مِصر تُرد المُستجير!

قبل شهور مضت ، عقب زيارة عمر البشير إلي القاهرة في مارس 2018م ، نشرت بعض القروبات بوسائل التواصل الاجتماعي ” فيسبوك و واتساب ” لائحة بإسماء عدد من النشطاء السياسيين وكوادر حزبية وصحفيين معارضين للحكومة السودانية ، مكتوب علي هذه القائمة : الحكومة السودانية تطالب السلطات المصرية بتسليمها هؤلاء المطلوبين ، ولما ضج الخبر في السوشيال ميديا ، وحدث به حراك كبير ، خرجت صديقتي الصحفية العزيزة ” أسماء الحسيني ” وكتبت مقالاً رائعاً بعنوان ( مصر لا تُرد المستجير ) ، دافعت عن هؤلاء المطلوبين .. المقالة تم نشرها علي صحيفة الأهرام المصرية ، وأعاد نشرها مرة أخري صحيفة حريات السودانية المناوئة للحكومة السودانية وعدد من الصحف الإلكترونية السودانية المعارضة ، كدلالة علي أعجابهم بها .
في هذه المقالة، قدمت أسماء الحسيني، نبذة تاريخية عن إيواء مصر للمستجيرين واللاجئين ، وأكدت إن مصر أوي إليها الأنبياء و الملوك والرؤساء والأمراء، وأضافت : مصر أحتضنت الثوار و المفكرين وعامة الناس ، حتي كرمها الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه بقوله ( أدخلوا مصر إنشاء الله أمنيين ) ، وقالت : لا يوجد أحد خارج مصر أو داخلها يتجرأ علي هذه السنة ، فهذا عهد وضمانة رفعت معها الأقلام وجفت الصحف فقد خلقت أرض الكنانة لهذا ، وتم تشريفها في القرأن بذلك ، وأكدت أسماء الحسيني : إن مصر أرض الكنانة كانت ومازالت وستبقي ، ملاذاً للجميع ، فالحفاظ علي العهد الرباني ” أدخلوا مصر إنشاء الله أمنيين ” هو واجب مقدس يتجاوز المناورات والأجندات السياسية ، وهو تشريف من عند الله لمصر يجب عدم المساس أو التفريط فيه مهما تكون المواقف ، وقالت إن إجارة أشقائنا من السودان وغير السودان هو واجب وإلتزام يجب ألا تتخلي مصر عنه مهما تكن الظروف والمعطيات ، ثم راحت ضربت مثال بإيواء شاه إيران الذي رفضته دول كثيرة أن يستجير بها ، طافت طائرته عدة دول ، في الأخر إستقبلته مصر وأوته بإرضها .
ولما أرسل لي أحد الأصدقاء المعارضين للحكومة السودانية ويتخذ من القاهرة ملاذاً أمن له ولأسرته ، قلت له : يا زول ، ده كلام أسماء الحسيني ، ورأيها الشخصي ، وهي لا تمثل بالطبع الحكومة المصرية ، أسماء تكتب ماتشاء ، والحكومة المصرية تفعل ماتشاء ، فلا تملاء بهذا الكلام بطنك وتضع فيه بطيخة صيفي ، ثم أكدتُ له بأن هناك تقارب بين الحكومتين المصرية والسودانية ، في عدة مجالات ، وضربتُ له مثال بتقييد نشاط المعارضة السودانية بالقاهرة . وقلت له : يا زول ، الناس ديل بمارسوا سياسة ، والسياسة مبنية علي المصالح المشتركة ، عادي ممكن الحكومة المصرية تطرد كل المعارضين للحكومة السودانية من القاهرة ، مقابل مصلحتها .
_ لا أعتقد .
هكذا جاء رده .
عزيزي القارئ الكريم :
أكتب لك هذا الحديث ، بمناسبة منع الأمام الصادق المهدي من دخول مصر ، التي لجأ إليها مستجيراً ، وباحثاً عن ملاذ أمن له ، لكن الحكومة المصرية ردته من حيث أتي ، رفضت تمنحه حق الإيواء ، نقضت العهد الربانية الذي قال ( أدخلوا مصر إنشاء الله أمنيين ) ، وتخلت عن الواجب المقدس تحت ضغط المناورات والأجندات السياسية ، مصر التي إستقبلت المفكرين والثوار والملوك والأمراء كما قالت اسماء الحسيني ، هاهي تمنع رئيس وزراء السودان الذي أنقلب عليه عمر البشير في 30يونيو 1989، هاهي تمنع زعيم حزب سياسي له جمهوره ، هاهي تطرد رئيس قوي نداء السودان ، نداء السودان الذي يضم في جعبتها عدد من الأحزاب والحركات المعارضة للحكومة السودانية ، مصر التي كانت تلعب دوراً محورياً في الشأن السوداني من باب الجيران ، والتي أبرم فيها التجمع الديمقراطي إتفاقية القاهرة عام 2005م ، هاهي تعرقل نشاط المعارضة السودانية بأراضيها ، مصر التي أحتضنت إجتماعات ترسيم الحدود بين دولة السودان وجنوب السودان ، هاهي الان باتت غير أمنة بالنسبة للمعارضة السودانية ، مصر التي كانت صاحبة المبادرة المصرية الليبية بخصوص الصراع في السودان ، هاهي تمنحنا وجهاً أخر ، ( هل هذه هي مصر التي نعرفها عن ظهر قلب ؟! ) .
إن إنحياز حكومة مصر لحكومة البشير ، يعد أمر غير موفق إطلاقاً ولا مقبول ، خاصة إنها تعلم من هي حكومة البشير وسياساتها ضد مصر ، وقد قلنا لهم من قبل إن الخطورة الحقيقية التي تهدد الأمن القومي المصري يأتيها من الجنوب ، من نظام الخرطوم وليست من المعارضة ، إن حكومة البشير هي حكومة أهل الشر ، جاءت بالشر ، وتعمل علي نشر الشر ، وتدعم الشر إينما وجد وكيفما إتفق ، وينبغي علي الحكومة المصرية ألا تضع يدها في يد حكومة أهل الشر ، إنها منبوذة من قبل الشعب السوداني ، حكومة منافقة ، حاقدة لا تؤمن بحق الجار الجُنب ولا البعيد ، علي الحكومة المصرية تعلم أن الحكومات سوف تغور وتذهب ، وتفضل الشعوب قائمة إلي يوم الدين . فالتعامل مع الحكومات يجب أن تكون بمقياس مدي قبول هذه الحكومة لدي شعوبها ، وليس أفراد وكفي .!
#تاق إلي صديقتي العزيزة : أسماء الحسيني ،
مصر ردت المُستجير .
أ/ ضحية سرير توتو/ القاهرة .
اخي / الاية الكريمة تكتب هكذا (أدخلوا مصر ان شاء الله آمنين)
كلام ممتاز ومقال جميل
اخي / الاية الكريمة تكتب هكذا (أدخلوا مصر ان شاء الله آمنين)
كلام ممتاز ومقال جميل