
بين أن يطالب المدينة وهدير المايكروفونات، تحاصر الفاشر اليوم مرتين: مرة بالرصاص، وأخرى بالكلمات. ففي مشهد تتداخل فيه الجبهات مع، تتمحور المدينة العسكرية المنكوبة إلى “رمز” تُعلّق عليه الشعارات
ووصف فيه الفلسفة السياسية، في حين تُدفن فيه الحقيقة تحت ركام التضليل.
لم تعد سريعة الفاشر مجرد مدينة تحاصرها قوات الدعم، بل تحاصرها أيضا آلة إعلامية توزّع صكوك الوطنية وتوزّع تشنات “الخيانة” بكل صوت وتدعو إلى تقليص ما بقي من الأرواح.
في هذا المقال، نحلل كيف أبرزت قضية تبرز قضية إنسانية لسياسة سياسية، ونقف على مواقف إعلامية من مناصري الجيش، ونفكك تأريخ التخوين كأداة للقمع الرمزي وسط الخراب.
الفاشر، إذن، ليس مجرد خبر عاجل… بل مرآة لخيبة المشروع الوطني عندما تُصدره ويخرسه الشعارات.
في الوقت الذي تحاصر فيه حرب نيران مدينة الفاشر، وتهدد ما تعيشه من مدينتها وروحها، يصطف الإعلام البولندي على الضفتين ليسيطر على الإنسانية الإنسانية إلى مساعدة مادة لصراع السلطة. لم تعد الفاشر مجرد مدينة منكوبة
بل تحوّلت إلى ساحة اختبار سياسية وأخلاقية للخطاب الإعلامي، لا سيما داخل معسكر مناصري الجيش.
الفاشر ليست “معركة” بل مدينة تصرخ
بعيدًا عن لغة البيانات والخرائط، يعيش في الفاشر أكثر من 800 ألف إنسان، نصفهم نازحون من الحروب السابقة. كل شارع فيها ليس جبهة، بل مسرح حياة: سوق، مدرسة، مستشفى، بئر ماء. لكن في خطاب الإعلام الموازي الربيعي
تُخْتزل المدينة بكلمة واحدة: “الثغر اختيارًا”، كما تتوفر بوابة تكتيكية لا روح فيها.
هنا تبدأ إشكالية ارتفاع: تم تصوير الفاشر حيث يعتبر رمزا للصمود العسكري، لعدم صرخة مدنية ستغاث بها. وتم تحميلها فوق طاقتها الرمزية،كوكب أن بوقف القتال صارت خيانة.
الإعلام في قسم سؤال الولاء للتسامح الأخلاق
تجلّت براءات الحيوانات في تنوعها ولا يوجد عدد من الإعلاميين المحسوبين على معسكر الجيش، ممن اختاروا من المنابر مساحةً لترويج “الانتصارات” وتخوين الأصوات الناقدة.
لوحات إعلامية مثل الحدث وسودان بوست تبنوا جريمة لا تعتمد على رواية ميداني، بل على نقل مباشر لرواية الأجهزة الأمنية، بصور أرشيفية ومصادر “حصرية” مجهولة.
أصوات مسجلة على تيارات “الوعي السيادي”، كوجدي كامل والزين عثمان، غلفوا خطاباتهم بكلمات كبيرة: “الكرامة، الشرف، الدفاع عن الدولة”، دون أن يسألوا: ما الدولة إن دُمّرت المدينة؟
بعض الشباب، مثل محمد البدوي وعادل محجوب، حاولوا توصيل شحنة أكثر من البطارية، وتم القبض عليهم لهجوم شرس من جيوش الكترونية لا تقبل بأي صوت خارج نغمة “الصمود المطلق”.
المفارقة أن الإعلاميين الذين يكتسبون السيادة، يتجاهلون أن السيادة تبدأ من حماية المقاطعات، ولا تسيطر على السيطرة على المنطقة. وأن الدفاع عن الدولة لا يُختزل في الآلات، بل يبدأ بوقف المذابح.
التخوين كسلاح عسكري: حين يُراد للدم أن يُخرس الضمير
يدعو كل صوت اليوم إلى إطلاق النار، أو عادي بإنقاذ المستشفيات، أو يشير إلى مجازر يتحدث في معسكرات النازحين، ويوصف بأنه “مطبل للدعم السريع”، أو “متتخذل أمام مليشيا”.
هذا النوع من التخوين السياسي لا لتوقع الحقيقة، بل يذبح فكرة الانتماء المدني للوطن. كيف يمكن أن يتعافى عندما يكون هناك جريمة، والراخ على الجثث والكلث موقفًا مشبوهًا؟
سؤال الحياد في الإعلام المستقل؟
وسط ضجيج ماديسون والمنصات، يغيب بالضبط صوت الإعلام المستقل أو المدني. لا قنوات ميدانية ترصد الأوضاع، لا بيانات ضغط خالص من صحف أو اتحادات إعلامية. تُترك الفاشر لتُستهلك كرمز، وتغتال كمدينة.
بل إن بعض الشبكات التي تحمل اسم “الإعلام المدني” تسيطر على الذات، أو تتجنب الفاشر خشية الاصطدام بسقف السلطة العسكرية التي لا تحتمل النقد.
الفاشر ليست مختبرة للولاء… بلجر الضمير
أن طالب بوقف القتال في الفاشر لا يعني أنك فلوريدا مع طرف طرف، بل أنك فلوريدا مع الإنسان ضد الموت. أن يُنقذ الأطفال ليس انهيازًا، بل انتماء.
في هذه اللحظة الفارقة، تتقاطع الفاشر مع مستقبل السودان- هل نختار أن تكون إعلامًا يُطبل للرصاص، أم منابر تصرخ لأجل الحياة؟
هل تكون الفاشر مناسبًا لمراجعة الخطاب والسياسة اليمنية؟ أم تظل، كما يريدها أعضاء، صورة على “بوستر و” في معركة بلا نهاية؟ .




في الفاشر استرخصوا البشر إلى أدنى درجة لا لشئ إلا لأنهم اوغاد سفلة إلى أدنى درجة