قال بأنه عربي قح فهو حقه “مجرد أمثلة” ولا يهم الحقيقة من الوهم.. الهوية حق غير قابل للغلاط!.

قضايا العنصرية والإستعلاء العرقي “الفجة” لا تحل بنكران الأصول الحقيقية أو المتوهمة للبشر بل عبر الأطر القانونية الصرفة وليس بالمغالطات ونظريات الصدمة، تلك آليات بائسة، لن تنجح هنا، بل ستؤدي كما هو الواقع إلى ردة أفعال عكسية متبادلة يستغلها المستغلون لأن الواقع لا يسمع إلا حيثياته!.

يعني ماذا “شنو” أن تأتي لتقول أنا عرقي نضيف وأصلي أبيض أو عربي أصلي والآخرين تافهين؟. إذن انت مجرد عنصري حقير بائس حياتك معتمدة على صدفة بايلوجية!.؟ ماذا يعني ذلك للحضارة الأنسانية والبشرية أن تفخر بجسدك ودمك؟.. لا شي، ذلك هو المنطق من منطلق حقوق الإنسان المعاصرة وبل المنطق كله!.

ثم، العكس ماذا يضيف لنا أن يقول لنا آخر من ضفة أخرى أن: العرب في الجزيرة العربية لا يعترفون بعرب السودان وأننا إذن كلنا زنوج والحمد لله!.. يعني شنو دا؟.. لا شيء.. دي مجرد مكاواة رخيصة لا معنى لها، لان طز في عرب الخليج وعرب الكرة الأرضية كلهم عليهم اللعنة الفاشلين في الدنيا والآخرة.. ذلك أقرب رد!.. هذا حوار بائس وتعيش ومتخلف.. وهذا هو الحوار الجاري في قروبات ومنابر التواصل الإجتماعي هذه الايام وأيام عديدة .. يا لبؤس مثل هذا الحوار “الجدل التافه العقيم”!.

النقاش كغلاط حول الأعراق مثل جدل كرة القدم “ريال مدريد برشلونة وهلال مريخ”.. لن يفيد.. جدل سوفسطائي سيراوح مكانه إلى الأبد.. بلا أي نتيجة واقعية.. الواقع اليومي يشهد بذلك وقروبات ومنابر التواصل الإجتماعي خير دليل.. لا أحد اقنع الآخر ولا نتيجة ملموسة.
النقاش العلمي وجب أن يكون حول القانون والحقوق الإقتصادية والسياسية والثقافية.. غير ذلك كله ضياع للزمن وتضليل متبادل.. وربما ونسة ناس “فايقة وما عندها شغلة”!.

هل نؤسس مجتمعنا ودولتنا على أسس علمية؟!. ام نعيش في هذه الأوهام والمجادلات العقيمة إلى الأبد!.

عندنا مشروع السودان200 إحدى الحلول المطروحة.. أقرب إلينا من حبل الوريد أو إن شئنا.. علينا أن نؤسس مجتمعنا ودولتنا على العلم والعلمي وحقوق الإنسان ونترك الأوهام الوهمية الهلامية من جنس العرق والهوية.. العالم يتقدم ولن ينتظرنا ونحن نعيش في قعر التاريخ.. هناك دائماً حلول وأفاق مشرعة لأصحاب الأفق القويم!.

محمد جمال الدين
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. اتفق معك في مقالك والرقي والفهم والوعي يقول يفترض أن نتحدث كسودانيين من باب الوطنيه ولكن مادام حكمت الانظمه ومازالت تحكم بعقلية العروبه والنظره الاستعلائيه للعرق الآخر علا وهو العرق الزنجي الأفريقي سيظل العرقيه حاضره إلى زوال النظام وتبنى دولة مؤسسات وتحدث عداله ومساواة وقتها ستزول العرقيه والمفاهيم العنصريه

  2. اتفق معك في مقالك والرقي والفهم والوعي يقول يفترض أن نتحدث كسودانيين من باب الوطنيه ولكن مادام حكمت الانظمه ومازالت تحكم بعقلية العروبه والنظره الاستعلائيه للعرق الآخر علا وهو العرق الزنجي الأفريقي سيظل العرقيه حاضره إلى زوال النظام وتبنى دولة مؤسسات وتحدث عداله ومساواة وقتها ستزول العرقيه والمفاهيم العنصريه

  3. هذا من أجمل ما قرأنا في زمن الانحطاط، زمن الهندي والرزيقي. فشكراً لك أيها الكاتب الفطن على إثارة هذا الموضوع الحيوي الثر.

    تشير الإحصاءات إلى أن القليل من دول العامل هو الذي يتمتع بتجانس ثقافي وعرقي وديني، وأن التنوع هو سنة الله في الكون.

    وقد كان الاعتقاد أن هذا التنوع سيزول بانصهار كل الأعراق والثقافات في بوتقة واحدة، مشكلةً إنساناً جديداً. وكان اليهودي الأمريكي إسراءيل زانجويل هو أول من تحدث عن ظهور “السوبر مان الأمريكي” الذي يتكون من الهجين الأوروبي المهاجر إلى أميركا. ولكن سرعان ما تبين خطل هذا التصور حيث حافظت كل مجموعة على سماتها، كما ظل السود بعيدين كل البعد عن الاندماج في هذا المجمتع العنصري.

    لقد كان البديل لنظرية بوتقة الانصهار هو نظرية الوحدة من خلال التنوع Unity in Diversity أو نظرية التنوع الثقافي Cultural Pluralism حيث أصبح ينظر للاختلافات الثقافية والإثنية داخل الدولة الواحدة كشيء طبيعي وأصبح السؤال هو كيفية إدارة هذا التنوع بما يكفل حقوق المواطن ووحدة الدولة في نفس الوقت.

    وبالطبع فإننا نتفق مع الكاتب المحترم في إنه لكل سوداني الحق في أن يتصور هويته: هل هو عربي، هل هو أفريقي أم هو بين هذا وذاك. ولكن يصبح السؤال ما هي الهوية الكلية للدولة السودانية؟

    إن الدولة ليست أداة محايدة كما يشير كارك ماركس بل هي أداة في يد الفئة المهيمنة. وفي حال السودان فقد سيطر قوم مستعربون على الدولة وحاولوا فرض هويتهم المتخيلة على بقية المجموعات، فكان رد الفعل ظهور الحركة الشعبية وبقية حركات الهامش التي رفضت هذا الهيمنة الأحادية.

    ويعكس تصريح الرئيس البشير من ولاية القضارف عشية انفصال الجنوب وفي حضرة وزير الخارجية القطري الخاتم بن محمود، يعكس هذا التصريح الوهم الإسلاموعروبي عند الرئيس الذي صرح بأن “شريعة الدغمسة” قد انقضي زمانها وأن الشريعة الحقيقة سيتم تطبيقها في السودان. وهذا التصريح يبين العقلية التي يفكر بها الرئيس، حيث اعتبر أن السودان قد أصبح إسلامياً عربياً بانفصال الجنوب.

    إن السودان في حاجة لقد اجتماعي جديد New Social Contract بعد كنس النظام الحالي الذي مزق النسيج الاجتماعي. حيث يجب الاعتراف بكل المكونات الثقاقية والإثنية للأمة السودانية، ويجب اتخاذ النظام الفيدرالي بما يسمح لكل المكونات التعبير عن نفسها، مع المحافظة على الدولة السودانية من التمزق والاندثار.

  4. هذا من أجمل ما قرأنا في زمن الانحطاط، زمن الهندي والرزيقي. فشكراً لك أيها الكاتب الفطن على إثارة هذا الموضوع الحيوي الثر.

    تشير الإحصاءات إلى أن القليل من دول العامل هو الذي يتمتع بتجانس ثقافي وعرقي وديني، وأن التنوع هو سنة الله في الكون.

    وقد كان الاعتقاد أن هذا التنوع سيزول بانصهار كل الأعراق والثقافات في بوتقة واحدة، مشكلةً إنساناً جديداً. وكان اليهودي الأمريكي إسراءيل زانجويل هو أول من تحدث عن ظهور “السوبر مان الأمريكي” الذي يتكون من الهجين الأوروبي المهاجر إلى أميركا. ولكن سرعان ما تبين خطل هذا التصور حيث حافظت كل مجموعة على سماتها، كما ظل السود بعيدين كل البعد عن الاندماج في هذا المجمتع العنصري.

    لقد كان البديل لنظرية بوتقة الانصهار هو نظرية الوحدة من خلال التنوع Unity in Diversity أو نظرية التنوع الثقافي Cultural Pluralism حيث أصبح ينظر للاختلافات الثقافية والإثنية داخل الدولة الواحدة كشيء طبيعي وأصبح السؤال هو كيفية إدارة هذا التنوع بما يكفل حقوق المواطن ووحدة الدولة في نفس الوقت.

    وبالطبع فإننا نتفق مع الكاتب المحترم في إنه لكل سوداني الحق في أن يتصور هويته: هل هو عربي، هل هو أفريقي أم هو بين هذا وذاك. ولكن يصبح السؤال ما هي الهوية الكلية للدولة السودانية؟

    إن الدولة ليست أداة محايدة كما يشير كارك ماركس بل هي أداة في يد الفئة المهيمنة. وفي حال السودان فقد سيطر قوم مستعربون على الدولة وحاولوا فرض هويتهم المتخيلة على بقية المجموعات، فكان رد الفعل ظهور الحركة الشعبية وبقية حركات الهامش التي رفضت هذا الهيمنة الأحادية.

    ويعكس تصريح الرئيس البشير من ولاية القضارف عشية انفصال الجنوب وفي حضرة وزير الخارجية القطري الخاتم بن محمود، يعكس هذا التصريح الوهم الإسلاموعروبي عند الرئيس الذي صرح بأن “شريعة الدغمسة” قد انقضي زمانها وأن الشريعة الحقيقة سيتم تطبيقها في السودان. وهذا التصريح يبين العقلية التي يفكر بها الرئيس، حيث اعتبر أن السودان قد أصبح إسلامياً عربياً بانفصال الجنوب.

    إن السودان في حاجة لقد اجتماعي جديد New Social Contract بعد كنس النظام الحالي الذي مزق النسيج الاجتماعي. حيث يجب الاعتراف بكل المكونات الثقاقية والإثنية للأمة السودانية، ويجب اتخاذ النظام الفيدرالي بما يسمح لكل المكونات التعبير عن نفسها، مع المحافظة على الدولة السودانية من التمزق والاندثار.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..