بانتظار رفعها في الثاني عشر من أكتوبر المقبل العقوبات الاقتصادية.. قطاعات الأعمال في انتظار الفرص الاستثمارية

الخرطوم: عاصم إسماعيل
تترقب قطاعات الشعب السوداني الثاني عشر من أكتوبر المقبل الموعد المقرر بشأن رفع العقوبات أو استمرارها بعد أن قرر الرئيس أوباما رفع العقوبات التجارية والاقتصادية المفروضة على الخرطوم جزئياً منذ عامي 1997 و2006، ما سمح بعودة التحويلات المصرفية بين البلدين واستئناف التبادل التجاري.
قبل أن يمدد سلفه الأمريكي ترامب فترة مراجعة الأوضاع بالسودان عقب انقضاء المهلة في 11 يوليو الماضي ثلاثة شهور أخرى ينتهي أجلها في الحادي عشر من أكتوبر المقبل.
وتزور الخرطوم هذه الأيام وفود أمريكية لتقييم الأوضاع قبل أسابيع من الموعد المحتمل فيه رفع العقوبات الأمريكية عن السودان ركزت خلالها على تقييم المسارات الخمس وما حققته الحكومة السودانية.
ولكن الخبراء أجمعوا على أهمية أن تضع الدولة كافة الاحتياطات اللازمة في حال عدم رفع الحظر لجهة أنه سيرجع بالاقتصاد الوطني إلى المربع الأول بل سوف يكون أثره أشد وأعنف وأكثر قسوة على جميع شرائح المجتمع، بل سوف يزيد من الخناق خاصة فيما يتعلق بالنقد الأجنبي وزيادة التضخم وتدهور الصحة والتعليم بالبلاد.
في وقت أكدوا فيه على أن مرحلة ما بعد رفع الحظر خطوة فعلية في اتجاه بناء منظومة اقتصادية قوية ذات انفتاح تجاري وتكامل اقتصادي إقليمي ودولي خاصة وأن هناك حراكاً اقتصادياً كبيرًا حدث عقب رفع الجزئي للعقوبات، مما سينعكس بالإيجاب تدريجيًا على حركة رؤوس الأموال بالبلاد، وطالبوا الدولة بوضع خطة واضحة المعالم للاستفادة من تدفقات النقد الأجنبي سواء كان من المغتربين وتحفيزهم وتهيئة مناخ الاستثمار لتشجيع الاستثمار الكبير خاصة وأنها لم تستفد من فترة الـ6 أشهر الأولى.
بالرغم من استصعاب القائم بالأعمال الأميركي في الخرطوم ستيفن كوتسيس التنبؤ بالقرار الذي ستصدره بلاده بشأن العقوبات المفروضة على السودان إلا أنه أشار إلى أنه “سيبنى على ما تم تحقيقه على أرض الواقع”.
ولكن بياناً أصدره فريق الأمم المتحدة في وقت سابق أكد التطلع إلى قرار إيجابي عقب التحسن الملحوظ في إتاحة وصول المساعدات الإنسانية نتيجة لتحسن التعاون بين حكومة السودان والجهات الفاعلة الإنسانية”.
وأضاف البيان أنّ تنقيح موجهات وإجراءات العمل الإنساني الصادرة عن حكومة السودان في ديسمبر(كانون أول) 2016 أتاح بدوره تحسين مدى ونوعية وصول المساعدات الإنسانية”.
وأوضح البيان أنّ “الأشهر الأخيرة شهدت عمل وكالات الأمم المتحدة وشركائها بشكل متزايد في المناطق التي كان يتعذر الوصول إليها في السابق، لإجراء تقييم للاحتياجات، وتقديم المساعدات الإنسانية. “وقال إن أبرز المناطق التي شهدت زيادة في إتاحة الوصول إليها تشمل أجزاء من منطقة جبل مرة في دارفور، والتي تعذّر الوصول إليها من قبل الجهات الفاعلة الإنسانية في السنوات الـ 7 الماضية”.
الخبير الاقتصادي هيثم محمد فتحي قال إن مرحلة ما بعد رفع الحظر خطوة فعلية في اتجاه بناء منظومة اقتصادية قوية ذات انفتاح تجاري وتكامل اقتصادي إقليمي ودولي. فالناظر لحال الوضع الاقتصادي السوداني يجد أن هناك حراكاً اقتصاديًا كبيرًا حدث بعد رفع الحظر الأمريكي الجزئي مباشرة .
وأضاف: دون شك رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان يعزز من الثقة في الاقتصاد السوداني تدريجياً وهو ما سينعكس بالإيجاب تدريجياً على حركة رؤوس الأموال بالبلاد حيث ستتفادى الشركات المحلية أو الأجنبية على حد سواء العديد من الصعوبات التي واجهتها في السنوات الماضية، على رأسها تقييد التعامل مع البنوك العالمية، لاسيما البنوك الأمريكية ومن شأنه انسياب المعاملات المالية والبنكية من الخارج، ويضاعف من تدفقات رؤوس أموال الشركات الأجنبية بالسوق السودانية مستقبلاً التي يتطلع عدد منها في العامين الماضيين خاصة الروسية والصينية إلى زيادة استثماراتها بالقطاع الزراعي والتعدين بالبلاد.
وأشار فتحي إلى أن إدارة الرئيس ترامب لم تذكر اسم السودان سلباً أو إيجاباً، واعتبر ذلك مؤشراً لتغير الرؤية الأمريكية تجاه السودان، وخطوة مدروسة نحو تمهيد رفع العقوبات نهائياً عن السودان وحذفه من قائمة الإرهاب لمواقف الحكومة وخطواتها الجادة في تحقيق السلام والأمن والاستقرار الداخلي، وما بذلته من جهود حثيثة لإنجاح عملية الحوار الوطني مع الحركات المسلحة والقوى السياسية المعارضة.
ولم تفقد الخرطوم حتى الآن الأمل في رفع العقوبات برغم ظهور بعض اللوبيات المؤثرة في القرار الأمريكي لجهة أن دولاً كثيرة قد تكون نصيرتها كدول الخليج إلا أن بعض المراقبين يرون أن على الخرطوم بذل مزيد من الجهد لكسب رضاء الذين يقفون على الرصيف بمجلس الأمن والأمم المتحدة وليس الدول العربية وحدها برغم خصوصية القرار وأحاديته الأمريكية.
يتفق كثيرون أن السودان أوفى بنسبة كبيرة في الاشتراطات الخمسة للحظر الأمريكي وبذل جهداً كبيراً جداً في العديد من الملفات التي تأتي في ظل التعاون المشترك مع الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا خاصة القضايا التي تعنى بالسياسات الأمنية على رأسها مكافحة الهجرة غير الشرعية لدول أوروبا.
أيضاً السودان أوفى بمتطلبات رفع الحظر ولا زال مستمراً في كل السياسات التي تطلبتها فترة السماح خاصة ملفات الإرهاب ومحاربة الإتجار بالبشر وبعض المتعلقات بالرقابة المصرفية الذي حقق فيها تقدماً ملحوظاً.
الخبير الاقتصادي محمد الناير قال: برغم بعض الإشارات السالبة في الفترة الماضية، إلا أنه يتوقع أن يتم رفع الحظر كلياً على الاقتصاد السوداني مع الإبقاء على اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب والإتجار بالبشر، بيد أنه عاد وقال إن جميع الاحتمالات واردة في ظل تفاوت النسب.
وطالب الحكومة باستخدام الأسلحة المتاحة لديها في حال صدور قرار سلبي باتخاذ قرارات فورية تلغي التزاماته الكاملة بقضية التعاون مع أمريكا والاتحاد الأوربي في مسالة مكافحة الهجرة غير الشرعية وغيرها من الملفات التي تعتبر مهمة جدًا تعاون فيها السودان تعاوناً كاملاً.
وأضاف: يجب ألا يتحمل السودان أعباء موازنات إضافية وأن يلوح بهذا الأمر مما يجعل توقع القرار يكون إيجابياً قياساً على ما سوف يحدث من زيارة لمبعوث حقوق الإنسان للسودان من قبل، بجانب التقارير التي رفعت إلى (CIA) وعدد من مجموعات الضغط من داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال: في حال لم يتم رفع العقوبات وجاء القرار سالباً يجب أن يتم الاحتياط بشكل مختلف بالاتجاه إلى دول أخرى مثل روسيا والصين لتفعيل تعاملاته بصورة كبيرة مع تركيا والبرازيل والهند، إضافة إلى المنطقة العربية. وطالب بتوازن في تعاملاته الخارجية في حال رفع العقوبات وألا يتم حصر البلد نحو الغرب فقط وإنما يتجه نحو أصدقاء الأمس.
بيان صادرعن شبكة المنظمات الطوعية “غير حكومية” حول العقوبات الاقتصادية الأحادية قال: مهما كان قرار الإدارة الأمريكية سواء برفع العقوبات أوالإبقاء عليها فإن الأمم المتحدة تجمع على تجريم وتحريم فرضها على أي دولة لما لها من آثاروصفتها بالقاتلة على الشعوب والأمم في عدد من المجالات الاقتصادية والسياسية وغيرها.
ووصف البيان شروط الإدارة الأمريكية لرفع العقوبات “الشروط الخمسة” بأنها تمثل في حد ذاتها عقوبات وليست شروطاً للأزمة لفرض عقوبات اقتصادية على البلاد من الأساس، وقال إن هذه الشروط لم تكن سبباً في فرض العقوبات، ولم تنشأ قبل ذلك، وأرجع أسباب فرضها لتوجهات السياسة الأمريكية وجماعات الضغط المعادية للسودان بشكل دائم.
وأكد البيان على أن شبكة المنظمات الوطنية تطالب بالرفع الكلي للعقوبات والتدابير الأحادية دون قيد أو شرط مع اتخاذ التدابير اللازمة لتعويض الشعب السوداني عن الأضرار والأثار التي لحقت به بسبب فرض الحصار الاقتصادي لمدة فاقت العشرين عاماً.
ونشطت خلال الأيام الماضية لقاءات جمعت بين القطاع الخاص السوداني والأمريكي إبان زيارة وفود لرجال الأعمال الأمريكيين الخرطوم، وقال حسب الرسول محمد حمد نائب رئيس الغرفة القومية للمستوردين السودانيين إن القطاع يترقب قراراً إيجابياً برفع العقوبات بشكل نهائي، وقال: “إذا كانت القضية وفقاً لمطلوبات محددة فإن السودان أوفى بكل التزاماته المطلوبة”.
وأوضح أن القطاع الخاص يعتبر الأكثر تضررًا خاصة فيما يلي علاقاته مع القطاع الخاص الخارجي، وفي عمليات التحويلات المصرفية وحرمان القطاعات الإنتاجية في مجالاتها المختلفة من التكنلوجيا والتقانات الحديثة ومدخلات وآليات ومعدات الإنتاج المتطورة، مما أسهم في تواضع وتدهور العملية الإنتاجية.
وتطرق حسب الرسول إلى دور القطاع الخاص خلال الفترة الماضية لرفع العقوبات وتواصله مع القطاع الخاص الأمريكي والسفارة الأمريكية بالخرطوم والأجهزة المختصة بالولايات المتحدة الأمريكية .
وكان القطاع الخاص قد اجتمع بعدد من الوفود لرجال الأعمال بالولايات المتحدة ولقاءاتهم مع الأجهزة المختصة والشركات الأمريكية. هذه اللقاءات أوضحت تضرر تلك الشركات من تلك العقوبات من خلال فقدانها للعديد من الفرص الاستثمارية بالسودان طوال أكثر من (20) سنة.
واتفق الطرفان على أن هنالك توجهاً جديداً لكل الأطراف بالبلدين يضمن للأطراف المتضررة من العقوبات عدم فقدان تلك الفرص الاستثمارية التي ما زالت قائمة بالسودان في ظل رغبة الشركات الأمريكية للاستفادة من تلك الفرص المتاحة وفى مجالات مختلفة.
رئيس الغرفة القومية للمصدرين السودانيين وجدي ميرغني قال: نتطلع لقرار إيجابي يقضى برفع نهائي للعقوبات. ولكنه قال إن القطاع الخاص هو صاحب المصلحة الحقيقية لرفعها لتأثيرها بصورة مباشرة على نشاطاته في قطاعات الأعمال المختلفة.
وأجرى اتحاد عام أصحاب العمل في فترات سابقة سلسلة من الحوارات مع السفارة الأمريكية بالخرطوم واللقاء بالوفود الرسمية الأمريكية من ممثلي مكتب الأوفاك ومسؤولي مكتب المبعوث الأمريكي والمستشار بالإدارة القانونية بالخارجية الأمريكية والتي توجت باستقبال وفد من الكونغرس بحضور عدد من رجال الأعمال إلى جانب التواصل والحراك على مستوى القطاع الخاص من خلال لقاءات مشتركة مع مؤسسات القطاع الخاص الأمريكي وتوسيع الشراكة مع غرفة التجارة العربية الأمريكية والأفريقية الأمريكية.
وانعقدت أول جلسة عمل في مارس الماضي بالغرفة العربية الأمريكية حول فرص الاستثمار في السودان بحضور ومشاركة عدد من رجال الأعمال إلى جانب إعلان السودان مستفيداً من برنامج إئتمان الصادرات الأمريكية التي تعتبر إضافة كبيرة تشكل تفاؤلاً لمستقبل أفضل للتعاون الاقتصادي والتجاري بين السودان والولايات المتحدة الأمريكية.
الصيحة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..